حال الكويت

«رائد النهضة»... أسّس التنظيم الإداري وقاد الحركات العلمية والأدبية

  • «رائد النهضة»... أسّس التنظيم الإداري وقاد الحركات العلمية والأدبية 1/3
  • «رائد النهضة»... أسّس التنظيم الإداري وقاد الحركات العلمية والأدبية 2/3
  • «رائد النهضة»... أسّس التنظيم الإداري وقاد الحركات العلمية والأدبية 3/3

كتب ناصر المحيسن - الكويت في الجمعة 14 نوفمبر 2025 01:55 صباحاً - تصل «الراي» إلى الحلقة الأخيرة من حلقات كتاب «الشيخ أحمد الجابر الصباح... نشأته وأحداث عهده وإنجازاته» للمؤلف علي غلوم الرئيس، الذي يُقدّم صورة شاملة عن الحياة في الكويت، خلال حكم الشيخ أحمد الجابر الصباح، حاكم الكويت العاشر، مدعومة بالوثائق والصور التي تنشر للمرة الأولى.

وتتطرّق الحلقة الأخيرة من الكتاب إلى عصر الشيخ أحمد الجابر، الذي يُعد عهد التنظيم الإداري للدولة، ففيه تم إنشاء الدوائر الحكومية المختلفة التي كانت بمثابة الوزارات في المصطلح الحديث، كانت البداية بالترقي في المحاكم والبلدية (1930)، والمعارف والصحة (1936)، والمالية والأمن العام والشرطة (1938)، والأشغال العامة (1945)، والأوقاف (1948) والأيتام (1949).

الهيئة العامة لشؤون الزراعة

وفي عهده، تعدّدت المدارس النظامية وتنوعت، وأصبح التعليم مجانياً، وبدأت تباشير النفط وإيراداته، فتنامى العمران، وتحسنت أسواق المدينة، كما تم في عهده الاهتمام بصحة المواطنين واستقدام الأطباء والممرضين المختصين، وأنشئ «المستشفى الأميري» الذي كان أول مستشفى حكومي على مستوى يضارع المستشفيات العالمية في خدماته وتجهيزاته الطبية.

وفي عهده تم تأسيس عدد من الشركات المساهمة التي كان لها أثرها في خدمة المجتمع وتطوره، من مثل دخول الخدمة الكهربائية من خلال شركة كهرباء الكويت، فتمتع الأهالي بميزات الخدمات الكهربائية لأول مرة، وأنيرت الأسواق والطرق، ويسرت السبل أمام كثير من الأعمال. وشهد عهده إنشاء عدد من الدوائر الحكومية.

دائرة المحاكم

يقول الشيخ عبدالله الجابر، في لقائه مع الأستاذ يوسف شهاب: بدايتي مع المحاكم كانت حوالي عام 1928، وصرت أجمع معها البلدية في آن واحد (نشأة البلدية كانت في 1930)، وأذكر كنت أجلس بالصفاة على الأرض في الصباح للنظر في قضايا الغوص وأهل البادية. وفي المساء كنت أجلس في مقهى أبو ناشي للنظر في قضايا التجارة والبحارة حول معاملات الغوص وغيرها

يقول الشيخ عبدالله النوري: كان النظام السائد في فصل القضايا بين الناس وحل مشاكلهم أن يعين الأمير شخصاً من آل صباح شخصاً للقضاء الشرعي، وكان القضاء الشرعي محصوراً في بيت العدساني، وكان آخر قاض منهم المرحوم الشيخ عبدالله خالد العدساني، الذي توفي في أول رمضان سنة 1348هـ (الموافق 30 يناير 1930م) في السنة التاسعة من حكم المرحوم الشيخ أحمد الجابر، وإلى جانب القاضي الشرعي يُعين الأمير شخصاً من العائلة الحاكمة لحل المشاكل الداخلية، وهذا كان يتولى القضاء الشرعي، وهذان الشخصان لا يعزلهما أحد حتى ولو مات الأمير الذي عينهما، ولا يتركان الوظيفة إلّا بموت أو استقالة.

دائرة البلدية

كان مقال الشيخ يوسف بن عيسى، حول أهمية البلدية الذي نشرته في مجلة الكويت بعنوان «البلدية في البحرين والحكم الشرعي»، خطوة أولى، تلتها الخطوة الثانية، وهي طرح الموضوع على الشيخ أحمد الجابر، حاكم الكويت وعلى صديقه الشيخ عبدالله السالم الصباح، ولي العهد آنذاك.

وبعد أن طرحت الفكرة على الشيخ أحمد الجابر، اقتنع بها، ووافق على إنشاء بلدية تأخذ على عاتقها مسؤولية النهوض بالكويت صحياً واجتماعياً، وتتمتع بشخصية مدنية يكون لها من التملك حق التعاقد، وتمارس صلاحياتها ومهامها بواسطة مجلس منتخب يرعى مصالح المواطنين ويتألف من اثني عشر عضواً ورئيساً، كما نصت على ذلك المادة الأولى من قانون البلدية الصادر في 9 شوال 1350هـ الموافق 16 فبراير 1932م. وقد بدأ إنشاء بلدية الكويت في 14 ذي القعدة 1348هـ الموافق 13 أبريل 1930م.

دائرة المعارف

كان همّ الشيخ أحمد الجابر الصباح، دفع عجلة التعليم إلى الأمام وتطويره، وعند توليه الحكم عام 1921 طلب إلى الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، تطوير المدرسة المباركية.

يقول الشيخ يوسف بن عيسى: لما تولى الحكم المرحوم الشيخ أحمد الجابر، طلب إليَّ إصلاح المدرسة المباركية، وكانت إذ ذاك يعلم فيها تجويد القرآن ومبادئ القراءة والكتابة والحساب والفقه، فوافقته على ما أراد، فقال لي تذاكر معهم بالذي تريد في منهج التعليم، فعرضت عليهم إدخال العلوم المصرية، واللغة الانكليزية فلم يوافقوا، فكرهت إعادة الشقاق بيني وبينهم، ولهذا أعرضت عن المباركية، وتذاكرت مع بعض وجهاء الجماعة في محل السيد خلف النقيب فأشار علينا المرحوم عبدالعزيز الرشيد، بأن نترك المباركية على ما هي عليه، ونشرع في تأسيس مدرسة تجري على ما نريده، فاستحسن الحاضرون ما أشار به، ثم تقدم المرحوم حمد الصقر وتبرع بألف روبية سنوياً، وتبرع الباقون كل واحد منهم بـ250 روبية، وهم أحمد الحميضي ومرزوق الداود وأحمد الفهد ومشعان الخضير والسيد عبدالرحمن النقيب وأنا. ثم أخبرنا حاكم الكويت (الشيخ أحمد الجابر) فتبرع بـ2000 روبية سنوياً.

دائرة الصحة العامة

تأسست دائرة الصحة العامة عام 1936 وكان أول عمل قامت به افتتاح أول مستوصف حكومي مجاني بالكويت، وكان يعمل فيه طبيب واحد، وصيدلي واحد.

وفي أواخر الثلاثينات من القرن الماضي، تم التفكير في إنشاء مستشفى حكومي يستوعب حاجة البلاد، ويكون على المستوى المأمول من حيث الخدمات الصحية المتقدمة والأجهزة الحديثة وما إلى ذلك من الأمور التي تتصف بها المستشفيات في البلاد المتقدمة.

وفي عام 1941م توقف هذا المقترح في مجلس الشورى، واتخذ القرار بإنشاء المستشفى، لكن قيام الحرب العالمية الثانية عطّل العمل في بنائه، ولم يكتمل إلا بعد انتهاء الحرب، حيث افتتح في عام 1947م، وكان يضم في ذلك الوقت 45 سريراً، وغرفاً للعمليات، ومختبراً مجهزاً بأحدث الأجهزة، بالإضافة إلى الصيدلية.

ولقد تفضل سمو الأمير الشيخ أحمد الجابر بافتتاح المستشفى في أكتوبر 1949م، حيث طاف بأقسامه المختلفة، وتفقد مختلف مرافقه، وأعجب بجودة إنشائه وحسن تنسيقه.

دائرة الأمن العام

في العشرين من شهر شوال 1357 هـ الموافق 12 ديسمبر 1938م، أمر الشيخ أحمد الجابر، بتأسيس دائرة الأمن العام، برئاسة الشيخ علي بن خليفة بن عبدالله بن صباح الثاني، (وبنائبه الشيخ عبدالله المبارك الصباح)، وأعلن أن مهمتها حفظ الأمن داخل المدينة وخارجها والنظر في قضايا البادية، وكان مقر الإدارة على ساحة الصفاء.

وتأسست لغرض حراسة الحدود، وتتعقب المهربين، وتنظيم السفر. وأقيم أول مبنى لها في ساحة الصفاء، وفي عام 1939م شمل اختصاصها الأمن الداخلي. وألحق بدائرة الأمن العام حامية قوامها 100 جندي (فداوي) - والفداوي رجل يحمل السلاح كجندي غير مقيد بلباس خاص أو زي معين، وكان قائد الحامية الشيخ عبدالله بن أحمد الجابر.

دائرة الأيتام

تأسست دائرة الأيتام في 17 ربيع الأول سنة 1358 هـ الموافق 6 مايو سنة 1939م، لتكون وصية على أموال اليتامى والقاصرين والغائبين من الورثة، ومشرفة على الأوصياء. وكانت بداية تأسيسها من مدير وكاتب فقط وخاضعة للمحكمة.

وبصفتها الوصي الأعلى أو المشرف الأول كانت كافية، لأنها تحد من استغلال بعض الأوصياء وجشعهم، فقد أحسوا بأنه من الممكن أن يحاسبوا في يوم ما حساباً عسيراً، وقد حوسب بعضهم ونزعت منه وصايته وساءت سمعته، وكان هذا العمل إزعاجاً لكثير من الأوصياء سواء كانوا أقارب أو أجانب.

وبعد سنوات أصبحت لدائرة الأيتام الهيمنة على كل وصي، وصارت أموال اليتامى في مأمن من التلف والضياع، وأصبحت دائرة الأيتام تضم عدداً كبيراً من الموظفين.

وأمر سمو الأمير الشيخ أحمد الجابر، منذ بدء تأسيسها أن يكون مصرفها تابعاً لدائرة المحاكم، يؤخذ من مالية الدولة لا من أموال اليتامى.

لقد كان لتأسيس دائرة الأيتام ذكرى طيبة لسمو الشيخ أحمد الجابر وحسنة من حسناته الكثيرة، فإنه كما حفظ الأمانة أمر بحفظها. إنها نواة خير بذرها في الشعب الذي أحبه وأخلص له فذكره الشعب ودعا له.

شركة السيارات الكويتية

يذكر الشيخ عبدالعزيز الرشيد، في تاريخ الكويت، فيقول: لا ندري بماذا تميز عصر الأمير الجليل (أبو) الحركات العلمية والأدبية، وقد علمت منها ما علمت. ولكني سأنبئك بأمر تغتبط به كما اغتبطت به عموم الكويتيين، وعدّوه انقلاباً عظيماً في حياتهم، ومن أعظم حسنات الأمير الجليل التي انفرد بها تسهيله طريق المواصلات بين الكويت والبصرة والزبير. حيث منح امتياز تسيير السيارات البرية في ذلك الطريق لصاحب السعادة الحر الغيور السيد حامد بك النقيب، رجل الهمة والعمل والجد والنشاط.

مطار في الكويت

كانت الطائرات العسكرية تنزل في الكويت منذ عام 1920 بعد حرب الجهراء، وعام 1928 بعد حرب الرقعي. وفي 29 يوليو 1929 هبط السيد عبدالرحمن القصيبي، إلى مدينة الكويت على ظهر طيارة آتية من مصر خارج السور قرب بوابة الشعب حيث كانت تهبط الطائرات.

وفي الثامن عشر من أكتوبر عام 1932، شهدت الكويت يوماً تاريخياً من تاريخ رحلات الطيران التجارية، حيث احتشد جمهور كبير من المواطنين يتقدمهم الأمير الشيخ أحمد الجابر، مع أعيان الكويت والمعتمد الإنكليزي، في انتظار أول رحلة جوية آتية من لندن في طريقها إلى كراتشي، تجمع الحشد قبل موعد وصول الطائرة من البصرة بساعة أو أكثر، لتحمل مسافرين من الكويت، وذلك في مهبط عبارة عن ساحة رملية تقع خلف بوابة الشعب التي تعرف ببوابة البريعصي.

شركة الكهرباء المحدودة

كانت الكويت تعاني الظلام، خصوصاً في الأسواق التي كانت الإنارة فيها بالوسائل البدائية، وكانت خافتة وإضاءتها محدودة، وكان الاعتماد على الكنديري وسراج «زهيو» واستخدم اللوكس في ما بعد وهي تعتمد على الزيوت والكاز.

وكانت الكهرباء فقط في قصر السيف الذي يعتمد على مولد كهربائي تم تشغيله في عهد الشيخ مبارك الصباح، فكانت رغبة الشيخ أحمد الجابر تزويد بلده وشعبه بالكهرباء، وعليه منح سمو الأمير حق امتياز لشركة عراقية تعود لأحمد حمدي ملا حسين، وسعود العبدالعزيز الصالح وعبدالرزاق الشيخلي لتشغيل الكهرباء في الكويت عبر مولدات، وقد عين شقيق السيد أحمد حمدي ملا حسين مدير للشركة، والشركة باسم (شركة كهربائية الكويت المحدودة).

وتم الافتتاح في احتفال رسمي بعد ظهر يوم الخميس 14 ديسمبر 1933، حيث احتفلت شركة تنوير الكويت بالكهرباء بافتتاح مركز توليد الكهرباء رسمياً وتنوير المدينة بأنوارها الساطعة.

امتياز شركة النفط المحدودة

عقدت اتفاقية امتياز شركة نفط الكويت المحدودة، في 23 ديسمبر من سنة 1934، ما بين صاحب السمو الشيخ أحمد الجابر الصباح، عملاً بما له من السلطة كحاكم الكويت بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن ورثته وحلفائه الذين بيدهم الآن أو سيستلمون معهم مقاليد الأمور وإدارة حكومة إمارة الكويت، وشركة نفط الكويت المحدودة، وهي شركة مسجلة في بريطانيا العظمى بموجب قانون الشركات لسنة 1929، وحلفائها ومن يقوم مقامها.

وبدأ الموظفون البريطانيون في شركة نفط الكويت بالوصول إلى الكويت في أواخر السنة (1935).

وأتبعت نشاطات الاستكشاف الأولية للشركة توصيات وردت في تقرير قدمه خبير لشركة نفط الكويت في ربيع سنة 1935، ويحمل تاريخ 1 يونيو (حزيران). وقد أوصى بالحفر بادئ الأمر في بحرة، لافتاً إلى وجوب إجراء مسح جيوفيزيائي آنذاك في المنطقة جنوب جون الكويت. وأوصى كاتب التقرير بتنفيذ الحفر الإضافي في المعدنيات وبرقان، أياً كانت نتائج الحفر التجريبي في بحرة.

أول جواز سفر كويتي

في عام 1948، طلب أمير الكويت (الشيخ أحمد الجابر الصباح) من الشيخ عبدالله (الشيخ عبدالله المبارك الصباح) الإعداد لإنشاء إدارة تتولى شؤون الجوازات والجنسية كإدارة ملحقة بالأمن العام، تتولى مهام الإشراف على تأشيرات الدخول والإقامة وتسجيل المسافرين

وقد بنت الحكومة داراً على مقربة من مديرية الأمن على طراز هندسي جديد، وافتتحت البناية الجديدة لإدارة الأمن والجوازات، وأنيطت بالشيخ عبدالله المبارك، واستغرق الإعداد مدة عام، وتم افتتاحها رسمياً في أول يناير عام 1949، واختار الشيخ عبدالله المبارك، هاني قدومي الفلسطيني ليكون مساعده في هذه الإدارة، وصدر أول جواز سفر كويتي، وطلب الشيخ عبدالله من قدومي أن يُعد جوازاً باسم يوسف أحمد الغانم وأن يعطيه رقم 300، على أساس أن تخصص الأرقام من 1 إلى 299 لأعضاء أسرة الصباح.

Advertisements

قد تقرأ أيضا