الذكاء الاصطناعي... هل يصلح لوضع الاختبارات وتصحيحها؟

كتب ناصر المحيسن - الكويت في الاثنين 20 أكتوبر 2025 12:59 صباحاً - قدّمت بعض المدارس الثانوية في البلاد، وبشكل فردي، مقترحاً لتطوير المناهج الدراسية، بإدخال الذكاء الاصطناعي فيها، لإعداد الاختبارات وتصحيحها، بما يعزز مختلف جوانب التعليم ويجعل العملية التعليمية أكثر تكاملاً ومرونة.

Advertisements

وتشير تجارب هذه المدارس، التي بادرت إلى إدخال هذه التقنية الحديثة ضمن أنشطتها التعليمية، قبل أن تتحول إلى منهج مستقل في مادة الحاسوب للصف العاشر، إلى أن هذه التكنولوجيا ليست مجرد أداة مساعدة، بل يمكن أن تصبح قوة قادرة على خلق تجارب تعليمية مخصصة وجذابة للطلبة.

واستخلصت المدارس أنه مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، من المرجح أن يلعب دوراً متزايد الأهمية في التعليم، بما يساعد على إنشاء نظام تعليمي أكثر فعالية وكفاءة.

لكن هل يصلح الذكاء الاصطناعي ليكون «الممتحن» و«المصحّح» في مدارسنا، بالاعتماد عليه في إعداد الاختبارات المدرسية وتصحيحها بدقة وموضوعية؟

وهل يمكن الرهان على خوارزميات ومعادلات رياضية لتحلّ محل المعلّم في تقييم عقل الطالب ومهارته؟

«الراي» طرحت هذه الأسئلة على عدد من الأكاديميين والخبراء، واستخلصت هذه الرؤى:

خالد الرشيد: سيفرض نفسه... و«التربية» لا تزال في البدايات

- التقنية لم تدرّس أبناءنا ولا أعدّت مناهجهم وأبجديات العملية التعليمية غير متوافرة لديها

وصف أستاذ كلية الهندسة في جامعة الكويت، الدكتور خالد الرشيد، إعداد الاختبارات أو تصحيحها اعتماداً على تقنية الذكاء الاصطناعي بـ«المجازفة»، في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن هذه التقنية «لم تدرّس أبنائي، ولا أعدت مناهجهم الدراسية، وبالتالي فإن أبجديات العملية التعليمية غير متوافرة لديها حالياً».

وقال الرشيد لـ«الراي»: «على الرغم من أنه لا يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن، فإن الأمر مسألة وقت فقط، إذ سيُفرض هذا المجال نفسه في مختلف القطاعات، ومنها التعليم. وفي الكويت، لا تزال وزارة التربية في طور البدايات على صعيد توظيف التكنولوجيا في العملية التعليمية، ما يستلزم خطوات استباقية جادة».

قصي الشطي: لا يُغني عن المُعلّم في تقييم التعبير والمهارات النوعية

- لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل العنصر البشري في العملية التعليمية

- التريث واجب... والاطلاع على تجارب الدول قبل الاعتماد عليه في الاختبارات التعليمية

أكد خبير تكنولوجيا المعلومات المستشار الدكتور قصي الشطي، أنه يجب التريث والاطلاع على تجارب الدول قبل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في المجال التعليمي وإعداد الاختبارات.

وبيّن الشطي لـ«الراي»، أن الذكاء الاصطناعي أداة يمكن أن تسهم في رفع الإنتاجية وتحسين جودة الأعمال وتطوير المخرجات، لكنه شدّد على أن إعداد أسئلة الاختبارات أو تصحيحها يظل مرتبطاً بالمنهج الدراسي. وأوضح أن هذه العملية تتطلب أولاً إدخال المنهج كاملاً إلى نظام الذكاء الاصطناعي، حتى يتمكن من أداء هذه المهام، وإلا فإن الدور سيقتصر على مطابقة الإجابات مع ما ورد في المنهج، من دون إعمال فكر أو إظهار مهارة حقيقية.

وقال: «لا تزال لدينا تحديات في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، حيث لا يمكنه الحلول محل العنصر البشري في بعض الأمور، ولا يمكن استخدامه بالمطلق، وهو غير مطلوب منه التفكير بدلاً عن الطالب أو المعلم».

وأضاف الشطي أن «هناك جوانب نوعية يصعب على الذكاء الاصطناعي التعامل معها بدقة، فعلى سبيل المثال، إذا طُلب منه كتابة موضوع تعبيري حول قضية ما، فإن التقييم الحقيقي يبقى بيد المعلم، لأن مستوى التعبير الذي يقدمه البرنامج قد يكون متشابهاً سواء لطالب في المرحلة الابتدائية أو الثانوية، وهو ما يجعل عملية التقييم صعبة وغير منضبطة».

أحمد الحنيان: لا بد من تشريعات... فالاعتماد عليه محفوف بالتناقضات

- اليونسكو مطالَبة بوضع آلية عالمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم

- الاتحاد الأوروبي سبق وشرّع قوانين تضبط توظيف هذه التقنية المتقدمة

شدّد بروفيسور الحاسب الآلي ونظم المعلومات، عضو المجلس التأسيسي لجامعة عبدالله السالم، الدكتور أحمد الحنيان، على ضرورة وضع قوانين وتشريعات، تتعلق بالجوانب الأخلاقية والأمنية والصحية والتعليمية، قبل الحكم على مدى نجاحه في إعداد أسئلة الاختبارات، أو الاعتماد عليه في عملية تصحيحها.

ولفت الحنيان لـ«الراي»، إلى أن «من الصعب إدانة الطالب الغشاش بناء على هذه التقنية، فالذكاء الاصطناعي يعمل بناء على الخريطة الذهنية، أو الطريقة السحابية، وفقاً للبيانات التي يختزنها، وقد يكون هناك ذكاء ثانٍ يمتلك مصادر أكبر للمعلومات، فتكون عملياته أكثر دقة من الأول، وهنا نقع في تناقض الإجابات، الأمر الذي يصعّب الاعتماد عليه في الوقت الحالي».

وأكد ضرورة «أن تكون هناك آلية عالمية، من قبل منظمة اليونسكو، لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، على غرار كثير من المؤسسات التي وضعت قواعد لاستخدام هذه التقنية في مختلف المجالات»، مبيناً أن الاتحاد الأوروبي «وضع تشريعات وقوانين أشبه بقانون (الجرائم الإلكترونية) في شأن استخدام الذكاء الاصطناعي، في جميع مجالات الحياة».

نوف الهاجري: إذا زُوّد بالمحتوى... يكون قادراً على إعداد الأسئلة

- إعداد الاختبارات يعتمد على مصادر الأسئلة المتوافرة للذكاء

- لا يصنعها من الهواء... يعتمد على المحتوى

ذكرت معلمة الحاسوب في ثانوية الرابية للبنات، نوف الهاجري، أن استخدام الذكاء الاصطناعي في عملية تصحيح الاختبارات لا يزال صعباً في المرحلة الراهنة، في حين يمكن الاعتماد عليه في إعداد الأسئلة، شرط تزويده بالمحتوى اللازم.

وقالت الهاجري لـ«الراي»: «إعداد الأسئلة مرتبط بما يُتاح للذكاء الاصطناعي من مصادر ومعلومات حول المنهج الدراسي، فهو لا يصنعها من فراغ. وحتى عندما يقوم بإعدادها، فليست بالضرورة أن تكون جديدة بالكامل، إذ قد نجد بعضها متكرراً أو موجوداً في مصادر أخرى».

أخبار متعلقة :