كتب ناصر المحيسن - الكويت في الأربعاء 31 ديسمبر 2025 10:10 مساءً - بحلول الحادي والثلاثين من ديسمبر من كل عام يحتفل الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية بذكرى تأسيسه، ليكتب فصلاً جديداً من فصول النجاح والطموح، كأحد أهم رواد التنمية على المستويين الإقليمي والعالميّ.
بدأ صندوق التنمية رحلة عطائه في 1961، كأول وأعرق مؤسسة تنموية تعمل في الدول العربية والدول النامية الأخرى، انطلق برأسمال 50 مليون دينار، ويحتفل اليوم بمرور أكثر من ستة عقود، مواصلا رحلته في دعم قضايا التنمية بالدول النامية.
ومنذ تأسيسه، أصبح الصندوق الذّراع التنموية الخارجية للكويت، ولم يدَّخر جهداً في دعم قضايا التنمية بالدول النامية، ومد يد العون والمُساعدة لها، ويتطلع دائماً إلى المُستقبل، آخذاً في الاعتبار التحدّيات الجديدة التي تواجه التنمية خلال العقود المُقبلة على المستوى العالميّ بشكل عام، وفي الكويت على وجه الخصوص.
إسهامات حول العالم
امتدت نشاطات الصندوق إلى مختلف ربوع العالم، حيث أسهم في تمويل مشروعات في 106 دول بمناطق مختلفة، من بينها 16 دولة عربية، و41 أفريقية، و19 في شرق وجنوب آسيا والمحيط الهادي، و17 في وسط آسيا وأوروبا، و12 دولة في أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي، وذلك عبر 1037 قرضاً مُيسَّراً قدّمها لحكومات هذه الدول، بقيمة بلغت حوالي 7 مليارات دينار.
كما قدَّم الصندوق منحاً ومعونات فنية لتمويل خدمات مُتنوعة لمساعدة الدول المستفيدة في تنفيذ عملياتها الإنمائية، بإجمالي بلغ 420 منحة ومعونة فنية، بقيمة وصلت إلى حوالي 401 مليون دينار. فضلا عن إدارة وتنفيذ منح حكومة الكويت الموجّهة لدعم المشاريع الإنمائية والانسانية في الدول النامية.
لم يتوانَ صندوق التنمية يوماً عن دعم جهود التنمية بكل أشكالها داخل البلاد، وزاد هذا الاهتمام بشكل كبير خلال العقدين الماضيين، حيث عزَّز الصندوق مُساهماته في أنشطة ومُبادرات تدعم جهود التنمية المحلية، وعلى وجه الخصوص القضية الإسكانية، إذ يقوم الصندوق منذ عام 2003 باستقطاع ما لا يزيد على 25 % من صافي أرباحه السنوية وتحويلها لصالح المؤسسة العامة للرعاية السكنية لدعم القضية الإسكانية، ووفقاً للحسابات الختامية للصندوق للسنة المالية 2024/2025 تجاوزت تحويلاته إلى المؤسسة 578 مليون دينار، الأمر الذي مكّنها من تعزيز مواردها المالية، والمضي قدماً في تنفيذ المشاريع الإسكانية الكبرى.
وحرص الصندوق على تعزيز موارد بنك الائتمان عبر شراء سندات بقيمة 500 مليون دينار في 2002، ومع حلول أجل هذه السندات في 2022، تمَّ تمديدها حتى 2042، إضافة إلى تقديم منحة لدعم رأسمال البنك بقيمة 300 مليون دينار في 2022 لمعالجة شُحّ الموارد. وبذلك ارتفع إجمالي مُساهمات الصندوق في البنك إلى نحو 800 مليون دينار، بما يعادل قرابة 40 % من رأسمال الصندوق.
ويُظهر هذا الدعم المتواصل من الصندوق، والذي تجاوز بمجمله 1.37 مليار دينار، التزامه الاستراتيجي بمساندة الحلول الإسكانية في الكويت، والإسهام في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للأسر الكويتية.
ومن الجهود المحلية الأخرى للصندوق، تدعيم أمن الشبكة الكهربائية داخل البلاد من خلال تمويل محطة الوفرة الكهربائية، والتي سترفع السعة الاستيعابية الداعمة لشبكة الكهرباء إلى 2500 ميجاواط، فضلاً عن أنها تحقق مجموعة أخرى من الفوائد، إذ ستعمل على تعزيز التحوّل نحو الطاقة النظيفة.
وفي شأن التنمية البشرية داخل البلاد، أطلق الصندوق في 2004 برنامج تدريب المهندسين والمعماريين الكويتيين حديثي التخرّج، لإكساب الكوادر الوطنية الخبرات وتزويد السوق المحلي بالكفاءات المتميزة.
وقد وصل عدد خريجي البرنامج على مدى الـ 20 عاماً الماضية إلى أكثر من 1000 مهندس ومهندسة من الشباب الكويتي.
مبادرات
كما حقّقت مبادرة «كن من المتفوقين» التي دشّنها الصندوق في 2010، لتحفيز طلاب الثانوية على التفوق نجاحاً كبيراً.
ولدعم فئة ذوي الإعاقة، شارك الصندوق في مؤتمر ومعرض «دمج ذوي الإعاقة في غايات التنمية المستدامة»، الذي ضم جهات حكومية وخاصة ومنظمات أممية متنوعة. أما بخصوص دعمه وتشجيعه للقطاع الخاص المحلي، شارك الصندوق في مؤتمر الكويت الثالث للشراكة بين القطاعين العام والخاص، والذي أقيم تحت شعار «مشروعات الشراكة: انطلاقة واعدة في العهد الجديد».
إسهامات صندوق التنمية في مجال العمل الإنساني بارزة على المستويين الإقليمي والدولي، إذ يُعتبر الصندوق منذ تأسيسه حالة فريدة في دعم ومُساعدة اللاجئين بالدول التي تعاني من الكوارث والصراعات والحروب، تنفيذاً للسياسة المُعتدلة التي تنتهجها الكويت، وبما يوثق علاقاتها مع مُختلف الدول العربية والعالميّة، حيث كان له بصمات مؤثرة في إعادة إعمار كل من لبنان والعراق بعد تعرضهما لأزمات، ومساعداته لم تنقطع يوماً عن الأشقاء في فلسطين.
وفي ذات الجانب الإنساني، يعطي الصندوق قضايا اللاجئين اهتماماً كبيراً، وكانت له أداور مؤثرة في أزمات اللاجئين السوريين، ولاجئي «الروهينغا» في جمهورية بنغلاديش الشعبية، وساعد النساء والأطفال الناجين من العنف في الحصول على خدمات نفسية ومجتمعية متخصصة.
واستكمالاً لهذا الدور أعطى الصندوق أزمة اللاجئين السودانيين والصوماليين اهتماماً كبيراً إدراكاً منه لحجم المأساة الإنسانية التي يعيشها الشعبان، فوقع خلال العام الماضي العديد من اتفاقيات المنح التي تُسهم في تخفيف معاناة الشعبين، بإجمالي نحو 15.2 مليون دولار، كما أبرم مذكرتي تفاهم للتعاون الإنمائي مع وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية للمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية لتقديم مساعدات إنسانية طارئة مشتركة للسكان المتضررين من النزاع في كل السودان والصومال.
مشاركات
على مستوى المشاريع التنموي، شارك الصندوق على مدار العام الماضي في افتتاح العديد من المشاريع التنموية التي ساهم في تمويلها بمختلف دول العالم، حيث شارك ممثلاً وليد البحر في افتتاح مشروع توسعة وتحسين مطار «فيلانا» الدولي في عاصمة المالديف «مالية»، وفي افتتاح مشروع تطوير وتوسعة مطار «أندورخان» في منغوليا، وفي حفل تدشين ثلاثة مشاريع طرق في رواندا، والمشاركة في افتتاح مشروع تقاطع «بامبيتو» في غينيا.
واصل صندوق التنمية دوره الفعّال في دعم الجهود البيئية على كل المستويات محلياً - إقليمياً – عالمياً، حيث أعطى اهتماماً كبيراً للمشروعات التي تساعد على التحوّل نحو الطاقة النظيفة، وأصبح القطاع البيئي يمثل إحدى أولويات عمله في المرحلة الحالية.
وفي إطار اهتمامه بالبيئة على مستوى الكويت، ساهم في تمويل مشروع التكيف والصمود للعواصف الرملية والترابية العابرة للحدود، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) والكويت، بهدف تقليل حدوث العواصف الرملية والترابية التي مصدرها جنوب العراق، وتؤثر بشكل مباشر على الكويت ودول المنطقة لتوفير بيئة آمنة ونظيفة للسكان. ويُعد هذا المشروع الأول من نوعه في الشرق الأوسط.
أخبار متعلقة :