ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 28 سبتمبر 2025 11:30 مساءً - تترقب وول ستريت صدور بيانات الوظائف الأمريكية الأسبوع الجاري وسط حالة من الترقب الحذر، حيث يُنتظر أن تعكس مؤشرات سوق العمل تباطؤاً معتدلاً يدعم توجه الاحتياطي الفيدرالي نحو مزيد من خفض أسعار الفائدة، دون أن يثير في الوقت نفسه مخاوف من دخول الاقتصاد في حالة ركود.
ورغم أن مؤشرات الأسهم الأمريكية تراجعت بشكل طفيف الأسبوع الماضي، فإنها لا تزال قريبة من مستوياتها القياسية، بعد موجة ارتفاع متواصلة دفعت مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» نحو تسجيل أفضل أداء فصلي له خلال الربع الثالث منذ عام 2020. ويقول بعض المستثمرين، بحسب التقرير الأسبوعي لرويترز للأسهم الأمريكية، إن وتيرة الصعود المتسارعة للسوق تجعلها أكثر عرضة لخيبة الأمل، في حال جاءت البيانات الاقتصادية دون التوقعات.
وتزداد تعقيدات المشهد مع اقتراب موعد الإغلاق الجزئي المحتمل للحكومة الأمريكية الأسبوع الجاري، والذي قد يؤدي –في حال حدوثه– إلى تأجيل صدور تقرير الوظائف المقرر يوم الجمعة المقبل.
وصرح مارك لوشيني، كبير المحللين الاستثماريين في شركة «جاني مونتغمري سكوت»، بأن البيانات المقبلة ستُظهر ما إذا كان سوق العمل يمر بـ«مرحلة تباطؤ مؤقت»، مشيراً إلى أن «أحداً لا يتوقع أرقاماً مذهلة هنا، لكن في حال جاءت البيانات سلبية، فقد تؤكد الشكوك المتزايدة بشأن تدهور سريع في سوق العمل، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول احتمالية دخول الاقتصاد في حالة ركود فعلي».
ووفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز» لآراء اقتصاديين يُتوقع أن يظهر التقرير ارتفاع عدد الوظائف غير الزراعية بمقدار 39 ألف وظيفة خلال شهر سبتمبر مقارنة بزيادة قدرها 22 ألفاً في الشهر السابق، فيما يُنتظر أن يبلغ معدل البطالة 4.3%.
وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد قرر هذا الشهر خفض أسعار الفائدة للمرة الأولى خلال هذا العام، بعد ظهور إشارات ضعف في سوق العمل.
ويتوقع أن يقدم البنك على خفض جديد بمقدار ربع نقطة مئوية خلال اجتماعه المقبل في نهاية أكتوبر، وربما يُجري خفضاً إضافياً في آخر اجتماعات العام في ديسمبر.
وساهمت التوقعات باستمرار تيسير السياسة النقدية، بما في ذلك تخفيضات مرتقبة في 2026، في تغذية موجة الصعود الأخيرة للأسواق، والتي شهد خلالها مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» تسجيل 25 إغلاقاً قياسياً خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
لكن مع بقاء معدلات التضخم مرتفعة لا تزال الأسواق تتحسس من احتمال أن تؤدي قوة بيانات الوظائف إلى إبطاء وتيرة خفض الفائدة.
وكان الاحتياطي الفيدرالي قد بدأ سلسلة من رفع الفائدة بين مارس 2022 ويوليو 2023 للحد من التضخم المتصاعد.
وأشار رئيس الفيدرالي جيروم باول الأسبوع الماضي إلى أن «مخاطر التضخم على المدى القصير تميل إلى الارتفاع»، مؤكداً صعوبة الوضع الذي يواجهه البنك المركزي حالياً.
وقالت مارتا نورتون، كبيرة الاستراتيجيين الاستثماريين في شركة «إمباور» للخدمات التقاعدية وإدارة الثروات: «ما يترقبه الناس فعلياً، هو ما إذا كانت بيانات الوظائف ستأتي معتدلة للغاية؛ ففي تلك الحالة، هل سنشهد خفضاً واحداً فقط في الفائدة، أم ربما لا خفض على الإطلاق خلال ما تبقى من العام؟».
ويأتي هذا فيما يقترب الموعد النهائي أمام الكونجرس الأمريكي بمجلسيه الديمقراطي والجمهوري للتوصل إلى اتفاق يمول عمل الحكومة ويجنب الإغلاق الجزئي.
وبينما تجاهلت الأسواق في السابق تأثير مثل هذه الإغلاقات فإن الوضع الحالي قد يحمل آثاراً أكبر، نظراً لحساسية السوق المتزايدة. ويرى مراقبون أن أحد العوامل التي تزيد من هشاشة السوق حالياً هو الارتفاع الكبير في تقييمات الأسهم، حيث بات مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» في طريقه لتسجيل ثالث عام على التوالي من المكاسب المزدوجة.
ويُتداول المؤشر حالياً عند مضاعف ربحية يبلغ 22.8 مرة للأرباح المتوقعة خلال 12 شهراً، وهو مستوى يُعد من بين الأعلى خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأعلى بكثير من المتوسط التاريخي لعشر سنوات والبالغ 18.7 مرة، بحسب بيانات «إل إس إي جي داتا ستريم». وقالت نورتون: «عندما تكون التقييمات عند هذه المستويات المرتفعة، فهذا يعني أن السوق باتت ذات مناعة ضعيفة تجاه أي نوع من المخاطر المحتملة».
