الارشيف / حال المال والاقتصاد

الذهب بين هدف 5000 دولار وموجة تصحيح سعرية

  • الذهب بين هدف 5000 دولار وموجة تصحيح سعرية 1/2
  • الذهب بين هدف 5000 دولار وموجة تصحيح سعرية 2/2

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 5 أكتوبر 2025 11:22 مساءً - 45 % قفزة الأسعار عالمياً منذ بداية هذا العام

10 % ارتفاعاً في قيمة المبيعات المتوقعة بالإمارات خلال النصف الثاني

25 % زيادة الطلب على الذهب في الدولة خلال النصف الأول

تشهد أسعار الذهب ارتفاعات تاريخية، فمع تصاعد معدلات التضخم، وتراجع الثقة بالعملات النقدية، عاد المعدن النفيس ليؤكد مكانته بوصفه أداة استراتيجية لحفظ القيمة، وسط توقعات متصاعدة بأن يواصل مساره الصعودي، ليقترب خلال الفترة المقبلة من مستوى 5000 دولار للأونصة، أو يشهد تصحيحاً سعرياً، وقد عززت دبي مكانتها محوراً رئيسياً لإعادة تصدير هذا المعدن النفيس، لتتحول إلى مركز أساسي في توجيه حركة أسواق الذهب إقليمياً وعالمياً.

«حال الخليج» استطلعت آراء الخبراء في السوق، الذين أوضحوا أن الطلب على الذهب في الدولة لقي إقبالاً كبيراً خلال النصف الأول من العام الجاري، بنسبة تراوحت بين 15 - 25%، مدفوعاً بتوقعات استمرار لمعان الذهب عالمياً في ظل التوترات الجيوسياسية.

واستقرت أسعار الذهب في ، الأحد، حيث وصل سعر الذهب «عيار 24» إلى 468.50 درهماً، فيما وصل سعر «عيار 22» إلى 433.75 درهماً، فيما سجل الذهب «عيار 21» إلى 415.75 درهماً، و«عيار 18» إلى 356.50 درهماً.

التصحيح السعري

قال توحيد عبدالله، رئيس مجلس إدارة «مجموعة الذهب والمجوهرات» في دبي: «سجلت أسعار الذهب ارتفاعات قوية خلال هذا العام، حيث بلغ السعر عند بداية العام نحو 2615 دولاراً للأونصة، ليرتفع في منتصف العام إلى 3350 دولاراً، ثم يصل مع بداية الربع الأخير إلى نحو 3870 دولاراً للأونصة، أي بزيادة تتراوح بين 40% و45%، وأرجع هذه الارتفاعات إلى عدة عوامل؛ أبرزها الأوضاع الجيوسياسية العالمية، وتزايد الثقة بالذهب ملاذاً آمناً، إلى جانب المضاربات ومشتريات البنوك المركزية والأفراد، إضافة إلى السندات المدعومة بالذهب، فضلاً عن قرارات خفض الفائدة، لكن توحيد توقع أن تلجأ بعض المحافظ الاستثمارية في الربع الأخير من هذا العام إلى التسييل، لضمان أرباح نهاية العام، ما قد يؤدي إلى حدوث موجة تصحيح قد يهبط بالسعر إلى حدود 3250 دولاراً، مؤكداً أن هذا مجرد رأي شخصي».

أما عن حجم الإقبال على شراء الذهب خلال هذا العام فقد أوضح توحيد أن الكميات المباعة كونها وزناً قد تكون أقل بنحو 10% إلى 15% في النصف الثاني من هذا العام مقارنة بالنصف الأول، في حين أن القيمة الإجمالية بالدولار سجلت ارتفاعاً بأكثر من 10%.

وفيما يتعلق بالعوامل الأكثر تأثيراً في تحركات أسعار الذهب، شدد توحيد على أن التوترات الجيوسياسية تأتي في المقام الأول، يليها تأثير أسعار الفائدة، ثم الطلب طويل الأجل من المستثمرين، بينما تلعب المضاربات دوراً في المدى القصير، مضيفاً أن وصول السعر إلى ما يقارب 3900 دولار يعزز من احتمالات حدوث تصحيح كبير، خلال الفترة المقبلة.

اتجاهات العملاء

محمد العبادي، مدير عام «شركة مجوهرات العبادي»، أكد في البداية أن أسعار الذهب تعيش حالياً مرحلة تاريخية من الارتفاع، ومع ذلك فإن حركة الاستهلاك ما زالت كما هي، ولم تتأثر بشكل كبير.

وأضاف: «صحيح أن هناك تأثيراً بسيطاً في البداية، لكن وعي الناس اليوم جعلهم أكثر إدراكاً بأن الذهب مرشح لمزيد من الارتفاع، وهذا ما شجعهم على الاستمرار في الشراء ومتابعة السوق عن قرب».

يوضح العبادي أن اختلاف أذواق العملاء يرتبط بالجنسيات والفئات، فالمواطنون يفضلون الذهب التراثي والشعبي، بينما يتجه المقيمون العرب نحو الذهب الإيطالي والتركي عيار 18، أما مواطنو الجنسيات الآسيوية، مثل الهندية والباكستانية، فيفضلون عيار 22، الذي يتميز بالتصاميم المزخرفة، في حين يميل الأوروبيون إلى القطع الناعمة والخفيفة.

هناك أيضاً إقبال متزايد على السبائك والقطع الكبيرة بغرض الاستثمار والادخار، وهو ما ننصح به دائماً لكونه أفضل خيار استثماري، ولفت العبادي إلى أن بعض المستهلكين يتعاملون مع الذهب من منطلق أنه «زينة وخزينة»، أي شراء الذهب بتصاميم أنيقة من دون أحجار أو مصنعية مرتفعة، بحيث يمكن استخدامه للزينة، مع اعتباره في الوقت نفسه مخزوناً مالياً جاهزاً للبيع عند الحاجة.

أشار العبادي أيضاً إلى أن سوق الذهب في الإمارات يتمتع بميزات عديدة: تنوع غير مسبوق في الموديلات والعيارات لتلبية مختلف الأذواق نتيجة تنوع الجنسيات، ومواكبة الموضة العالمية، إذ يتم تصميم وصناعة المجوهرات محلياً، لتتماشى مع أحدث الاتجاهات، حيث إن دبي مركز عالمي يضم أكبر تجمع لتجارة الذهب في الشرق الأوسط؛ ما يعزز مكانة الدولة في هذا القطاع الحيوي، مؤكداً أن المتاجر الإلكترونية أصبحت امتداداً حقيقياً للتجارة التقليدية، وهي تخدم السوق والعملاء معاً، لكنه شدد على أن الذهب يظل من السلع، التي تتطلب التجربة المباشرة قبل الشراء، لذلك يظل حضور المستهلك إلى المتاجر والمعارض أمراً أساسياً.

الثقافة المالية

أما أحمد عنيزان، نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة سالم الشعيبي للمجوهرات وخبير في أسواق المال، فأكد أن ارتفاع أسعار الذهب في الفترة الأخيرة انعكس بشكل ملحوظ على زيادة الإقبال من قبل المستهلكين، موضحاً أن هذا الارتفاع ترافق مع توسع الثقافة المالية لدى الناس، واقتناعهم بضعف النقد التقليدي في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، مضيفاً: «لم يعد الذهب اليوم مجرد زينة، بل أصبح وسيلة ادخار واستثمار آمن، وصديق الأزمات الذي يحافظ على قيمة المدخرات، ويمنح حامليه الطمأنينة.

وهناك تحول ملحوظ في سلوك المستهلكين، فالمقيمون منهم باتوا أكثر ميلاً إلى الادخار والاستثمار، من خلال السبائك والقطع الكبيرة، ولا يزال السياح يفضلون اقتناء المشغولات والقطع التراثية مقتنيات شخصية أو على سبيل الهدايا، وكلا الخيارين - السبائك والمشغولات - يعد استثماراً ناجحاً.

بيّن عنيزان أن ما يميز الذهب في الإمارات هو التنوع الكبير في الموديلات والعيارات، إضافة إلى حفاظه على الهوية التراثية.

وقال: «شهد الذهب الإماراتي مؤخراً إقبالاً ملحوظاً، ليس فقط لاعتباره استثماراً، بل لأنه يعكس هوية البلد، التي تجمع بين بناء المستقبل، والحفاظ على التاريخ.

وقد باتت الإمارات اليوم واحداً من أهم المراكز العالمية في استيراد وإعادة تصدير الذهب، وهذا يمنحها أولوية ومكانة خاصة».

أكد عنيزان أن المتاجر الإلكترونية أصبحت أداة مكملة للمتاجر التقليدية، حيث تعرض المنتجات بناء على شركات قائمة ومعروفة، لكنه استدرك قائلاً: «الثقة بتطبيقات الإنترنت وحدها لا تكفي، بل لا بد من التحقق من مصدر الشركة، وحتى الآن ما زال معظم المستهلكين يفضلون زيارة المعارض والمتاجر لتجربة الذهب بأنفسهم، وهذا ما نلمسه من الإقبال المباشر على صالات العرض».

مؤشرات قوية

في النهاية يؤكد محمد ذيبان، مدير التسويق في «مجوهرات الرميزان»، أن الارتفاعات الأخيرة في أسعار الذهب تعكس مؤشرات قوية على استمرار هذه الموجة التصاعدية، وربما وصولها إلى مستويات قياسية تتجاوز 4000 دولار، بل إن بعض التوقعات تذهب إلى إمكانية تخطي حاجز 5000 دولار للأونصة.

ويضيف: «الذهب اليوم هو الملاذ الآمن الأول لحفظ الثروات في ظل التضخم العالمي، صحيح أننا لاحظنا في البداية تراجعاً في المبيعات مع بدء موجة الارتفاع، لكن سرعان ما تغيّر المشهد، إذ ازداد وعي المستهلكين وتأكدت قناعتهم بأن الذهب هو الاستثمار الأكثر أماناً، فانعكس ذلك إيجابياً على حجم المبيعات بنسبة تحسنت لدينا بما يقارب 10%».

يشير ذيبان إلى أن الذهب في الإمارات يتميز بتنوع عياراته وتصاميمه، مع لمسات تراثية متجددة تجمع بين الأصالة والابتكار، إضافة إلى دمج الأحجار الكريمة والتقنيات الحديثة في التصنيع، وهذا التنوع يلبي مختلف الأذواق، ويجعل من السوق الإماراتية وجهة مميزة لعشاق الذهب حول العالم، أما عن الشراء عبر الإنترنت فيرى ديبان أن الذهب يفضل اقتناؤه، ولا يزال، عبر التجربة المباشرة في المحلات، خصوصاً مع القطع ذات القيمة المرتفعة، التي قد تصل إلى آلاف الدراهم، ومع ذلك فإن التجارة الإلكترونية أصبحت قناة تسويقية مهمة، حيث يبدأ المستهلك بالاطلاع على المنتجات عبر المواقع، ثم يكمل عملية الشراء في المتجر، أما فيما يتعلق بطرق الدفع فيوضح ذيبان أن جميع الوسائل متاحة حالياً، من الدفع النقدي والبطاقات إلى أنظمة التقسيط، لكن يبقى استخدام العملات الرقمية محدوداً.

Advertisements

قد تقرأ أيضا