ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 6 أكتوبر 2025 02:34 مساءً - بعد فوزها برئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في اليابان، باتت ساناي تاكايشي على أعتاب أن تصبح أول امرأة تتولى منصب رئاسة الوزراء في البلاد.
تاكايتشي، التي تُعرف بتوجهاتها المحافظة المتشددة وكونها من الحلفاء المقربين للراحل شينزو آبي، صرّحت السبت بأنها ستعمل بلا كلل لتحويل «مخاوف الناس بشأن حياتهم اليومية ومستقبلهم إلى أمل».
ويأتي صعودها في وقت تعاني فيه اليابان من ضغوط اقتصادية داخلية وتوترات في علاقاتها الخارجية، ما يضع على المحك إمكانية مضي البلاد قدماً في تبنّي النهج المحافظ وسياسات «آبينوميكس» التي شكّلت السمة الأبرز للعقد الماضي.
ويأتي فوزها عقب استقالة رئيس الوزراء شينغيرو إيشيبا إثر فقدان الحزب الحاكم أغلبيته في مجلسي البرلمان خلال عامي 2024 و2025، ما اضطره إلى الحكم كحزب أقلية.
ومع ذلك، فإن انعقاد البرلمان في 15 أكتوبر قد يفتح الباب نظرياً أمام أحزاب المعارضة لعرقلة تأكيد تاكايتشي رئيسةً للوزراء، غير أن محللين يرون أن احتمال حدوث ذلك ضئيل.
المهام
أولى مهام تاكايتشي ستكون تأمين دعم حزب معارض واحد على الأقل لتشكيل أغلبية عاملة، وفق ما ذكرت مؤسسة الأبحاث «BMI» في مذكرة صدرت الاثنين.
لكن أحزاب المعارضة تواجه معضلة: الانضمام إلى ائتلاف مع الحزب الليبرالي الديمقراطي قد يمنحها نفوذاً أكبر، لكنه في المقابل قد ينفر الناخبين الساخطين من الحزب الحاكم.
وإذا نجحت تاكايتشي في إبرام اتفاق مع المعارضة، فإن حكومتها ستواجه جملة تحديات من بينها أزمة تكاليف المعيشة، وإدارة العلاقات الأمنية والتجارية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فضلاً عن معالجة المخاوف الداخلية إزاء تزايد أعداد الأجانب المقيمين أو الزائرين لليابان.
«آبينوميكس» بنسخة جديدة؟
تُعرف تاكايتشي بتأييدها لسياسة «آبينوميكس» الاقتصادية التي اعتمدها شينزو آبي، القائمة على التيسير النقدي والإنفاق المالي والإصلاحات الهيكلية.
وقد انتقدت سابقاً خطط بنك اليابان لرفع معدلات الفائدة، في وقت أكد فيه المحافظ كازو أويدا الجمعة أن البنك المركزي سيحدد معدلات الفائدة «من دون أي تصورات مسبقة».
وكان بنك اليابان قد أنهى سياسة الفائدة السلبية في مارس آذار 2024، وأبقى مؤخراً المعدلات عند 0.5%.
ويقول وليام بيسك، مؤلف كتاب «اليابنة: ما الذي يمكن أن يتعلمه العالم من عقود اليابان الضائعة؟، إنه يمكن التكهن منذ الآن بأن تاكايتشي لن تعمل على خفض التضخم، «فإذا كانت ستواصل نهج آبينوميكس السابق، فهذا يعني ينّاً أضعف بكثير، ومزيداً من الإنفاق الحكومي، وهو ما سيؤدي على الأرجح إلى مزيد من التضخم».
واعتبر بيسك أن الحزب الليبرالي الديمقراطي اختار تاكايتشي لاعتقاده بأنها الأنسب للتعامل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلاً في حديث لـ CNBC: «كانت على الأرجح الخيار الأفضل لمواجهة ترامب في هذه اللحظة شديدة التوتر بينه وبين بقية العالم».
تحفظات على رسوم ترامب
وكانت تاكايتشي قد عبّرت الأسبوع الماضي عن تحفظاتها بشأن اتفاق التجارة بين أمريكا واليابان، وقالت في برنامج على قناة فوجي التلفزيونية إن إعادة التفاوض حول الاتفاق «ليست مستبعدة»، في إشارة إلى تعهد اليابان باستثمار 550 مليار دولار.
في حين توقع محللو «سيتي» ارتفاعاً قصير الأمد لمؤشر نيكاي 225 ليبلغ نحو 47 ألف نقطة، فقد حذروا من أن الأسهم اليابانية ليست مقوّمة بأقل من قيمتها، مشيرين إلى أن نسبة السعر إلى الأرباح المتوقعة لمؤشر توبكس خلال 12 شهراً اقتربت من مستوى قياسي عند 16 مرة.
ويرجّح المحللون أن تستفيد أسهم قطاعات الاستهلاك والدفاع والشركات الحساسة للصادرات في ظل حكومة تاكايتشي، في حين قد تواجه أسهم القطاعين المالي والعقاري بعض الضغوط.
الملفات الشائكة
دعت تاكايتشي إلى تبني موقف متشدد تجاه الصين، كما تؤيد مراجعة الدستور السلمي لليابان، ولا سيما المادة التاسعة التي تتخلى عن حق البلاد في شن الحروب.
وتُعرف الوزيرة السابقة للأمن الاقتصادي أيضاً بميلها الودي تجاه تايوان، الأمر الذي قد يثير استياء بكين. وفي هذا السياق، وصف رئيس تايوان لاي تشينغ-تي تاكايتشي بأنها «صديقة مخلصة لتايوان» في منشور باللغة اليابانية عبر منصة «إكس» يوم السبت، معرباً عن أمله في أن «ترتقي العلاقات بين تايوان واليابان إلى مستوى جديد».
أثارت زيارات سابقة قامت بها تاكايتشي إلى ضريح ياسوكوني المثير للجدل –الذي يكرّم قتلى اليابان في الحروب ومن بينهم مجرمو حرب – انتقادات حادة من الصين وكوريا الجنوبية، اللتين تعتبران الموقع رمزاً لعدوان طوكيو في زمن الحرب.
وقال كيي أوكامورا، المدير التنفيذي ومدير المحافظ في «نيوبيرغر بيرمان»، لـ CNBC إن تاكايتشي ستكون «حذرة للغاية» في كيفية التعبير عن مواقفها، خصوصاً فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.
وأضاف: «مواقفها من الصين وكوريا معروفة جيداً، لكنها تدرك في الوقت نفسه ضرورة الحفاظ على علاقات جيدة مع هذه الدول، وكذلك مع الولايات المتحدة، لأن جميعها تشكل وجهات رئيسية لصادرات اليابان».
وأشار أوكامورا إلى أن تاكايتشي لم تتخلَّ عن توجهاتها القومية المتشددة، مضيفاً: «هذا جانب سنواصل متابعته عن كثب، خصوصاً خلال السنة الأولى وربما الثانية من إدارتها».
