ابوظبي - ياسر ابراهيم - الخميس 9 أكتوبر 2025 02:30 مساءً - قد يكون تحت أقدامنا مخزون هائل من الطاقة الحرارية الأرضية، وبفضل ابتكار أمريكي ناشئ، أصبح بإمكان البشر الاقتراب من استغلاله بطريقة غير مسبوقة.
في محجر قرب ماربل فولز، تكساس، تخترق أجهزة حفر جديدة الصخور الصلبة ليس بالضغط أو القطع التقليدي، بل باستخدام طاقة مركّزة للغاية. ويعتبر هذا الإنجاز أبرز دليل على التقدم في تقنية الطاقة الحرارية الأرضية العميقة، التي طورتها شركة "كوايس إنرجي" الأمريكية الناشئة.
الليزر بدل المطارق
في قلب هذه التقنية يوجد جهاز يُعرف باسم جيروسترون، يعتمد على إشعاع الموجات المليمترية لتبخير الصخور مباشرة. وإذا نجح العلماء في توسيع نطاق عمله، فقد يفتح هذا الطريق أمام مصدر طاقة نظيف ومستمر مدفون تحت الأرض.
خلال العرض العملي في الرابع من سبتمبر، استخدم فريق "كوايس" موجات كهرومغناطيسية عالية التردد لاختراق 118 مترًا من الجرانيت الصلب. وعلى عكس الحفر التقليدي الذي يعتمد على التلامس الميكانيكي أو الرؤوس الدوارة، أطلق النظام شعاعًا مركزًا من الطاقة يحوّل جزيئات الصخر مباشرة إلى بخار معدني.
النتيجة كانت نفقًا ناعمًا ومصقولًا بلا حطام يحتاج إلى إزالة ودون أجزاء ميكانيكية تتطلب استبدالًا. وأظهرت كاميرا نُزلت داخل البئر انتقالًا سلسًا من التربة السطحية إلى طبقة الجرانيت، بجدران تبدو وكأنها نُحتت بدقة صناعية متناهية، رغم عدم ملامسة أي أداة صلبة للصخور، وفقًا لـ "dailygalaxy".
سرعة خارقة
أفاد المهندسون أن سرعة اختراق النظام تصل إلى خمسة أمتار في الساعة، أي أسرع بحوالي 50 مرة من الحفر التقليدي في الصخور الصلبة المماثلة، حيث يحقق الحفر الميكانيكي القياسي عادة نحو 10 سنتيمترات فقط. وسجلت تجارب سابقة بالقرب من هيوستن سرعات 12 مترًا في الساعة، ما يعكس الإمكانات الهائلة للنظام.
تحويل محطات الفحم إلى محطات نظيفة
لا تركز شركة كوايس على تسريع الحفر فحسب، بل تسعى إلى آفاق أوسع للطاقة الحرارية الأرضية. تخطط الشركة لإعادة استخدام محطات توليد الكهرباء القديمة التي تعمل بالوقود الأحفوري، واستبدال الغلايات بآبار حرارية أرضية عميقة. وبما أن هذه المواقع مرتبطة بالفعل بشبكة الكهرباء وتحتوي على توربينات وأنظمة تبريد، فإن التحويل سيكون أسرع وأقل تكلفة من بناء محطات جديدة من الصفر، حيث تعمل الحرارة الأرضية كمصدر رئيسي للطاقة بدل الوقود الأحفوري.
قال الرئيس التنفيذي كارلوس أراكي: "كوايس ليست مجرد شركة حفر، بل شركة طاقة. نهدف لجعل الطاقة الحرارية الأرضية العمود الفقري في التحول الطاقوي، ولن نتوقف حتى ننجح."
حرارة الأرض… مصدر كهرباء مستمر
على عمق عدة كيلومترات تحت سطح الأرض، تصل درجات الحرارة إلى 400–500 درجة مئوية، ما يكفي لإنتاج بخار فائق الحرارة يمكنه تشغيل التوربينات بكفاءة عالية. تشكل هذه الحرارة أساس الطاقة الحرارية الأرضية للصخور فائقة الحرارة، وهو مصدر نظيف ومستمر للطاقة، يعمل دون انبعاثات كربونية.
رغم إمكاناته الهائلة، لا تزال الطاقة الحرارية الأرضية العميقة مستغلة جزئياً فقط، حيث تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الحرارة داخل أعلى عشرة كيلومترات من القشرة الأرضية تعادل 50 ألف ضعف الطلب العالمي السنوي على الكهرباء، بينما تسهم الطاقة الحرارية الحالية بنسبة 0.5% فقط من الكهرباء العالمية، ومعظمها مقتصر على عدد محدود من الدول.
من الإقليمي إلى العالمي
تُستخدم الطاقة الحرارية الأرضية اليوم في أماكن مثل أيسلندا وكينيا وغرب الولايات المتحدة، بينما في فرنسا غالبًا للتدفئة الحضرية. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن توفر هذه الطاقة بين 8–10% من الكهرباء العالمية بحلول عام 2050. وخطط شركة كوايس تشمل حفر آبار تصل إلى سبعة كيلومترات، لتحويل الطاقة الحرارية الأرضية من حل إقليمي محدود إلى مصدر عالمي للطاقة متاح على مدار الساعة.
