ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأربعاء 15 أكتوبر 2025 11:02 مساءً - في أضخم عملية مصادرة مالية في التاريخ الحديث، وجهت الحكومة الأمريكية ضربة قاصمة لجريمة منظمة عابرة للحدود، مؤكدةً من جديد المخاطر الهائلة التي تكتنف عالم العملات المشفرة غير المنظم.
ورغم الوعود بالشفافية واللامركزية، تحولت عملة البتكوين، في هذه الحالة، إلى أداة لتمويل شبكة إجرامية عالمية بلغت أصولها المصادرة أكثر من 14 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل أكبر عملية ضبط لعملة بتكوين على الإطلاق.
هذه القضية لا تسلط الضوء فقط على آليات غسيل الأموال في العصر الرقمي، بل تكشف عن البعد المظلم الذي يمزج بين الاحتيال الإلكتروني و الاستغلال البشري في معسكرات العمل القسري، ما يضع تحدياً غير مسبوق أمام الحكومات العالمية.
صادرت الحكومة الأمريكية ما يزيد عن 14 مليار دولار (10.5 مليار جنيه إسترليني) من عملة البتكوين، ووجهت اتهامات رسمية لمؤسس إمبراطورية الأعمال الكمبودية، مجموعة" برنس" (Prince Group)، بتدبير عملية احتيال ضخمة بالعملات المشفرة شملت معسكرات عمل قسري.
وقد اتُّهم المواطن البريطاني والكمبودي، تشن تشي والملقب بــ " مايسترو كمبوديا" ، يوم الثلاثاء الماضي في نيويورك بالتورط في مؤامرة احتيال عبر الإنترنت وتهم غسيل أموال، كما فُرضت عقوبات على شركات تشن من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في عملية مشتركة، حيث جمدت الحكومة البريطانية أصولاً مملوكة لشبكته، من ضمنها 19 عقاراً في لندن، تبلغ قيمة أحدها نحو 100 مليون جنيه إسترليني (133 مليون دولار).
إمبراطورية الجريمة
وصف المدعون الأمريكيون هذه العملية بأنها واحدة من أكبر الضربات المالية في التاريخ وأكبر مصادرة للبتكوين على الإطلاق، حيث تحفظت الحكومة الأمريكية على ما يقرب من 127,271 عملة بتكوين.
ووفقاً لوزارة العدل الأمريكية، فإن رجال الأعمال البارز "تشن تشي، الذي لا يزال هارباً، متهم بأنه العقل المدبر وراء "إمبراطورية احتيال إلكتروني مترامية الأطراف" تعمل تحت مظلة شركته متعددة الجنسيات، مجموعة برنس.
ويشير موقع المجموعة التي تتخذ من كمبوديا مقراً لها إلى أن أعمالها تشمل التطوير العقاري والخدمات المالية والاستهلاكية، لكن وزارة العدل تزعم أنها تدير واحدة من أكبر المنظمات الإجرامية العابرة للحدود في آسيا.
زعمت وزارة العدل أن ضحايا غير مدركين كانوا يُتَّصل بهم عبر الإنترنت ويُقنَعون بتحويل العملات المشفرة بناءً على وعود كاذبة بأن الأموال سيتم استثمارها وتوليد الأرباح.
وأفاد المدعون بأن الشركة، بتوجيه من تشن، قامت ببناء وتشغيل ما لا يقل عن عشرة مجمعات احتيال في جميع أنحاء كمبوديا، وفقاً لوثائق المحكمة ا.
وقد اتُّهم تشن تشي بإدارة هذه المجمعات التي صُممت خصيصاً للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الضحايا، وزُعم أن شركاءه حصلوا على ملايين أرقام الهواتف المحمولة وأقاموا "مزارع هواتف" لإجراء عمليات احتيال عبر مراكز الاتصال، بحسب وثائق المحكمة المؤرخة في 8 أكتوبر2025.
استغلال بشري
وصف مساعد المدعي العام للأمن القومي، جون إيه آيزنبرغ، مجموعة برنس بأنها "منظمة إجرامية بُنيت على المعاناة الإنسانية". وأوضح أن المجموعة قامت أيضاً بالاتجار بالعمال، الذين حُبسوا في مجمعات شبيهة بالسجون وأُجبروا على تنفيذ عمليات احتيال عبر الإنترنت، مستهدفين آلاف الضحايا في جميع أنحاء العالم.
وأظهرت وثائق المجموعة نصائح حول بناء الثقة مع الضحايا، مثل توجيه العمال بعدم استخدام صور شخصية لنساء "بالغات الجمال" لتبدو الحسابات أكثر أصالة.
وتضمنت اثنتان من هذه المرافق 1,250 هاتفاً محمولاً كانت تتحكم في حوالي 76,000 حساب على وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض الاحتيال.
ثمن الجريمة
استخدم ما تشن تشي وشركاؤه العائدات الإجرامية في رحلات الترفيه والسفر الفاخرة، بحسب وزارة العدل، كما قاموا بعمليات شراء "باهظة" مثل الساعات، والطائرات الخاصة، والأعمال الفنية النادرة، بما في ذلك لوحة لـ بيكاسو تم شراؤها من دار مزادات في مدينة نيويورك.
ويواجهتشن، في حال إدانته، عقوبة قصوى تصل إلى 40 عاماً في السجن.