ابوظبي - ياسر ابراهيم - الجمعة 24 أكتوبر 2025 04:26 مساءً - يشهد سوق الذهب العالمي حالياً حالة من التراجع الحاد، حيث تخسر السبائك 3% من قيمتها هذا الأسبوع، وهو ما يضعها على مسار تسجيل أكبر خسارة أسبوعية منذ منتصف مايو. هذا التراجع يأتي ليختبر مرونة المعدن الثمين الذي حقق مكاسب قياسية هذا العام، وسط تقاطع قوى مالية وجيوسياسية ضاغطة، بحسب جي بي مورغان.
الهبوط
انخفض الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.44% إلى 4111.42 دولاراً للأوقية، بينما تراجعت العقود الآجلة تسليم ديسمبر بنسبة 0.41% إلى 4128.50 دولاراً للأوقية. هذا الانزلاق يحدث تحت ضغط عاملين رئيسيين قوة الدولار الأمريكي، حيث ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي للجلسة الثالثة على التوالي. فكلما ارتفع الدولار، أصبح الذهب – المسعر به عالمياً – أكثر تكلفة على حاملي العملات الأخرى، ما يقلل من الطلب عليه. هذا الارتفاع مدعوم بشكل خاص بتخفيف التوترات التجارية بعد إعلان البيت الأبيض عن اجتماع مرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ الأسبوع المقبل يبعث برسائل إيجابية للأسواق حول احتمال تخفيف حدة التوترات التجارية. انخفاض حدة التوترات يقلل من الحاجة إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب، ما يعزز الدولار.
بوصلة التضخم
فيما يتجه اهتمام السوق إلى تقرير مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي (CPI) الذي تأخر صدوره. يمثل هذا التقرير «نقطة تحول» محتملة للذهب، حيث من المتوقع أن يكون السيناريو الإيجابي للذهب (توقعات خفض الفائدة) تشير إلى قراءة ضعيفة لمؤشر CPI (استقرار التضخم الأساسي عند 3.1% أو أقل) ستعزز توقعات قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة مرتين إضافيتين قبل نهاية العام. يستفيد الذهب من انخفاض أسعار الفائدة لتقليص التكلفة البديلة للاحتفاظ بالأصل غير ذي العائد. أما السيناريو السلبي للذهب (تعزيز الدولار) فيعني ارتفاع معدل التضخم عن المتوقع سيعزز الدولار، ما يزيد من الضغط على أسعار الذهب.
التأثيرات الجيوسياسية
أما في حالة تهدئة التوترات الصينية - الأمريكية والاتفاق بين القوتين يميل إلى دعم الدولار لأنه يعزز الثقة في التجارة والاستقرار العالمي، ما يدفع المستثمرين للابتعاد عن الذهب. وعلى المدى الطويل، تساهم التوترات الجيوسياسية الأوسع، مثل عدم الاستقرار الإقليمي أو المخاوف من حرب عملات، في تعزيز الطلب الهيكلي على الذهب كـ «أصل حيادي» يحافظ على قيمته بغض النظر عن قوة الدولار أو العملات الأخرى.
الخبراء يؤكدون أن الذهب يمر بمرحلة «تصحيح إيجابي» بعد تحقيق مكاسب سريعة وغير مسبوقة (57% منذ بداية العام، وأقوى أداء منذ 1979). ورغم الضغط الحالي من ارتفاع الدولار وتوقعات تهدئة التوترات التجارية، فإن معظم المحللين يرون أن هذا التراجع هو مجرد استراحة مؤقتة على طريق صعود طويل الأجل. المستقبل المشرق للذهب مدعوم بالطلب القوي المتوقع من البنوك المركزية والمستثمرين (حوالي 566 طناً لكل ربع في 2026)، ودورة خفض الفائدة التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي.
