 
                        
ابوظبي - ياسر ابراهيم - الجمعة 31 أكتوبر 2025 04:51 مساءً - يعتقد الكثيرون أن الذكاء الاصطناعي سيستهدف أولاً العمالة اليدوية في المصانع والمستودعات، لكن خطوة أمازون الأخيرة كشفت وجها مختلفا تمامًا لتأثيره على سوق العمل. ففي مفاجأة لافتة، أعلنت الشركة عن تسريح نحو 14 ألف مدير من الإدارة الوسطى، أي ما يعادل 4% من موظفيها المكتبيين، ضمن خطة لإعادة الهيكلة تهدف إلى تقليل البيروقراطية وإزالة الطبقات التنظيمية.
هذه الخطوة غير المتوقعة تُظهر أن تأثير الذكاء الاصطناعي لم يعد يقتصر على الوظائف التشغيلية، بل بدأ يطال الصفوف الإدارية نفسها، فاتحا الباب أمام تساؤلات واسعة حول مستقبل التسلسل الوظيفي ودور الإنسان في بيئة العمل الجديدة.
نصف مليون وظيفة
بينما تداولت وسائل الإعلام وثائق مسربة تشير إلى إمكانية استبدال نصف مليون وظيفة في المستودعات بالروبوتات، اختارت أمازون استهداف الإدارة الوسطى أولًا.
هذا التحرك يعطي مؤشرا واضحا على الطريقة التي يعيد بها الذكاء الاصطناعي تشكيل القوى العاملة: ليس من خلال إلغاء الوظائف الملموسة مباشرة، بل عن طريق تفريغ الصفوف الإدارية التي تنسق هذه العمليات، وفقا لموقع " fortune".
وتوضح المذكرة الداخلية للشركة أن هذه التخفيضات تهدف إلى زيادة مرونة الشركة مع توسع استثماراتها في الذكاء الاصطناعي التوليدي. وقد أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على أداء العديد من المهام التي كانت حكرًا على المديرين، مثل التنسيق، إعداد التقارير، وصنع القرارات الروتينية.
الرئيس التنفيذي آندي جاسي أوضح أن هذه الأدوات تساعد الفرق على "التحرك بشكل أسرع واتخاذ قرارات أفضل"، بينما تتيح الأنظمة التوليدية تلخيص الاجتماعات وصياغة المذكرات وإعداد تقارير الحالة بشكل تلقائي.
هذا الاتجاه لم يعد محصوًا بأمازون فقط. فقد أعلنت شركات مثل تارغت وباراماونت عن تسريحات مماثلة، ما يعكس اتجاها واسعا نحو تسطيح التسلسل الهرمي في الشركات باستخدام الذكاء الاصطناعي. ويشير محللو جارتنر إلى أنه بحلول 2026، قد تستخدم واحدة من كل خمس شركات الذكاء الاصطناعي لإلغاء نصف مستويات إدارتها على الأقل.
المفارقة أن أمازون، الشركة التي طورت الروبوتات لتصبح نموذجا في أتمتة المستودعات، تشير الآن إلى أن القوى العاملة المكتبية هي الأكثر عرضة للتأثير أولًا.
وهذا التحول يخلق سوق عمل جديدا يتميز بـ"توظيف منخفض وطموح كبير"، ويقلل فرص الترقي للموظفين الشباب.
وتشير بيانات Challenger, Gray & Christmas إلى أن شركات التكنولوجيا ألغت أكثر من 108 آلاف وظيفة في 2025، فيما ارتفعت تسريحات قطاع التجزئة بنسبة 203% مقارنة بالعام الماضي، مع توقع أن تتجاوز خطط خفض الوظائف المليون وظيفة لأول مرة منذ 2020.
مع استمرار الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل الوظائف، يبدو أن الإدارة الوسطى ستكون أول من يشعر بضغط الأتمتة، ما يفتح نقاشا واسعا حول مستقبل العمل في عصر التكنولوجيا المتقدمة.





