حال المال والاقتصاد

سجن ملكة البيتكوين.. القصة الكاملة لإمبراطورة الاحتيال الرقمي

سجن ملكة البيتكوين.. القصة الكاملة لإمبراطورة الاحتيال الرقمي

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 16 نوفمبر 2025 12:06 صباحاً - في واحدة من أكثر القضايا إثارة في عالم الجريمة المالية الرقمية، أصدرت محكمة ساوثوورك كراون البريطانية حكمها على السيدة الصينية تشيان تشيمين، المعروفة إعلامياً باسم "ملكة العملات المشفرة"، بالسجن لمدة 11 عاما وثمانية أشهر، بعد إدانتها بغسل أموال تُقدّر بنحو 5 مليارات جنيه إسترليني (حوالي 6.6 مليارات دولار)، ناتجة عن مخطط استثماري ضخم في الصين حول العملات الرقمية.

كانت تشيان، 47 عامًا، العقل المدبر وراء مخطط بونزي هائل وهو نظام بيع هرمي وشكل من أشكال الاحتيال استهدف أكثر من 100 ألف مستثمر صيني بين عامي 2014 و2017. أسست شركتها، المعروفة باسم لانتيان جيروي أو “بلوسكاي جريت”، بادّعاء تطوير منتجات صحية عالية التقنية وتعدين العملات الرقمية. لكن وفقًا للتحقيقات، اختلست الشركة أموال المستثمرين، واستُخدمت مدفوعات يومية صغيرة من أموال المستثمرين الجدد لإقناع الضحايا بأن الأرباح حقيقية، في عملية احتيال منظمة بدقة، وفق لـ " BBC".

فرارها إلى بريطانيا وحياة الرفاهية

بعد بدء التحقيقات في الصين وإدانة أكثر من 80 شخصًا مرتبطين بالشركة، فرّت تشيان إلى المملكة المتحدة بجواز سفر مزور في سبتمبر 2017، واستقرت في قصر فخم بإيجار شهري يزيد عن 17 ألف جنيه إسترليني في منطقة هامبستيد شمال لندن.

لتغطية نفقاتها الباذخة، كانت تحول جزءا من البيتكوين الخاص بها إلى نقود، وتظاهرت بأنها وريثة ثرية، مستأجرة موظفين شخصيين لإدارة أعمالها غير القانونية، بما في ذلك تداول البيتكوين وتحويله إلى أصول أخرى، مثل النقود والعقارات.

ضبط الشرطة وأكبر مصادرة للعملات المشفرة

كشف التحقيق البريطاني عن أكبر عملية ضبط للعملات المشفرة في المملكة المتحدة، حين داهمت الشرطة القصر ووجدت محركات أقراص صلبة وأجهزة كمبيوتر محملة بعشرات الآلاف من عملات البيتكوين، تقدر قيمتها بحوالي 6 مليارات دولار حاليًا. وصف المحققون العملية بأنها مثال على الاحتيال المعقد، إذ استخدمت تشيان محافظ متعددة وبورصات خارجية لإخفاء أثر الأموال، ما جعل تتبعها صعبًا على السلطات.

اعتراف بالذنب والإدانة

في سبتمبر، اعترفت تشيان بالذنب أمام المحكمة، بعدما أنكرت في البداية جميع التهم، مدعية أنها كانت تهرب من حملة صينية ضد رواد الأعمال في مجال العملات المشفرة. القاضية سالي آن هيلز قالت خلال النطق بالحكم: "كنتِ مهندسة هذه الجريمة منذ بدايتها وحتى نهايتها… وكان دافعك هو الجشع المحض."

كما أُدين مساعدها السابق وين جيان، الذي ساعدها في تحويل العملات المشفرة، وحُكم عليه بالسجن ست سنوات بتهمة غسل الأموال.

تأثير الاحتيال على المستثمرين

تضرر المستثمرون ماليًا وشخصيًا، إذ يقول أحد الضحايا، السيد يو: "لم تكن الخسارة مالية فقط، بل طالت حياتنا الشخصية والعائلية… حتى زواجي انتهى بسبب هذا الاحتيال."

استثمر الضحايا أموالًا تصل إلى مئات الآلاف من اليوان لكل مستثمر، مع وعود بعوائد يومية. ومع تسجيل مستثمرين جدد، كانت الشركة تموّل المدفوعات اليومية للقدامى، ما أعطى انطباعًا زائفًا عن شرعية المخطط.

خداع المستثمرين واستغلالهم عاطفيا

استخدمت تشيان وموظفوها استراتيجيات نفسية وحيلة وطنية للتأثير على كبار السن والمستثمرين في منتصف العمر، بما في ذلك تنظيم احتفالات جماعية ومحاضرات تُبرز حبها للصين وتاريخها الوطني. كما تواصلت مع المستثمرين الكبار عبر فعاليات خاصة ومذكرات مدروسة بعناية، مستخدمة لقب "هوا هوا" أو الزهرة الصغيرة، وكتبت قصائد لتعزيز الثقة والمصداقية أمام ضحاياها.

طموحات شخصية وجريئة

تكشف مذكرات تشيان عن طموحاتها الكبيرة، بما في ذلك تأسيس بنك دولي وشراء قلعة سويدية والتقرب من دوق بريطاني. وأكبر مشروع لها كان رغبتها في أن تصبح ملكة ليبرلاند، دولة صغيرة غير معترف بها على الحدود الكرواتية-الصربية، بحلول عام 2022. وأظهرت المذكرات أيضا خططا لتسديد ديونها في الصين بمجرد ارتفاع قيمة البيتكوين، لكن أولويتها كانت مشاريعها الشخصية وامتلاك السلطة والثراء.

نهاية المخطط

تم القبض على تشيان أخيرا في يورك، شمال إنجلترا، مع أربعة أشخاص آخرين كانوا يعملون لديها بشكل غير قانوني، بينهم مساعدين شخصيين لأغراض التسوق والأمن والتنظيف. حالياً، تبدأ السلطات البريطانية إجراءات مدنية لاسترداد أموال المستثمرين، بينما أي فائض من الأموال عادةً يُحوّل إلى الحكومة، ما يسلّط الضوء على حجم المكاسب الطائلة من عمليات غسيل الأموال الرقمية.

Advertisements

قد تقرأ أيضا