ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 24 نوفمبر 2025 06:36 مساءً - ضاعفت دبي ميزانيتها الحكومية خلال عقد واحد تقريباً، وفق بيانات ميزانيات الإمارة بين عامي 2017 و2026، والتي تكشف عن نمو لافت في حجم الإنفاق العام، من 47.3 مليار درهم في 2017، إلى 99.5 مليار درهم في 2026، هذا الارتفاع الكبير يعكس بوضوح النهج التنموي الطموح الذي تتبناه الإمارة، عبر مضاعفة الاستثمارات في البنية التحتية، والخدمات الحيوية، والتحول الرقمي، وتطوير القطاعات الاقتصادية ذات القيمة المضافة.
وفي موازاة هذا التوسع في الإنفاق، سجلت الإيرادات الحكومية نمواً قوياً من 44.8 مليار درهم، إلى 107.7 مليارات درهم خلال الفترة نفسها، ما يؤكد قدرة دبي المتزايدة على توليد موارد مالية جديدة، تواكب ارتفاع الإنفاق، عبر توسع القاعدة الاقتصادية، وارتفاع تدفقات الأنشطة التجارية والسياحية والمالية، ونمو القطاعات غير النفطية.
ويعكس هذا التوازن بين نمو الإنفاق والإيرادات، قدرة الإمارة على تمويل خططها التنموية دون ضغوط مالية، ويدعم مسارها الاستراتيجي نحو اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة خلال السنوات المقبلة.
أجمع المسؤولون والخبراء، أن ميزانية دبي 2026–2028 — الأكبر في تاريخ الإمارة، بإجمالي مصروفات 302.7 مليار درهم — تمثّل نقطة تحول جديدة في مسيرة الإمارة الاقتصادية، وتؤكد ثقة القيادة بنمو مستدام، يعتمد على بنية تحتية عالمية، وتنمية اجتماعية قوية، وفائض تشغيلي يعكس انضباطاً مالياً عالي المستوى.
ويرى الخبراء أن تركيز الموازنة على الابتكار والفضاء والذكاء الاصطناعي والاقتصاد المعرفي، يشكل دعامة أساسية لجذب الاستثمارات عالية القيمة، وتعزيز مكانة دبي مركزاً مالياً عالمياً.
محطة مهمة
وقالت آن كيليس مديرة منطقة الخليج في «جيرسي فاينانس»، إن إعلان ميزانية دبي العامة للأعوام 2026–2028، يمثل محطة مهمة أخرى في مسيرة الرؤية الاقتصادية طويلة المدى لدولة الإمارات، ويعزز مكانتها مركزاً عالمياً للأعمال والابتكار والاستثمار، ويعكس حجم هذه الميزانية الممتدة لثلاث سنوات، والبالغ إجمالاً 302.7 مليار درهم — وهي الأكبر في تاريخ دبي — ثقة حكومية قوية باستمرار نمو الاقتصاد، وارتفاع الإيرادات، وتوسع القطاعات الحيوية، خصوصاً البنية التحتية، والتنمية الاجتماعية، والأمن.
وأوضحت كيليس أنه بالنسبة للمستثمرين الدوليين والشركات المالية، بما في ذلك المؤسسات العاملة في مراكز مالية، فإن التزام دبي بالميزانيات متعددة السنوات، يوفر قدراً كبيراً من الوضوح وقابلية التنبؤ، ويُعد هذا الإطار المالي طويل المدى، إشارة على الاستقرار، والحَوْكَمة الرشيدة، ونهج الإدارة الاقتصادية المُستشرف للمستقبل، وهي عوامل يوليها المستثمرون العالميون أهمية كبيرة عند اتخاذ قرارات تخصيص رؤوس الأموال.
اقتصاد شامل
وأضافت «إن التركيز على البنية التحتية والإنشاءات، والتي تستحوذ على نحو نصف الإنفاق الكلي تقريباً، سيدعم طموح دبي في تعزيز تنافسيتها مركزاً للتجارة والخدمات اللوجستية والتمويل، وفي الوقت نفسه، يؤكد الإنفاق الكبير المخصص للتنمية الاجتماعية، التزام الحكومة ببناء اقتصاد شامل قائم على المعرفة، وهو أمر أساسي لجذب الكفاءات عالية المهارة، وتعزيز النمو المستدام».
وتابعت «كما يُظهر الفائض التشغيلي المتوقع بنسبة 5 %، مستوى عالياً من الانضباط المالي، ما يبعث برسائل طمأنة إلى الأسواق الدولية حول قوة وضع دبي المالي، وللمراكز المالية الدولية التي تعمل بشكل وثيق مع المستثمرين والخبرات والعائلات الثرية، والشركات ومديري الأصول في دول الخليج، ويوفر هذا الاستقرار المالي قاعدة أقوى لتدفقات الاستثمار العابر للحدود، ويعزز فرص التعاون في مجالات مثل إدارة الثروات، والاستثمارات البديلة، والتمويل المستدام».
وأشارت كيليس إلى أن الميزانية الجديدة تعزز مكانة دبي اقتصاداً ديناميكياً ومرناً ومرتبطاً بالعالم، ونتوقع أن تستمر في جذب الاستثمارات عالية القيمة، ودعم شراكات مالية واقتصادية أعمق.
الطموح الاقتصادي
بدوره، قال فيجاي فاليشا الرئيس التنفيذي للاستثمار في «سنشري فاينانشال»، إن دبي أقرت أكبر موازنة في تاريخها، بإجمالي نفقات يصل إلى 302.7 مليار درهم، وإيرادات متوقعة بنحو 329.2 مليار درهم، للفترة من 2026 إلى 2028، هذه الأرقام ليست مجرد بنود مالية، إنها رسالة واضحة بأن الإمارة تمضي بثقة نحو مرحلة أوسع من النمو، وبرهان على إيمان قيادتها الراسخ بقوة الاقتصاد المحلي واستدامة زخمه.
وأضاف فاليشا أن هذه الموازنة الجريئة، تعكس مستويات النمو المتسارعة التي يشهدها اقتصاد دبي، فقد أظهرت أحدث بيانات مركز دبي للإحصاء، تحقيق الناتج المحلي الإجمالي نمواً قدره 4.4 % خلال النصف الأول من عام 2025، ليبلغ نحو 241 مليار درهم، مدعوماً بأداء قوي في قطاعات العقارات والتجارة والسياحة والخدمات المالية، كما سجلت الإمارة نمواً سنوياً نسبته 4 % في الربع الأول من العام ذاته.
وتابع «وعلى مستوى الدولة، حقق القطاع غير النفطي في الإمارات نمواً لافتاً، بلغ 5.3 % في الربع الأول 2025، ليشكل اليوم أكثر من 77 % من الناتج المحلي للدولة، في خطوة تعكس التحول المتسارع نحو اقتصاد متنوع، تقوده دبي بوضوح».
ما الذي تقوله هذه الموازنة؟
وأفاد فاليشا بأن الموازنة الجديدة ترتكز على محورين رئيسين: الأول، مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد المقبل، والثاني، تعميق الاستثمار في الابتكار، بما يشمل قطاعات الفضاء، والتحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، وغيرها من الصناعات المستقبلية.
وأضاف «تؤكد حكومة دبي من خلال هذا التوجه، أنها جادة في الاستثمار في القطاعات التي ستقود اقتصاد الغد، وليست مجرد مواصلة المسار السابق».
وتابع «بالنسبة للمستثمرين ورواد الأعمال، تمثل هذه الموازنة إشارة خضراء واضحة، فالحكومة لا تعتمد على نجاحات الماضي، بل تضخ استثمارات كبيرة في موجة جديدة من النمو، بما يعزز جاذبية دبي مركزاً عالمياً للشركات والابتكار، ومع معدل نمو اقتصادي يتراوح بين 4 % و5 %، تبدو البيئة الاقتصادية مهيأة لفرص استثمارية واسعة وأفكار جديدة».
الشمول المالي
قال راشد الأنصاري الرئيس التنفيذي لشركة الأنصاري للخدمات المالية: تعكس الموازنة العامة الجديدة، رؤية اقتصادية متطورة، تعزز الثقة في مسار دبي التنموي، وتؤكد قدرة الإمارة على مواصلة النمو المستدام في القطاعات الحيوية. إن التركيز على الإنفاق الاستراتيجي والاستثمار في القطاعات المستقبلية، كالرقمنة والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الجديد، يوفر بيئة مواتية لترسيخ دور دبي مركزاً مالياً وتجارياً عالمياً. ونرى أن هذه الموازنة تفتح آفاقاً جديدة لتعزيز الشمول المالي، ودعم حلول المدفوعات الرقمية، وتحفيز الابتكار المالي، بما يتيح لنا خدمة قاعدة أوسع من العملاء، ويزيد من قدرتنا على تلبية احتياجات شريحة متنامية من العمالة، وتقديم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
موازنة دبي للفترة 2017-2026:
السنة المصروفات (مليار درهم) الإيرادات (مليار درهم) عجز/فائض (مليار درهم)
2017 47.3 44.8 2.5-
2018 56.6 50.4 6.2-
2019 56.8 51 5.8-
2020 66.4 64 2.4-
2021 57.1 52.4 4.7-
2022 59.9 57.5 2.4-
2023 67.5 69 1.5+
2024 79.1 90.6 11.5+
2025 86.2 97.6 11.4+
2026 99.5 107.7 8.2+
