حال المال والاقتصاد

«سي بي آر إي»: الإمارات مغناطيس جاذب للفخامة العالمية

«سي بي آر إي»: الإمارات مغناطيس جاذب للفخامة العالمية

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 22 ديسمبر 2025 12:06 صباحاً - شهدت دولة خلال عام 2025 تحولاً نوعياً في سوقها العقاري، تجاوز منطق الطفرات السعرية الدورية، ليكرس مكانتها أحد أهم المراكز العالمية لنمط الحياة الفاخر، ووجهة رائدة للوحدات السكنية المرتبطة بالعلامات التجارية العالمية.

هذا ما خلص إليه تقرير شركة «سي بي آر إي» للأبحاث بعنوان: «الوحدات السكنية ذات العلامات التجارية في الإمارات: مغناطيس عالمي للفخامة ومحرك للعلاوات السعرية والمشاريع المستقبلية».

أسس صلبة

ويعزو التقرير هذه القفزة اللافتة إلى متانة الأساسيات الاقتصادية للدولة، إذ جرى رفع توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2026 إلى 5.3%، مدفوعة بزخم قوي في القطاعات غير النفطية التي باتت تسهم بنسبة قياسية بلغت 77.5% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.

ويعزز هذا الأداء استقرار مالي واضح، تدعمه ميزانية اتحادية لعام 2026 تقدر إيراداتها بنحو 92.4 مليار درهم، إلى جانب تصنيفات ائتمانية سيادية قوية من كبرى وكالات التصنيف العالمية، ما وفر بيئة مثالية لجذب رؤوس الأموال العالمية الباحثة عن استثمارات آمنة ومستقرة.

تدفق الأثرياء

ويغذي هذا التحول تدفق متزايد للأثرياء من مختلف أنحاء العالم، إذ تشير تقديرات دولية إلى أن الإمارات ستستقطب ما بين 9.800 و13.000 مليونير جديد خلال عام 2025، مدفوعين بجاذبية نظام «التأشيرة الذهبية» وتطور البنية التحتية وجودة الحياة. ويبرز في هذا السياق صعود فئة ما يعرف بـ «المليونيرات العاديين» أو أصحاب الثروات الناشئة، ممن تتراوح أصولهم بين مليون و5 ملايين دولار، والذين باتوا يشكلون المحرك الرئيسي للنمو.

فهؤلاء ينظرون إلى العقار كأداة استقرار طويل الأجل، ويفضلون الوحدات السكنية ذات العلامات التجارية لما توفره من ضمان للجودة، وخدمات فندقية متكاملة، ونمط «أغلق الوحدة وارحل» المدعوم بصيانة وخدمات خمس نجوم.

دبي هيمنة عالمية

وفي صدارة المشهد، تبرز دبي مركزاً عالمياً مهيمناً لهذا النوع من الأصول العقارية، متجاوزة أسواقاً عريقة في أوروبا وأمريكا الشمالية من حيث حجم وتركيز المشاريع الفاخرة.

وسجلت مبيعات الوحدات السكنية ذات العلامات التجارية في الإمارة نمواً قياسياً بنسبة 51% في قيمتها، لتصل إلى نحو 50 مليار درهم (13.6 مليار دولار) خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، فيما ارتفع عدد المعاملات بنسبة 26%. وكان قطاع الفيلات الفاخرة المحرك الأبرز لهذا الأداء، مع قفزة استثنائية بلغت 335% في أحجام المعاملات، مدعومة بمتوسط أسعار بيع وصل إلى 17.3 مليون درهم للوحدة في بعض المشاريع الكبرى.

ويدفع المستثمرون في دبي حالياً علاوة سعرية متوسطة تبلغ 64% مقابل الوحدات ذات العلامات التجارية، وترتفع هذه النسبة بشكل ملحوظ في المشاريع المرتبطة بعلامات السيارات الفاخرة مثل «بوجاتي» و«لامبورجيني» ومع سعي المطورين لتعظيم العوائد، يتوقع السوق تسليم أكثر من 31.300 وحدة جديدة بحلول عام 2030، تشكل الشقق نحو 95% منها، على أن تستحوذ الوحدات ذات العلامات التجارية على قرابة 8% من إجمالي المشاريع السكنية الجديدة في الإمارة.

وقد عززت دبي مكانتها كعاصمة عالمية للمساكن ذات العلامات التجارية، متجاوزة مراكز العقارات الفاخرة العريقة مثل ميامي ولندن ونيويورك، حيث يسعى المشترون بشكل متزايد إلى الحصول على منازل تجمع بين نمط الحياة والهوية والمجتمع مع المكانة والقيمة الطويلة الأجل.

ومع 48,474 وحدة سكنية تحمل علامة تجارية موزعة على 144 مشروعاً، وأكثر من 5,500 وحدة سكنية جديدة تمت إضافتها في النصف الأول من عام 2025 وحده، تقود الإمارة تحولاً عالمياً في المعيشة الفاخرة يعكس الأولويات المتطورة لجيل جديد من مشتري العقارات.ولم تعد المساكن الفاخرة ذات العلامات التجارية، والمُطوّرة بالتعاون مع أسماء عالمية مرموقة، مقتصرة على شراكات مع شركات ضيافة عملاقة مثل فور سيزونز وريتز كارلتون.

ففي دبي، اتسع نطاق هذا المفهوم ليشمل دور أزياء عالمية مثل أرماني وميسوني، وعلامات سيارات رائدة مثل بوغاتي ومرسيدس بنز، ومبتكري أساليب الحياة العصرية مثل سيكس سينسز وسيبرياني.ويبدي المشترون استعدادهم لدفع أقساط تتراوح بين 40 % و60 % لهذه العقارات مقارنةً بمثيلاتها غير ذات العلامات التجارية، مدفوعين بوعود التجارب المميزة، والولاء للعلامة التجارية، وقيمة إعادة البيع المستقبلية.

ووفقًا لتقارير القطاع، شهدت المساكن ذات العلامات التجارية في دبي نموًا تجاوز 160% خلال العقد الماضي، متجاوزةً بذلك المتوسط العالمي بكثير، ومُعيدةً بذلك رسم ملامح المشهد العقاري في المدينة.ويرتبط النمو السريع لهذا القطاع بمزايا هيكلية تجعل دبي في وضع فريد للهيمنة.

فقد ضمنت السياسات الحكومية الاستراتيجية، واللوائح التنظيمية الملائمة للمستثمرين، والتخطيط العمراني الجريء، استمرار الإمارة في جذب الأفراد ذوي الملاءة المالية العالية الذين يبحثون عن أكثر من مجرد مساحة. وقد منحت مزايا مثل التملك الأجنبي الكامل، والإعفاء الضريبي على الدخل، والتأشيرات الذهبية طويلة الأجل، المستثمرين حوافز قوية، في حين تُوجّه خطة دبي الحضرية الرئيسية 2040 عجلة التنمية نحو نمو مستدام، يركز على الصحة العامة، ويخدم المجتمع.

ويتضح الإقبال على السكن الفاخر ذي العلامات التجارية من خلال بيانات المعاملات. ففي عام 2024 وحده، سجلت دبي بيع 13,000 وحدة سكنية فاخرة بقيمة 60 مليار درهم، ما يمثل 8.5% من إجمالي قيمة المعاملات العقارية في المدينة، وبزيادة سنوية قدرها 43%. ولا يعكس حجم النمو طلب المشترين فحسب، بل يعكس أيضًا اعتماد المطورين المتزايد على التعاون الاستراتيجي.

وقد أصبحت الشراكات السمة المميزة للقطاع، حيث أطلق مطورون مثل بن غاطي مشروع «بوجاتي ريزيدنسز»، وكشفت «أرادا» عن مشروع «أرماني بيتش ريزيدنسز»، وجلبت مجموعة «سيليكت» مشروع «سيكس سينسز ريزيدنسز» إلى دبي. وفي الوقت نفسه، تعمل أسماء رائدة مثل إعمار ومراس ونخيل على بناء أحياء سكنية كاملة ترتكز على علامات تجارية عصرية، مما يضمن إدماج العقارات الفاخرة ذات العلامات التجارية في النسيج الحضري للمدينة.

ويعكس هذا الطفرة تحولاً في سلوك المستهلك، حيث أصبح أسلوب الحياة وهوية العلامة التجارية يلعبان دوراً حاسماً بقدر أهمية الموقع. بالنسبة للعديد من المشترين، لا تقتصر هذه المنازل على الحصرية؛ بل تمثل مجتمعاً متكاملاً، ورفاهية، وتعبيراً شخصياً.

ويؤكد المحللون أن مزيج دبي العالمي من السكان والمستثمرين يجعلها السوق الأمثل لازدهار هذه المفاهيم. ويضمن ترابط المدينة العالمي، واقتصادها السياحي النابض بالحياة، وتركز سكانها الأثرياء، وجود قاعدة ثابتة من المشترين الذين يقدرون مزايا نمط الحياة الفورية وزيادة رأس المال على المدى الطويل.

أبوظبي فخامة حصرية

أما أبوظبي، فتعيش مرحلة نمو متسارع، إذ سجلت معاملات الوحدات ذات العلامات التجارية ارتفاعاً بنسبة 126%، مع تركيز واضح على مفهوم «الحصرية» والفخامة الهادئة، خصوصاً في جزر السعديات وياس والمارية. وحققت هذه الوحدات علاوة سعرية قياسية بلغت 87% مقارنة بالوحدات التقليدية، في مؤشر واضح على ندرة المعروض فائق الفخامة وارتفاع الطلب على مستويات خدمة عالمية.

ويتوقع التقرير أن يشهد عام 2027 تحولاً استراتيجياً في سوق العاصمة، مع توسع ملحوظ في مشاريع وحدات «نمط الحياة» غير الفندقية، التي يتوقع أن تمثل نحو 44% من المعروض الجديد، مدعومة بزخم المشاريع الترفيهية الكبرى، مثل الإعلان عن «ديزني لاند»، ما يحول هذا القطاع من توجه تدريجي إلى طفرة مكتملة الأركان.

ولا تقف طموحات النمو عند دبي وأبوظبي، إذ برزت رأس الخيمة كإحدى أسرع الأسواق نمواً بعد عملية إعادة تموضع شاملة حولتها إلى وجهة فاخرة أعيد تشكيلها بالكامل.وكان الإعلان عن منتجع «وين المرجان» بمثابة حجر الزاوية لهذا التحول، حيث يتوقع أن ترتفع مساهمة الوحدات ذات العلامات التجارية من 20% حالياً إلى 54% من إجمالي المعروض الجديد بحلول عام 2030.

وقد عكست المبيعات السريعة لمشاريع مثل «موندريان المرجان» —التي بيعت وحداتها خلال ساعات قليلة بقيمة 704 ملايين درهم— شهية قوية من المستثمرين الدوليين لعلامات تجارية تتجاوز الإطار الفندقي التقليدي، لتشمل أسماء عالمية في الموضة ونمط الحياة الفاخر.

Advertisements

قد تقرأ أيضا