ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 17 أغسطس 2025 12:06 مساءً - في وقت تتصاعد فيه النقاشات حول الهجرة في ألمانيا، تظهر البيانات والتحليلات الحديثة أن المهاجرين السوريين أصبحوا قوة اقتصادية فاعلة، فقد تحولت قصصهم من رحلة لجوء محفوفة بالمخاطر إلى نماذج نجاح تُشبه تحويل التحديات إلى ذهب في سوق العمل وريادة الأعمال، مسهمين بذلك في سد النقص في القطاعات الحيوية وتعزيز الإيرادات العامة في ألمانيا.
ديار خال مثال حي لهذا النجاح؛ بعد أكثر من عقد على وصوله إلى ألمانيا، أصبح يتحدث الألمانية بطلاقة ويعيش في مدينة مانهايم الصناعية، حيث يدير شركته الناشئة التي توظف 15 شخصًا وتطور تطبيقًا يسهل على المهاجرين التعامل مع البيروقراطية الألمانية. هذه القصة تمثل نموذجًا للنجاح الذي غالبًا ما يتم تجاهله وسط الجدل المحتدم حول الهجرة.
83 ألف سوري حصلوا على الجنسية الألمانية
تشير البيانات الرسمية إلى أن أكثر من 83 ألف سوري حصلوا على الجنسية الألمانية خلال العام الماضي، وهو أكبر عدد بين جميع الجنسيات الأخرى. كما أن نحو ثلثي اللاجئين الذين وصلوا بين عامي 2013 و2019 يعملون اليوم، بنسبة تقل 9 نقاط مئوية فقط عن متوسط التوظيف الوطني، ما يعكس مدى تقدم جهود الاندماج المهني، وفقاً لـ "بلومبيرغ".
ويقول هربرت بروكر، رئيس دراسات الهجرة، إنه في بداية أزمة اللجوء كان من الصعب توقع حصول نصف اللاجئين على وظائف، نظرًا للعقبات الكبيرة. لكنه يشير إلى أن "التكاليف الأولية كبيرة، لكن عندما يبدأ اللاجئون بالعمل، فإنهم لا يعودون عبئًا على المالية العامة، بل يضيفون قيمة حقيقية".
كل سوري يساهم بـ 7100 يورو سنويًا
ويقدر مارتن فيردينغ، عضو مجلس الخبراء الاقتصاديين، أن كل مهاجر سوري جديد يساهم بحوالي 7100 يورو سنويًا في ميزانية الدولة، أي ما يقارب ثلاثة مليارات يورو سنويًا على المدى الطويل، بفضل إضافة دافعي ضرائب شبابًا إلى سوق العمل، ما يخفف عبء تمويل المعاشات التقاعدية.
ورغم التحديات التي تواجه المهاجرين السوريين، من الخطاب الشعبوي إلى الإجراءات البيروقراطية التي تبطئ الاندماج، تثبت الأرقام والقصص الفردية أن مساهماتهم الاقتصادية والاجتماعية أصبحت جزءًا أساسيًا من النسيج الألماني. فقد تمكنوا خلال أقل من عقد من الانتقال من الاعتماد على الدعم الحكومي إلى المساهمة الفعلية فيه، عبر دخول سوق العمل وافتتاح المشاريع وسد النقص في القطاعات الحيوية.
ويتفق خبراء الاقتصاد والديموغرافيا على أن ألمانيا لا تملك رفاهية الاستغناء عن موجات الهجرة، ليس فقط لأسباب إنسانية، بل لأسباب استراتيجية مرتبطة بمستقبل الاقتصاد وسوق العمل. ومع شيخوخة السكان وتراجع نسب المواليد، تصبح الهجرة، بمواردها البشرية ومهاراتها المتنوعة، عنصرًا حاسمًا في الحفاظ على توازن القوى العاملة واستدامة نظام الرعاية الاجتماعية. ومن هنا، تتحول قصص نجاح السوريين في ألمانيا من استثناءات إلى نماذج عملية لما يمكن أن تحققه سياسات اندماج ذكية وفعّالة.
أخبار متعلقة :