ابوظبي - ياسر ابراهيم - السبت 27 سبتمبر 2025 11:14 مساءً - يعتبر الماس من الأحجار الكريمة النادرة وذات قيمة جمالية ومادية عالية، وتدون مكوناته حقباً جيولوجية سحيقة، وتحتوي تكويناته على ذرات النيكل، التي حير وجودها بداخله العلماء لسنوات طويلة.
كشفت دراسة رائدة شملت الماسات المستخرجة من منجم جنوب أفريقي عن أسرار خفية حول وشاح الأرض، وهو الطبقة الواقعة بين القشرة واللب، ومن خلال فحص الشوائب الدقيقة داخل هذه الماسات، وجد الباحثون أدلة مباشرة على وجود سبائك معدنية من النيكل والحديد وكربونات غنية بالنيكل، مما يُقدم لمحة نادرة عن باطن الأرض العميق.
كبسولات زمنية جيولوجية
يؤدي وشاح الأرض دوراً محورياً في الأنشطة البركانية، وإعادة تدوير القشرة، وتطور الكوكب ككل. ورغم أهميته، فإن الرصد المباشر للتفاعلات الكيميائية للوشاح محدود، لسنوات، اعتمد الجيولوجيون على النماذج والتجارب لافتراض وجود معادن محددة في أعماق الأرض.
أشارت هذه النماذج إلى وجود سبائك معدنية غنية بالنيكل على أعماق تتراوح بين 173 و292 ميلاَ تقريباً. ومع ذلك، ثبت أن تأكيد هذه التوقعات صعب نظراً لصعوبة الوصول إلى عينات طبيعية من هذه الأعماق.
تحقق هذا الإنجاز من خلال دراسة الشوائب النانوية والميكروية داخل الماس المستخرج من منجم فورسبويد بجنوب أفريقيا، حيث تعمل هذه الشوائب كـ"كبسولات زمنية صغيرة"، تحفظ التفاعلات الكيميائية التي لولا ذلك لظلت بعيدة المنال.
ووفقًا لياكوف فايس، الباحث الرئيسي، فإن هذه الماسات تلتقط صورة نادرة لكيمياء الوشاح، مما يسمح للباحثين بمراقبة العمليات التي عادةً ما تختفي مع توازن المعادن مع محيطها، كما احتوت الشوائب على معادن أخرى، مما يؤكد أصل الماس في الوشاح العلوي العميق ومنطقة الانتقال الضحلة.
لغز تكوين الماس
تُسلّط نتائج الدراسة الضوء على تواجد سبيكة النيكل والحديد مع الكربونات الغنية بالنيكل داخل الماس، فعادةً ما تتفاعل هاتان المادتان بسرعة ولا تتواجدان معاً، يُشير هذا التواجد غير المتوقع إلى تفاعل أكسدة-اختزال تجميدي متحول، تحدث هذه العملية عندما يتسرب مُذاب مُؤكسد غني بالكربون إلى صخور الوشاح المُختزلة الحاملة للمعادن، يؤدي هذا التفاعل إلى تكوين كربونات غنية بالنيكل وأكسدة صخور الوشاح المحيطة.
يُلقي الاكتشاف الضوء لى كيفية تكوّن الماس في الوشاح، ويدعم النظرية القائلة بأن الماس ينشأ من تفاعلات بين معادن الكربونات والمعادن المختزلة، ومن شأن ذلك أن تحدث هذه التفاعلات عندما تُحمل سوائل الكربونات عميقًا في الوشاح عن طريق اندساس الصفائح التكتونية، متفاعلةً مع السبائك المعدنية.
كما تُقدم الدراسة تفسيراً مُحتملًاً لسبب احتواء بعض الماسات على ذرات النيكل في بنيتها البلورية، وهو لغزٌ حيّر العلماء لسنوات، علاوةً على ذلك، كما تُقدم هذه النتائج رؤىً ثاقبة حول تكوّن البراكين، حيث يُمكن أن يلعب إثراء الوشاح بعناصر مثل الكربون والبوتاسيوم دوراً رئيسياً في تكوّن أنواع مُحددة من الصهارة البركانية.
أخبار متعلقة :