ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأربعاء 8 أكتوبر 2025 10:10 مساءً - بدأ هيكل سوق الصرف الأجنبي بالتغير مع تولي المؤسسات المالية غير المصرفية دوراً أكبر في إدارة مخاطر العملات والوصول إلى التمويل الأجنبي، وفقاً لمدونة صندوق النقد الدولي، التي أشارت إلى أهمية هذا السوق، الذي يعد من أكبر الأسواق المالية وأكثرها سيولة، حيث يتم فيه تداول نحو 10 تريليونات دولار يومياً.
وقالت مدونة صندوق النقد الدولي، إن الدور المركزي لهذا السوق في النظام النقدي والمالي الدولي يجعله حساساً للغاية للتطورات الاقتصادية الكلية والتحولات السياسية، وخاصة للتطورات التي تزيد حدة عدم اليقين. وعادة ما يؤدي ارتفاع عدم اليقين المالي أو الاقتصادي العالمي إلى زيادة نفور المستثمرين من المخاطرة ويعزز الطلب على أصول الملاذ الآمن، ما يؤدي لتزايد التقلبات وضغوط السيولة في أسواق الصرف الأجنبي.
على سبيل المثال، تميل عمليات شراء الدولار إلى الارتفاع بنحو 24 نقطة مئوية بعد حدوث ارتفاع حاد في حالة عدم اليقين المالي، وفقاً لمؤشر يقيس التذبذبات المتوقعة في الأسهم الأمريكية، مثلما حدث خلال فترة تفشي الجائحة في مارس 2020.
ويظهر تحليل للمعاملات عبر العملات الرئيسة أن هذا الارتفاع المفاجئ في الطلب على الأصول الآمنة يكون قوياً بشكل خاص بين المؤسسات المالية غير المصرفية. ورغم أن نشاط هذه المؤسسات يدعم السيولة في الأوقات العادية، إلا أنه قد يزيد هشاشة السوق خلال فترات الضغط.
وفي الواقع، تتقلب أسعار الصرف بشكل حاد، وتتسع فروق أسعار العرض والطلب، وترتفع تكاليف التمويل والتحوط الأجنبي خلال فترات عدم اليقين المتزايد. وتميل التأثيرات إلى أن تكون أكثر وضوحاً بالنسبة لعملات الأسواق الناشئة، لأن هذه الأسواق أصغر حجماً وتواجه وصولاً محدوداً للسيولة الدولارية.
الرسوم الجمركية
ووسط مشهد اقتصادي عالمي متغير، يتشكل بفعل تطور السياسات التجارية، وإعادة ترتيب سلاسل الإمداد، والتوترات الجيوسياسية، كشف الارتفاع في عدم اليقين الذي أعقب إعلانات الرسوم الجمركية الأمريكية في أبريل عن أنماط مألوفة وجديدة. فقد ارتفع الطلب على الدولار في أسواق التبادل الفوري، وإن كان بوتيرة أقل حدة مما كان عليه خلال فترات سابقة مثل صدمة الجائحة.
وأصبحت الاختلافات عبر البلدان في التداول أكثر وضوحاً أيضاً، حيث تحولت بعض الاقتصادات إلى البيع الصافي للدولار. كما كان طلب التحوط من المؤسسات المالية غير المصرفية، بهدف الحماية من انخفاض قيمة الدولار في المستقبل، أقوى وأكثر استمراراً، ما يشير إلى تحولات متطورة في استجابات السوق لحالة عدم اليقين.
يمكن أن تنتقل الضغوط في أسواق الصرف الأجنبي إلى أصول مالية أخرى. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي الزيادة في تكاليف التمويل والتحوط إلى ارتفاع تكلفة إدارة مخاطر العملات، ما قد يؤثر في العائدات وعلاوات المخاطر على أصول مثل الأسهم والسندات. كما يمكن أن تؤدي التكاليف المرتفعة للتمويل إلى تآكل قدرة الوساطة للمؤسسات المالية، وتشديد الأوضاع المالية، ما يشكل مخاطر أوسع على الاستقرار.
وتكون هذه التأثيرات أكثر وضوحاً بالنسبة للبلدان التي لديها نقاط ضعف اقتصادية ومالية كلية أعلى، مثل المستويات المرتفعة للدين العام أو عندما تحتفظ المؤسسات المالية بكمية كبيرة من أصولها وديونها بعملات مختلفة.
وإضافة إلى الحساسية تجاه الصدمات الاقتصادية الكلية، تتعرض أسواق الصرف الأجنبي بشكل كبير أيضاً للاضطرابات التشغيلية، مثل الأعطال الفنية، وحوادث الأمن السيبراني، وانقطاع الطاقة، ومخاطر التسوية. وهي احتمالية قيام طرف بتسليم عملته دون الحصول على ما يدين به الطرف المقابل.
وحتى الانقطاعات القصيرة نسبياً لمنصات تداول العملات يمكن أن تضعف سيولة السوق بشكل كبير. وبالمثل، تميل مخاطر التسوية إلى زيادة تقلبات سعر الصرف وتظل ذات أهمية خاصة بالنسبة للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، حيث يفتقر الكثير منها للوصول إلى آليات تخفيف المخاطر، مثل أنظمة التسوية المتزامنة.
الصدمات السلبية
ورغم سيولته العميقة، يظل سوق الصرف الأجنبي عرضة للصدمات السلبية. وهذا يعني أنه ينبغي لصناع السياسات تعزيز الرقابة لمراقبة المخاطر النظامية الناشئة عن ضغوط السوق.
ويحتاج المنظمون والمشاركون في السوق أيضاً إلى تحسين المرونة التشغيلية عن طريق الاستثمار في الأمن السيبراني وخطط الطوارئ، بحيث يمكن للبنى التحتية والمشاركين الرئيسين في سوق الصرف الأجنبي التعافي بسرعة من الاضطرابات.
ولتقليل مخاطر التسوية، يجب تعزيز التبني الأوسع للترتيبات التي تسوي طرفي المعاملة في وقت واحد. وأخيراً، يمكن أن يساعد الانتقال إلى منصات مالية مصممة جيداً على خفض تكاليف المعاملات، وتقلب الأسعار، ومخاطر التسوية.
كما يمكن أن تقلل الرقابة الشاملة، والضمانات الأقوى، والمنصات حديثة المخاطر، وتعزز الكفاءة، وتضع أسواق الصرف الأجنبي في موقع أفضل لدعم التمويل العالمي.
أخبار متعلقة :