ابوظبي - ياسر ابراهيم - السبت 11 أكتوبر 2025 11:14 مساءً - رغم محاولات الأسواق الأمريكية التماسك أمام مزيج من الضغوط الاقتصادية والسياسية جاءت تصريحات الرئيس دونالد ترامب، يوم الجمعة، لتقلب المشهد رأساً على عقب، بعد أن جدد هجومه على الصين، وأعلن عن فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة
100 %، بدءاً من نوفمبر المقبل، ما أشعل موجة بيع جماعية في «وول ستريت»، وأعاد إلى الأذهان أجواء الحرب التجارية، التي هزت الاقتصاد العالمي. وانعكست تلك التصريحات على مزاج وثقة المستثمرين الذين لجأوا إلى الملاذات الآمنة، بينما عمّ اللون الأحمر مختلف المؤشرات الأمريكية والأوروبية الرئيسية في نهاية الأسبوع الثاني من أكتوبر، وامتدت تداعيات الصدمة عبر الأطلسي لتطال المؤشرات الأوروبية، التي بددت مكاسبها السابقة مع نهاية الأسبوع، وسط تصاعد المخاوف من عودة التوتر التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، كما تزامن ذلك مع اضطرابات سياسية في فرنسا وضغوط اقتصادية متزايدة في ألمانيا وبريطانيا، ما أضفى طبقة جديدة من القلق على المشهد المالي الأوروبي. وفي حين عم التراجع معظم البورصات العالمية خالف مؤشر «نيكاي» الياباني الاتجاه، محققاً أفضل أداء أسبوعي له في نحو عام، مدعوماً بمكاسب قوية لأسهم الشركات الكبرى في قطاع التجزئة، علاوة على التطورات السياسية بالبلاد بعد الانتخابات، في مشهد يعكس تبايناً في المزاج الاستثماري بين الأسواق الآسيوية والغربية.
جاء ذلك في وقت تراجعت فيه أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ مايو الماضي، بفعل انحسار التوترات الجيوسياسية بعد اتفاق غزة، الذي أنهى حرباً استمرت عامين، ما بدد علاوة المخاطر من أسعار الخام. أما الذهب فقد واصل سطوعه في سماء الأسواق، متجاوزاً حاجز الأربعة آلاف دولار للأونصة للمرة الأولى في تاريخه، معززاً مكانته ملاذاً آمناً وسط العواصف التجارية والمالية. استفاد المعدن الأصفر من موجة البيع العنيفة، التي ضربت الأسهم العالمية، ومن توقعات خفض الفائدة الأمريكية، ليؤكد مجدداً أن اضطرابات السياسة تظل الوقود الأول لازدهار أصول الأمان.
خسائر جماعية
وسجّلت المؤشرات الأمريكية خسائر جماعية في الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر، بضغط من تراجعات يوم الجمعة - الذي سجلت فيه السوق خسارة تصل إلى 1.65 تريليون دولار في يوم واحد - تحت وطأة تجديد الرئيس دونالد ترامب هجومه على الصين وفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100 %، بدءاً من الأول من نوفمبر.
وأغلق مؤشر «داو جونز» الصناعي عند مستوى 45479.60 نقطة، مقارنة مع إغلاقه الأسبوع الماضي عند 46758.28 نقطة، وبتراجع 2.73 %، كما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة
2.43 % إلى النقطة 6552.51 مقارنة مع 6715.79 نقطة بنهاية الأسبوع الماضي، وانخفض مؤشر «ناسداك» المركب - الذي تهيمن عليه شركات التكنولوجيا - بنسبة 2.53 % إلى 22204.43 نقاط، مقارنة مع 22780.50 نقطة بنهاية الأسبوع الماضي.
وبحلول يوم الجمعة ارتفع مؤشر التقلبات «مؤشر الخوف» في وول ستريت، فوق مستوى 22 نقطة، في ظل تهديدات ترامب للصين، والتي بددت التوقعات السابقة بالتوصل لاتفاق تجاري شامل يُبعد شبح الحرب التجارية عن المشهد. وكانت المؤشرات الأمريكية، في الأسبوع الماضي، قد أدارت ظهرها للإغلاق الحكومي المستمر حتى الآن، مسجلة مكاسب أسبوعية. وغلب اللون الأحمر على تعاملات الأسهم الكبرى في وول ستريت خلال الأسبوع، لتسجل إنفيديا خسائر أسبوعية بأكثر من 2 %، من بينها خسائر بلغت 230 مليار دولار في يوم واحد (يوم الجمعة في أكبر خسارة يومية منذ ستة أشهر)، وتراجعت أسهم أبل بنحو 5 %، كما خسرت تسلا بأكثر من 3.5 %، وهبطت أسهم أمازون بنحو 1.5 % تقريباً.
تبديد المكاسب
وبضغط من تراجعات جلسة الجمعة، التي محت مكاسب جلسات سابقة، سجلت المؤشرات الأوروبية خسائر أسبوعية، متأثرة بالتهديدات، التي أطلقها الرئيس ترامب تجاه الصين، وخسر المؤشر الأوروبي «ستوكس 600» 1.1 %، مغلقاً عند مستوى 564.16 نقطة، مقارنة مع إغلاق الأسبوع الماضي عند 570.45 نقطة.
وكان المؤشر قد سجل أكبر انخفاض يومي له منذ أكثر من شهر، خلال جلسة نهاية تعاملات الأسبوع، وذلك بعد ارتفاعات سابقة بدعم من آمال خفض الفائدة الأمريكية، وتفاؤل الأسواق بشأن طفرة الذكاء الاصطناعي.
وفي أكبر اقتصاد أوروبي تراجع مؤشر «داكس» الألماني بنحو
0.56 %، إلى النقطة 24241.46، مقارنة مع إغلاقه السابق في الثالث من أكتوبر عند 24378.80 نقطة، وفي فرنسا، حيث شكلت الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد ضغطاً واسعاً على السوق انخفض مؤشر «كاك» الفرنسي بأكثر من 2 %، ليتراجع إلى النقطة 7918.00 مقارنة مع 8081.54 الأسبوع الماضي.
وكان رئيس الوزراء الفرنسي، سيباستيان لوكورنو، قد قدم استقالته المفاجئة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، في الوقت الذي تتصاعد فيه تحذيرات المركزي الفرنسي تأثيرات محتملة للجمود السياسي على معدلات النمو بثاني أكبر اقتصاد أوروبي.
ويشار إلى أن لوكورنو، هو رئيس الوزراء الخامس لفرنسا في عامين، وقد استقال بعد ساعات من إعلان تشكيل حكومته، فيما أعلن قصر الإليزيه يوم الجمعة عن إعادة الرئيس إيمانويل ماكرون تعيين سيباستيان لوكورنو رئيساً للوزراء، وتكليفه بتشكيل حكومة جديدة، وفي بريطانيا انخفض مؤشر «فوتسي» بنحو 0.67 %، منهياً التعاملات عند مستوى 9427.47 نقطة، مقارنة مع 9491.25 نقطة الأسبوع الماضي.
انتعاش المؤشر الياباني
وفي المقابل خالف مؤشر «نيكاي» الياباني الاتجاه، مسجلاً مكاسب أسبوعية بأكثر من 5 %، لينهي التعاملات عند 48088.80 نقطة، وذلك مقارنة مع 45769.50 نقطة عند إغلاق الأسبوع الماضي، وسجل المؤشر الياباني أفضل أداء أسبوعي في نحو عام، بدعم من قفزة حادة في أسهم شركة «فاست ريتيلنج»، مالكة علامة يونيكلو التجارية للملابس.
عوامل ضاغطة
وتحت وطأة عديد من العوامل الضاغطة تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوى منذ مايو الماضي، لا سيما بعد انخفاض حدة التوترات الجيوسياسية بالتوصل لاتفاق في غزة يُنهي الحرب المستمرة منذ عامين بين إسرائيل وحركة حماس، وبما بدد علاوة المخاطر. وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 2.8 % خلال الأسبوع، مسجلة عند تسوية الجمعة 62.73 دولاراً للبرميل، مقارنة مع 64.53 دولاراً للبرميل بنهاية الأسبوع الماضي. كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي الوسيط بنسبة 3.25 % خلال الأسبوع لتصل إلى مستوى دون 60 دولاراً للبرميل، وتحديداً عند 58.9 دولاراً، مقارنة مع 60.88 دولاراً بنهاية الأسبوع الماضي.
وتعرضت الأسواق للضغط بنهاية تعاملات الأسبوع جراء تصريحات الرئيس الأمريكي حيال الصين، وإعلانه فرض رسوم جمركية باهظة، بعد انتقادات وجهها لبكين فيما يخص احتكار المعادن الأرضية النادرة.
الذهب فوق 4 آلاف دولار
ولا يزال بريق المعدن الأصفر مهيمناً على الأسواق، ليصل إلى مستويات قياسية هذا الأسبوع فوق الـ 4 آلاف دولار للأونصة. وسجل الذهب مكاسب أسبوعية بأكثر من 3 %، بعد أن عزز هجوم ترامب على الصين من هروب المستثمرين نحو أصول الملاذ الآمن، وفي ظل موجة البيع، التي شهدتها «وول ستريت» بجلسة نهاية تعاملات الأسبوع، كما يستفيد الذهب - الذي وصل لمستوى قياسي غير مسبوق يوم الأربعاء الماضي عند 4059.05 دولاراً - من توقعات خفض الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا الشهر.
أخبار متعلقة :