ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 12 أكتوبر 2025 07:42 مساءً - هل تحوّل وادي السيليكون إلى "مطبخ ترامب السري"؟ فجأة، أصبح قادة التكنولوجيا، الذين كانوا يوماً ما أيقونات الثقافة الليبرالية، يمدّون جسور التواصل مع الإدارة الأكثر إثارة للجدل في أمريكا، ليس بالمال فحسب، بل بـ "خطة" لتغيير مستقبل الاقتصاد والهجرة والدفاع، يقودها الآن شريك جديد في شركة أندريسن هورويتز.
كشف بن هورويتز و راغو راغورام فى تقرير مصور جديد لــ " مجلة فورتشن" الأمريكية ، عن الأسرار التي دفعت عملاق رأس المال المغامر إلى دعم ترامب علناً، وكيف يخططون لاستغلال "وفرة المنطق" التي سيخلقها الذكاء الاصطناعي لإعادة تشكيل كل قطاع اقتصادي.
لكن وراء أرقام المليارات والفرص الهائلة، تكمن أسئلة وجودية لا يملك لها أحد إجابات سهلة: هل سيؤدي هذا الاندفاع نحو "الحوسبة الاحتمالية" إلى أزمة عمالة عالمية؟
وما هو الثمن الذي سيدفعه رواد الأعمال الأمريكيون مقابل علاقة معقدة ومحفوفة بالمخاطر مع التنين الصيني؟ تفاصيل التحول الأيديولوجي والمالي الذي هزّ عرش التكنولوجيا، تبدأ من هنا.
التقى بن هورويتز و راغو راغورام أول مرة في شركة نتسكيب كوميونيكيشنز، وهي شركة خدمات حاسوب أمريكية تاريخية تُعدّ من أهم الركائز التي قامت عليها شبكة الإنترنت العالمية في تسعينيات القرن العشرين، وكانت لكل منهما حياة مغايرة تماماً.
تبنى هورويتز راغورام، الذي كان في بداية مسيرته المهنية حينها، مديراً للمنتجات في تلك الشركة الرائدة التي كانت في عصرها بمثابة المعيار في مجال متصفحات الإنترنت (عصر الدوت كوم).
وقبل أن يصبح بن هورويتز أحد أشهر رموز رأس المال المغامر، بنى سجله القيادي كرئيس تنفيذي لشركة أوبسوير، وهي شركة برمجيات مؤسسية رائدة قادها حتى تم بيعها لشركة هيوليت باكارد في صفقة بلغت قيمتها 1.6 مليار دولار.
هذه الخلفية القيادية في بناء الشركات وتخارجها الناجح هي التي منحت شركته اللاحقة الأساس النظري والعملي الفريد الذي يميزها عن بقية شركات التمويل التقليدية.
على مدى العقود التالية، مضى هورويتز ليؤسس شركة رأس المال المغامر العملاقة أندريسن هورويتز، ذات الأصول المدارة التي تتجاوز 40 مليار دولار أمريكي، بينما شق راغورام طريقه الخاص نحو شركة في إم وير، متسلقاً سلم القيادة ليصبح رئيسها التنفيذي في عام 2021، ثم قاد عملاق البنية التحتية السحابية، بعد عامين فقط، نحو صفقة استحواذ مذهلة بقيمة 69 مليار دولار من قبل شركة برودكوم.
ويُعد انضمام راغورام كشريك جديد في عام 2024 خطوة استراتيجية محورية لشركة أندريسن هورويتز، حيث يهدف إلى سد فجوة خبرة قيادية في تقنيات البنية التحتية السحابية والذكاء الاصطناعي على مستوى المؤسسات، وهي القطاعات التي تشكل ركيزة رؤية الشركة الجديدة.
فمع خبرته في قيادة تحولات تقنية ضخمة، أصبح راغورام هو الموجه الرئيس لاستراتيجية الشركة في عالم الحوسبة الاحتمالية الذي يلوح في الأفق. ومن جانب آخر، شدد راغورام على أننا "ننتقل من طريقة حوسبة حتمية إلى طريقة حوسبة احتمالية"، مضيفاً أن هذا التحول الجذري في الذكاء الاصطناعي يستدعي إعادة التفكير في كل ما يتعلق "بشكل عالم الحوسبة الذي يجب أن يكون عليه".
وأوضح راغورام أن "القدرة على الاستدلال والمنطق ستصبح وفيرة ورخيصة للغاية بمرور الوقت".
واستطرد قائلاً: "بمجرد أن ندرك بشكل جوهري أننا نبني لعالم يتسم بـ وفرة المنطق والاستدلال، تظهر الفرص الاستثمارية في قطاعات المؤسسات، والمستهلكين، وعبر مختلف المجالات".
ووصف هورويتز هذا التحول بأنه "ربما يكون أكبر مجموعة فرص استثمارية رأيناها منذ تأسيس شركتنا، حيث أننا بصدد إعادة اختراع الحوسبة بالكامل".
منذ تأسيسها في عام 2009، تطورت شركة أندريسن هورويتز، التي أتمت عامها السادس عشر، كثيراً، حيث توسعت إلى إدارة الثروات الخاصة والاستثمار في السوق العامة، وصدمت وادي السيليكون خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2024 عندما أعلنت صراحة دعمها للرئيس دونالد ترامب.
ومن جانب اخر يفتح الذكاء الاصطناعي المزيد من آفاق الاستثمار وبناء الشركات الناشئة، حتى بات قطاع رأس المال المغامر يعتمد على استثمارات الذكاء الاصطناعي أكثر من أي وقت مضى.
أكد هورويتز: "لن نتحول إلى شركة أسهم خاصة تشتري مجموعة من الشركات وتدمجها وتستخدم الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، لطرد الموظفين بفعالية أكبر"، وأضاف: "هذا ليس هدفنا نحن بناة أحلام، ونسعى لمساعدة الناس على بناء أشياء جديدة".
وأشار هورويتز، إلى أن راغورام يملأ، إلى حد ما، فراغاً تركه سكوت كوبور، الذي غادر شركة أندريسن هورويتز في أبريل للانضمام إلى إدارة ترامب لقيادة المكتب الأمريكي لإدارة شؤون الموظفين.
وعن الدور الذي تلعبه السياسة في نظرته للمشهد الاستثماري، فشدد هورويتز على ثلاثة محاور، زيادة الوضوح حول العملات المشفرة، وتفاؤله إزاء الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب بشأن الذكاء الاصطناعي، وآماله المتعلقة بـ تعدين وتصنيع المعادن النادرة، خاصة في قطاع الدفاع.
كما تطرق إلى قضية الهجرة، مع تزايد الجدل حول كيفية تعامل إدارة ترامب مع تأشيرات H-1Bقال هورويتز: "قضية الهجرة معقدة للغاية. لقد ذهبت نصف تأشيرات H-1Bلى شركات الاستشارات الكبرى هذه، التي تبحث عن عمالة أرخص، وتحديداً شركات الاستشارات الهندية الكبرى. يجب تنقية هذا الأمر".
والجدير بالذكر أن هورويتز ألف كتاب "الشيء الصعب في الأشياء الصعبة" قبل أكثر من عقد من الزمان، والذي أكد خلاله أن ما يجعل الأشياء الصعبة صعبة هو عدم وجود "إجابات سهلة أو كتيبات إرشادية جاهزة".
وعلى سبيل المثال: "أعتقد أن أكبرها هي العلاقة مع الصين. هناك العديد من الأمريكيين الصينيين الموهوبين للغاية، وهناك العديد من المواطنين الصينيين في الولايات المتحدة الذين يساعدون شركاتنا.
لكن لدينا هذا الوضع الدبلوماسي الصعب معهم، سواء فيما يتعلق بالتجارة أو الأمن القومي. في الوقت الحالي، من الواضح أننا لا نستثمر في الصين لأسباب واضحة. أما على المدى الطويل، فكيف سيتطور هذا الوضع وكيف يجب أن نفكر فيه؟ هذا أمر محيّر حقاً".
أما راغورام، فإنه يعالج كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على قوة العمل: وقال: "كيف تنشر مواردك؟ عندما توازن بين الاستعانة بالأفراد لأداء مهمة ما أو بالذكاء الاصطناعي، ما هي النقطة الصحيحة في هذا الطيف في ذلك الوقت، وكيف تدير هذا التحدي؟ وإذا جمعت ذلك على نطاق شركاتنا والمجتمع ككل، فكيف ستتعامل مع هذا التغيير؟".
أخبار متعلقة :