هل يصبح الذهب «طوق نجاة» لاقتصادات الأسواق الناشئة؟


ابوظبي - ياسر ابراهيم - الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 11:14 صباحاً - يشهد سوق الذهب العالمي حالياً فصلاً تاريخياً، حيث تجاوزت الأسعار مستويات قياسية غير مسبوقة، متجاوزة عتبة الـ 4200 دولار وحتى الـ 4380 دولاراً للأوقية في معاملات الأيام الأخيرة. هذا الارتفاع الصاروخي لم يعد مجرد رد فعل على الأزمات الجيوسياسية والتضخم، بل تحول إلى قوة دافعة تمنح «مكافأة» غير متوقعة للأسواق الناشئة. بحسب Trading Economics و«غولدمان ساكس».
الذهب يشتعل
اخترقت أسعار الذهب العالمية حاجز الـ 4300 دولار للأوقية، مسجلة قفزات تاريخية، مدفوعة بـ «ثلاثي الخوف» العالمي «تراجع الثقة في الدولار، استمرار الضغوط التضخمية، واشتعال النزاعات الجيوسياسية»، وبينما يرى المستثمرون الغربيون في الذهب ملاذاً آمناً للتحوط من المخاطر، فإن هذا الارتفاع يمثل في الواقع «مكافأة» ضخمة ودفعة اقتصادية غير متوقعة للأسواق الناشئة.

Advertisements

تعانق القمم
في ظل استمرار الزخم الصعودي، تشهد أسعار الذهب اليوم (21 أكتوبر 2025) تداولات قوية، بعد أن لامست قمم تاريخية تجاوزت 4380 دولاراً للأوقية في الأيام الماضية. ويستمد الذهب دعماً قوياً من التوقعات المتزايدة بخفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى، خصوصاً الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ما يقلل من جاذبية السندات والأصول التي تدر عائداً.
ومع استمرار التوترات في الشرق الأوسط وأوروبا يغذي الطلب على الذهب بصفته الملاذ الآمن الأول عالمياً. لكن يواجه الذهب حالياً بعض المقاومة النفسية والفنية حول حاجز 4380 - 4400 دولار، وقد يشهد بعض عمليات جني الأرباح القصيرة، لكن الاتجاه العام يظل صاعداً بقوة.

الأسواق الناشئة
يشكل الارتفاع التاريخي للذهب رافعة مالية واستثمارية لدول ناشئة عدة في مسارين رئيسيين:
دعم الاحتياطيات النقدية وتعزيز الثقة، حيث تعد العديد من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة، وعلى رأسها الصين، والهند، وتركيا، ودول الخليج وشرق أوروبا، من أكبر المشترين للذهب في السنوات الأخيرة. هذا الشراء المكثف كان لأسباب استراتيجية، أهمها تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي والتحوط من تذبذبه. وضمان قيمة احتياطياتها في مواجهة التضخم العالمي.
ومع ارتفاع قيمة أصولها من الذهب يرفع من قوة ميزانيتها العمومية ويعزز الثقة في عملتها المحلية واقتصادها.

التجارة والطلب المحلي
تعتبر دول مثل الهند والصين أكبر مستهلك للذهب في العالم على المستوى الشعبي، حيث ينظر إليه كأداة ادخار تقليدية، لأن ارتفاع أسعار الذهب عالمياً ينعكس على ارتفاع سعر الذهب محلياً. ورغم أن هذا يقلل من طلب بعض الشرائح، إلا أنه يزيد من قيمة الثروات الذهبية لدى الأفراد.
فيما تستفيد الدول المنتجة والمصدرة للذهب (كجنوب أفريقيا، وأستراليا، وروسيا) من زيادة إيراداتها الدولارية بشكل كبير مع كل ارتفاع في سعر الأوقية.

توقعات عالمية
وباتت التوقعات تشير إلى أن الذهب قد تجاوز مرحلة الذروة المؤقتة، ليدخل في مسار صعودي طويل الأمد وتوقعات غولدمان ساكس أن يواصل الذهب صعوده ليصل إلى 4000 دولار بحلول منتصف 2026، مع سيناريوهات متفائلة ترى أن السعر قد يبلغ 5000 دولار في حال استمر ضعف الدولار وعدم اليقين.
يشير المحللون إلى أن التماسك فوق مستوى 4200 دولار يفتح الباب لمزيد من المكاسب نحو هدف 4400 دولار في المدى القريب، مدعوماً بمؤشرات الزخم الإيجابية.
لكن الارتفاع التاريخي للذهب هو شهادة على حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي عالمياً. ولكن بالنسبة للأسواق الناشئة، يمثل هذا الصعود فرصة لتعزيز مراكزها المالية وتحصين احتياطياتها، مؤكداً أن الذهب يظل هو «ميزان القوة» الذي يعيد رسم خارطة الاستثمار العالمي.

أخبار متعلقة :