ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأربعاء 22 أكتوبر 2025 05:46 مساءً - كشف تقرير جديد لشركة آرثر دي ليتل أن شبكة اتفاقيات التجارة الحرة المتنامية لدول مجلس التعاون الخليجي لديها القدرة على إعادة تشكيل المستقبل الاقتصادي للمنطقة، ولكن هذا يتوقف على مدى توافق تصميم هذه الاتفاقيات مع طموحاتها موضحة أن صادرات الإمارات غير النفطية قفزت 130% خلال 5 سنوات.
وأكد التقرير أن الأُطر التجارية الجديدة، وعلى الرغم من وعودها بتوسيع الوصول إلى الأسواق، إلا أن قيمتها الحقيقية على المدى الطويل ستعتمد على جودة قواعد المنشأ والقواعد الخاصة بالمنتج التي تحدد المستفيد الفعلي حيث تحدد هذه الأحكام ما إذا كان المنتج مؤهلاً للحصول على تعريفات جمركية تفضيلية، ما يُسهم في تشكيل القدرة التنافسية للصادرات وحماية الصناعات المحلية الناشئة.
بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي – وبشكل خاص في دولة الإمارات التي تمضي قدماً في تعزيز العديد من اتفاقيات التجارة الحرة واتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة – فإن الاختبار الفوري يكمن في ضمان أن تعزز الصفقات التجارية الجديدة الصناعات المحلية بدلاً من إضعافها.
الميزان التجاري
وارتفعت صادرات دول مجلس التعاون الخليجي غير النفطية من 330 مليار دولار في عام 2018 إلى 411 مليار دولار في 2023، بزيادة 25% في 5 سنوات ومع ذلك، نمت الواردات بوتيرة أسرع من 512 مليار دولار إلى 804 مليارات دولار خلال الفترة ذاتها، ما أدى إلى توسيع عجز الميزان التجاري غير النفطي للمنطقة.
وفي دولة الإمارات، ارتفعت الصادرات غير النفطية باستثناء إعادة التصدير من 65 مليار دولار عام 2019 إلى 150 مليار دولار 2024، بزيادة 130% في 5 سنوات.
قواعد منشأ
قال روني نجم، مدير أول في شركة آرثر دي ليتل: «إن وجود ضوابط متوازنة وقواعد منشأ مناسبة للمنتجات هو ما يسمح للاتفاقيات التجارية الحرة بأن تحقق نتائج فعلية وتعزز النمو عبر تحفيز الصادرات والحفاظ على تنافسية الصناعات المحلية».
ويشير التقرير، الذي يحمل عنوان «إعادة تعريف اتفاقيات التجارة الحرة»، إلى أن ضعف هيكلة قواعد المنشأ يمكن أن يسهم في الحد من المزايا التي من المفترض أن تحققها هذه الاتفاقيات، إذ يمكن أن تمنع هذه القواعد المصدّرين من الحصول على التعريفات الجمركية التفضيلية، أو تسمح بدخول سلع ذات قيمة مضافة محلية ضئيلة معفاة من الرسوم الجمركية، ما قد يتسبب بمنافسة غير عادلة في الأسواق المحلية ويؤثر بشكل سلبي في الإنتاج المحلي.
حفز الاستثمار
وفي المقابل، يمكن لقواعد المنشأ المصممة جيداً أن تطلق العنان لقطاعات تصدير جديدة، وتحفز الاستثمار، وتعزز القاعدة الصناعية ويوضح التقرير ذلك من خلال مثالين عالميين يُبينان كيف تُحدد التفاصيل الدقيقة النجاح فبموجب اتفاقية التجارة الحرة بين رابطة دول جنوب شرقي آسيا «آسيان» والهند، ارتفع حجم التبادل التجاري الثنائي من 40 مليار دولار في عام 2009 إلى 102 مليار دولار عام 2023 بزيادة 250% لكن عجز الميزان التجاري للهند مع دول رابطة دول جنوب شرقي آسيا «آسيان» توسع بنسبة 260%، ما استدعى إعادة النظر في السياسات المتبعة.
وفي أمريكا الشمالية، أدى التحول من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية «نافتا» إلى الاتفاقية بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا إلى رفع متطلبات القيمة المحلية للمركبات من 62.5% إلى 75%، ما أدى إلى زيادة الاستثمار الصناعي بستة أضعاف بين عامي 2018 و2022.
إطار عمل
يقدم التقرير إطار عمل مدعوماً بالبيانات مصمماً لتحويل مفاوضات التجارة الحرة إلى أدوات لتحقيق المستهدفات الاستراتيجية في القطاعات الصناعية في المملكة ويزود التقرير صانعي السياسات بطريقة منظمة لصياغة القواعد الخاصة بكل منتج بناءً على القدرة الفعلية للإنتاج، وديناميكيات سلاسل الإمداد، والأهداف التنموية الوطنية.
ومن خلال مواءمة قواعد كل منتج مع دوره الاقتصادي، يمكن للحكومات أن تقرر متى ستسهم سياسة الانفتاح في تسريع الصادرات، ومتى تكون هناك حاجة إلى حدود أكثر صرامة لتعزيز خلق القيمة المحلية. والنتيجة هي نظام تجاري أكثر وضوحاً وقابلية للتنفيذ، نظام يُكافئ التكامل الإقليمي الحقيقي ويحد من الثغرات التي تسمح بالتحايل على التعريفات الجمركية.
القدرة التنافسية
وقال سارج عكاري، مدير في شركة آرثر دي ليتل الشرق الأوسط: «يتطلب تحديد القواعد الخاصة بالمنتج اتباع نهج علمي قائم على البيانات يأخذ في الاعتبار القدرة التنافسية للمنتج وإمكانات التوطين والأولويات الوطنية».
ويضع التقرير أجندة التجارة الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي – التي تشمل اتفاقيات تجارة حرة سارية المفعول مع الشركاء العرب، وسنغافورة، والاتفاقيات الموقّعة مع باكستان، ونيوزيلندا، وكوريا الجنوبية، والمفاوضات الجارية مع المملكة المتحدة، والصين، واليابان، وتركيا، وإندونيسيا – كمرحلة واعدة بالفرص والمسؤولية. ومع وجود التنويع والمرونة الصناعية في صميم السياسة الإقليمية، فإن نتائج هذه المفاوضات ستعتمد على دقة تصميمها أكثر من اتساع نطاقها الجغرافي.
أخبار متعلقة :