الثراء الفاحش… نعمة أم خطيئة؟

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 26 أكتوبر 2025 09:42 صباحاً - تثير الثروة المفرطة جدلا واسعا عبر الثقافات، بين من يراها نعمة وفرصة، ومن يعتبرها عبئا أو مسألة أخلاقية، دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة جنوب كاليفورنيا تكشف أن نظرة الناس إلى المليارديرات لا تحددها العوامل الاقتصادية فحسب، بل تتشكل أيضا عبر قيم ثقافية وأخلاقية عميقة، مثل المساواة والنقاء.

Advertisements

دراسة جديدة نشرت في مجلة PNAS Nexus تكشف أن الحكم على الثروة المفرطة لا يعتمد فقط على الجانب الاقتصادي، بل يتأثر بقيم ثقافية وأخلاقية عميقة، ما يفسر الانقسامات الكبيرة في الآراء حول الأغنياء والمليارديرات حول العالم.

الدراسة، التي أعدها جاكسون تريجر، طالب الدكتوراه في علم النفس بجامعة جنوب كاليفورنيا، وزميله محمد عطاري، استندت إلى بيانات استقصائية شملت أكثر من 4300 مشارك في 20 دولة مختلفة، وخلصت إلى أن معظم الناس لا يدينون امتلاك "كثير من المال" بشكل قاطع، إلا أن هناك اختلافات واضحة بين البلدان حسب مستويات الثروة والمساواة الاقتصادية، وفقا لموقع theconversation.

في الدول الغنية والأكثر مساواة مثل سويسرا وبلجيكا، كان الناس أكثر ميلاً لاعتبار الثروة المفرطة أمراً غير أخلاقي، بينما في دول أفقر وأقل مساواة مثل بيرو ونيجيريا، اعتبر تراكم الثروة أمراً مقبولاً إلى حد كبير.

وتشير الدراسة إلى أن الأحكام على الثروة المفرطة تتشكل أيضا عبر ما يعرف بـ"الحدس الأخلاقي"، استنادا إلى ست قيم أساسية: الرعاية، المساواة، التناسب، الولاء، السلطة والنقاء.

ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يقدّرون المساواة والنقاء كانوا أكثر ميلاً لرؤية الثروة المفرطة كخطأ أخلاقي.

ويقول تريجر، الذي يدرس الأخلاق والثقافة والتكنولوجيا، إن هذه النتائج تبرز كيف تتفاعل الأنظمة الاجتماعية والمؤسساتية مع المعتقدات الفردية، وتشكل كيفية رؤية الناس للقضايا الاقتصادية والثقافية، بما في ذلك الثروة وعدم المساواة، وكيفية تفاعلهم مع السياسات المتعلقة بها.

ويضيف الباحثون أن المليارديرات يمتلكون تأثيرا متزايدا في السياسة والتكنولوجيا والتنمية العالمية، إذ يملك أغنى 1% من سكان العالم ثروة تفوق ثروة 95% من بقية السكان مجتمعة، وفق منظمة أوكسفام. ومع ذلك، فإن جهود فرض ضرائب على الأغنياء أو تنظيم ثرواتهم قد تواجه تحديات إذا رأى الجمهور أن تراكم الثروة مبرر أخلاقيا.

الدراسة تفتح أيضا تساؤلات حول الدوافع وراء نقد الأغنياء في المجتمعات الغنية، وهل يعكس هذا الانتقاد شعورا بالذنب الشخصي أو محاولة للفت الانتباه إلى الظلم العالمي؟

وتشير النتائج إلى أن المخاوف المتعلقة بالنقاء تتجاوز المال لتشمل أشكالا أخرى من الإفراط، مثل الطموح أو المتعة أو الرفاهية، ما يعكس رؤية شاملة للإفراط باعتباره شكلا من أشكال الفساد.

ويختتم الباحثون بالإشارة إلى أن فهم هذه الأحكام الأخلاقية والغريزية ضمن السياق الاجتماعي الأوسع يمكن أن يساعد في تقييم السياسات والتقنيات والمؤسسات التي تمتلك قوة مفرطة، ويمثل أداة مهمة لفهم النزاعات الاجتماعية حول الثروة وعدم المساواة.

أخبار متعلقة :