«أمازون» تقاضي «بيربليكسيتي» بسبب استخدام الذكاء الاصطناعي في الشراء

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأربعاء 5 نوفمبر 2025 04:06 مساءً - رفعت شركة «أمازون دوت كوم» دعوى قضائية ضد الشركة الناشئة «بيربليكسيتي إيه آي» في محاولة لمنعها من مساعدة المستخدمين على شراء السلع عبر أكبر منصة للتجارة الإلكترونية في العالم، في مواجهة قانونية قد تؤثر في نطاق ما يُعرف بوكلاء الذكاء الاصطناعي.

Advertisements

قدمت شركة التجزئة الإلكترونية الأمريكية دعوى قضائية أمس الثلاثاء، مطالبةً «بيربليكسيتي» بالتوقف عن السماح لوكيلها الذكي «كوميت» بتنفيذ عمليات شراء عبر الإنترنت نيابةً عن المستخدمين. واتهمت عملاقة التجارة الإلكترونية منافستها بارتكاب احتيال إلكتروني لعدم إفصاحها عند تسوق «كوميت» نيابةً عن شخص حقيقي، في انتهاك لشروط استخدام خدماتها، وفقاً للشكوى المقدمة إلى المحكمة الفيدرالية في سان فرانسيسكو.

جاء هذا النزاع بعد أن أرسلت «أمازون» يوم الجمعة خطاب إنذار رسمياً بالتوقف عن النشاط إلى الشركة الناشئة، متهمةً إياها بإفساد تجربة التسوق على منصتها وإحداث ثغرات تتعلق بالخصوصية، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر. هذه الدعوى القضائية ربما تُسهم في إرساء سابقة قانونية حول مدى قدرة وكلاء الذكاء الاصطناعي على مساعدة الأشخاص على فهم وتنفيذ المهام الواقعية تلقائياً، بدلاً من الاكتفاء بإنشاء محتوى عبر الإنترنت.

قال متحدث باسم «بيربليكسيتي» إن الدعوى القضائية «تُثبت ببساطة أن أمازون تتصرّف كقوة متسلطة». وفي منشور سابق على مدونتها، ذكرت «بيربليكسيتي» أن عملاقة التجارة الإلكترونية كانت تستهدف منافساً يمتلك منتج تسوق قائماً على وكلاء الذكاء الاصطناعي، مجادلة أن للمستخدمين الحق في اختيار وكيلهم المُفضل لإتمام مشترياتهم على «أمازون».

وكتبت الشركة الناشئة: «إنها محاولة ترهيب تهدف إلى إخافة الشركات المبتكرة مثل بيربليكسيتي من تحسين حياة الناس».

تقدم المواجهة بين «أمازون» و«بيربليكسيتي» لمحة مبكرة عن جدل متصاعد حول كيفية التعامل مع انتشار ما يُعرف بوكلاء الذكاء الاصطناعي، الذين ينفذون مهام أكثر تعقيداً عبر الإنترنت نيابةً عن المستخدمين، من بينها التسوق الإلكتروني.

على غرار شركتي «أوبن إيه آي» و«جوجل» التابعة لـ«ألفابت»، سعت «بيربليكسيتي» إلى إعادة تصور تجربة متصفح الويب التقليدي عبر دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي، بهدف تبسيط المزيد من المهام للمستخدمين، مثل إعداد رسائل البريد الإلكتروني وإجراء البحوث.

جاء في نص الدعوى المقدمة من شركة التجزئة الأمريكية: «طلب أمازون واضح: يجب أن تتحلى بيربليكسيتي بالشفافية عند استخدام تقنياتها للذكاء الاصطناعي». وأضافت: «تماماً مثل أي متسلل آخر، لا يحق لبيربليكسيتي الوصول إلى مناطق تم منعها منها صراحةً، وحقيقة أن هذا التعدّي يتم عبر كود برمجي وليس عبر قفل مادي لا يجعله أقل مخالفةً للقانون».

«أمازون» تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي الوكيل

تُطور «أمازون» أيضاً منظومتها الخاصة من وكلاء الذكاء الاصطناعي، من بينها أدوات قادرة على التسوق. ففي أبريل، كشفت الشركة عن ميزة، لا تزال قيد اختبار المستخدمين، تُعرف باسم «اشترِ لي» (Buy For Me)، وتهدف إلى تمكين المتسوقين من الشراء من مواقع العلامات التجارية مباشرةً عبر تطبيق التسوق الخاص بـ«أمازون».

كما طورت الشركة مساعداً ذكياً آخر يُدعى «روفوس» يستطيع تصفح موقع «أمازون»، واقتراح المنتجات المناسبة للمستخدمين، وإضافتها إلى عربة التسوق. ومع ذلك، فإن معظم التجارب المتعلقة بكيفية تفاعل الوكلاء مع الإنترنت أجرتها شركات ناشئة مثل «بيربليكسيتي»، التي تبلغ قيمتها حالياً 20 مليار دولار.

وقال أرافيند سرينيفاس الرئيس التنفيذي لشركة «بيربليكسيتي»، في مقابلة: «استلهمنا بالفعل الكثير من أمازون، لكنني لا أعتقد أنه من المنطقي إجبار العملاء على استخدام مساعدها وحده، الذي قد لا يكون أفضل مساعد للتسوق».

انتهاك شروط الاستخدام

تحظر شروط استخدام موقع «أمازون» للبيع بالتجزئة «أي نشاط يعتمد على استخراج البيانات أو استخدام الروبوتات أو أدوات جمع البيانات واستخراجها».

وفي نوفمبر 2024، طالبت «أمازون» شركة «بيربليكسيتي» بالتوقف عن نشر وكلاء الذكاء الاصطناعي القادرين على شراء المنتجات من الموقع إلى حين التوصل إلى اتفاق ينظّم هذه الممارسة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وقد امتثلت الشركة الناشئة للطلب.

غير أن «بيربليكسيتي» عادت في أغسطس الماضي لتشغيل وكيلها الجديد «كوميت»، الذي تمكّن من تسجيل الدخول إلى حسابات مستخدمي «أمازون»، بحسب ما ورد في الخطاب. وأوضحت «أمازون» أن «بيربليكسيتي» عرّفت وكلاءها هذه المرة أنهم مستخدمو متصفح «جوجل كروم». وعندما رفضت «بيربليكسيتي» وقف استخدام تلك البرمجيات، حاولت «أمازون» حظرها، لكن الشركة الناشئة أطلقت إصداراً محدثاً من «كوميت» لتجاوز هذا الإجراء الأمني.

قالت المتحدثة باسم «أمازون» لارا هندريكسون في بيان عبر البريد الإلكتروني: «من البديهي أن تعمل تطبيقات الأطراف الثالثة التي تُنفذ عمليات شراء نيابةً عن عملاء من شركات أخرى بشفافية، وأن تلتزم بقرارات مزودي الخدمة بشأن المشاركة من عدمها». وأضافت إن شركات أخرى، مثل خدمات توصيل الطعام ووكالات السفر عبر الإنترنت، تعمل بالطريقة نفسها.

وتابعت هندريكسون: «تطبيقات الأطراف الثالثة القائمة على وكلاء الذكاء الاصطناعي، مثل كوميت التابع لبيربليكسيتي، تخضع للالتزامات نفسها. وقد طلبنا مراراً من بيربليكسيتي إزالة أمازون من تجربة استخدام كوميت، وخصوصاً في ظل التدهور الكبير في تجربة التسوق وخدمة العملاء التي تقدمها».

الدفاع عن الذكاء الاصطناعي الوكيل

رداً على خطاب «أمازون» لوقف النشاط، والمتعلق باتهام «بيربليكسيتي» بإخفاء هوية وكلائها، قال سرينيفاس إنه لا يرى مبرراً للتمييز بين المستخدم الفعلي والوكيل الذي يفوضه للتصرف نيابةً عنه. وأضاف إن الوكلاء يجب أن يتمتعوا بـ«الحقوق والمسؤوليات نفسها» التي يتمتع بها المستخدم البشري الحقيقي، مضيفاً: «ليس من مهام أمازون مراقبة ذلك».

على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية، اتُهمت «بيربليكسيتي» من قِبل ناشرين باستخدام محتواها في ملخصات الأخبار المعتمدة على الذكاء الاصطناعي دون إذن، وكذلك شراء بيانات جُمعت بشكل غير قانوني من منصات النقاش التابعة لـ«ريديت» وكانت «بيربليكسيتي» قد صرحت سابقاً أنها «ستواصل الدفاع بقوة عن حقوق المستخدمين في الوصول الحر والعادل إلى المعرفة العامة».

وقال سرينيفاس إن متصفح «كوميت» من «بيربليكسيتي» لا يقوم بتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي أو جمع أي معلومات من «أمازون»، بل يقتصر دوره على تنفيذ الإجراءات اللازمة لإتمام عمليات الشراء بناءً على طلب المستخدم.

تهديد محتمل لأعمال الإعلانات

في منشور نُشر على مدونة الشركة رداً على خطاب «أمازون» لوقف النشاط، اتهمت «بيربليكسيتي» منافستها بمحاولة «تقويض حقوق المستخدمين» بهدف تعزيز مبيعاتها الإعلانية.

ربما يشكل وكلاء التسوق يوماً ما تهديداً كبيراً لأعمال «أمازون» الإعلانية المربحة، التي تعتمد بشكل أساسي على بيع مساحات عرض مميزة داخل متجرها الإلكتروني مقابل كلمات البحث الخاصة بالمنتجات. فمع تولّي الروبوتات مهمة التسوق نيابةً عن العملاء، تفقد الإعلانات قيمتها التسويقية.

وقال آندي جاسي الرئيس التنفيذي لشركة «أمازون»، خلال مؤتمر هاتفي لمناقشة نتائج الأعمال الأسبوع الماضي، إن تجربة العملاء مع وكلاء التسوق المعتمدين على الذكاء الاصطناعي كانت «غير جيدة»، والسبب يعود إلى ضعف مستوى التخصيص وغياب سجل التسوق الشخصي، إضافة إلى أخطاء في تقديرات التسليم والتسعير.

وأضاف جاسي: «لكنني أعتقد أننا سنجد سُبلاً للتعاون»، موضحاً أن «أمازون» كانت تجري «محادثات» مع مطوري وكلاء الذكاء الاصطناعي الخارجيين.

وتُعد «بيربليكسيتي» أحد عملاء وحدة الحوسبة السحابية التابعة لـ«أمازون». وصرح سرينيفاس بأن شركته قدّمت التزامات قيمتها «مئات الملايين من الدولارات» لصالح خدمات «أمازون ويب سيرفيسز». كما استضافته «أمازون ويب سيرفيسز» على المسرح خلال المؤتمر السنوي للوحدة عام 2023، حيث أشادت «أمازون» بالشركة الناشئة بوصفها إحدى شركات الذكاء الاصطناعي التي بنت أعمالها جزئياً على بنيتها التحتية الرقمية.

كما أن مؤسس «أمازون»، جيف بيزوس، استثمر أيضاً في شركة «بيربليكسيتي».

أخبار متعلقة :