ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 16 نوفمبر 2025 03:06 مساءً - بات المعدن الأصفر الآن أكثر من مجرد ملاذ آمن؛ إنه مؤشر مباشر على مدى قلق الأسواق من السياسات النقدية. في الوقت الذي يحافظ فيه الذهب على مكاسبه فوق مستوى 4180 دولاراً للأوقية، يتفق كبار المحللين الماليين، ومنهم محللو جولدمان ساكس، على أن هذا الصعود لم ينتهِ بعد. ويرجع هذا التوقع إلى عامل اقتصادي حاسم: استمرار انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية.
تعد الفائدة الحقيقية العدو الأكبر للذهب، وبما أنها تواصل التراجع، فإن المستثمرين يجدون مبرراً قوياً لضخ المليارات في المعدن الأصفر الذي لا يدر عائداً، مؤكدين أن الأرباح ستكون أكبر من الخسائر.
الفائدة الحقيقية هي مقياس لقوة أو ضعف الاستثمار. يتم احتسابها بخصم معدل التضخم من سعر الفائدة الاسمي الذي يحدده البنك المركزي. وعندما يكون التضخم أعلى من الفائدة التي تحصل عليها من الودائع البنكية، تكون الفائدة الحقيقية سالبة.
ولأن الذهب هو «أصل غير منتج»؛ أي أنه لا يدر عائداً أو فوائد. عندما تكون الفائدة الحقيقية منخفضة أو سلبية، تنخفض «تكلفة الفرصة البديلة» (أي المكاسب التي تخسرها بعدم استثمار المال في البنوك). وعندما تتآكل الفوائد البنكية بفعل التضخم، يصبح الاحتفاظ بالذهب أكثر جاذبية من الاحتفاظ بالنقود أو السندات.
تعتمد توقعات المحللين لصعود الذهب على فرضيتين رئيسيتين حول مستقبل السياسة النقدية الأمريكية: «تردد» الفيدرالي حيث لا يزال الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يلتزم بـ «الموقف الحذر» بشأن وتيرة خفض أسعار الفائدة. هذا التردد يضمن عدم رفع الفائدة الاسمية بشكل مفاجئ، ما يحافظ على تكلفة فرصة بديلة منخفضة للذهب. بجانب توقع التضخم المستمر لأنه على الرغم من محاولات السيطرة، يتوقع السوق استمرار بقاء معدلات التضخم أعلى من المستهدف على المدى المتوسط. إذا استمر التضخم (البقاء عند 3% مثلاً) بينما تبدأ البنوك المركزية في خفض الفائدة الاسمية (لتصل إلى 2%)، فإن الفائدة الحقيقية ستصبح سلبية بشكل أعمق.
تدفق المليارات
لم تعد هذه التوقعات مجرد نظريات أكاديمية، بل تحولت إلى استراتيجيات استثمارية فعلية، حيث أظهرت بيانات التداول الأخيرة أن صناديق التحوط والمؤسسات المالية الكبرى تزيد من مراكزها الطويلة على الذهب، وهي تراهن بمليارات الدولارات على أن أسعار الفائدة الحقيقية ستستمر في التراجع، ما يضمن ارتفاع الذهب.
فيما تواصل البنوك المركزية العالمية، وخصوصاً تلك الموجودة في الأسواق الناشئة، زيادة احتياطياتها من الذهب كأداة تنويع وحماية ضد ضعف الدولار وسنداته. هذا الطلب المستمر من مشترين مؤسسيين كبار يضع أرضية صلبة لسعر الذهب.
أخبار متعلقة :