شركات توظيف: السعودية تخفض المزايا المالية للأجانب أصحاب الكفاءات

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 16 نوفمبر 2025 03:36 مساءً - قال أربعة مسؤولين في شركات توظيف لرويترز: إن الشركات بدأت تقلص المزايا السخية التي كانت تجتذب في وقت ما أفضل الكفاءات الأجنبية للعمل في قطاعات مثل البناء والتصنيع، مع سعي المملكة لكبح الإنفاق وإعادة ترتيب الأولويات الاقتصادية.

Advertisements

وقطعت المملكة، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، أكثر من نصف الطريق في خطة التحول الاقتصادي المعروفة باسم رؤية 2030، والتي تهدف إلى تقليل الاعتماد على إيرادات النفط وتوفير فرص عمل والتوسع في قطاعات مثل السياحة والعقارات والتعدين والخدمات المالية.

وفي إطار خطة طويلة الأجل، ضخت المملكة استثمارات ضخمة بمليارات الدولارات في مشاريع كبيرة ما أدى إلى زيادة الطلب على العاملين الأجانب ذوي المهارات العالية بشكل كبير، لكنها تواجه صعوبات بسبب التنفيذ والتأخير.

وقال مصدران إن على الوافدين الأجانب الآن استبعاد التفاوض على مزايا نسبتها 40 بالمئة أو أكثر بل وحتى مضاعفة رواتبهم الحالية في بعض الحالات، وهو ما كان شائعاً قبل سنوات قليلة، مع عروض عمل أكثر تحفظاً الآن.

وقال مجدي الزين المدير العام لشركة بويدن للتوظيف: «من ناحية، لدينا أكبر اقتصاد في المنطقة يحاول ترشيد اقتصاده، ومن ناحية أخرى، يوجد عدد ضخم من المرشحين المنفتحين للغاية على القدوم إلى المنطقة».

وأضاف: «ما حدث هو أن أصحاب الشركات يعيدون النظر في عروض العمل. وهذا ما يحدث بالفعل».

الذكاء الاصطناعي والخدمات اللوجستية

يعكس هذا التغيير تحولاً أشمل يمضي فيه صندوق الاستثمارات العامة السعودي البالغ قيمته 925 مليار دولار نحو قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والخدمات اللوجستية والتعدين، والتي ينظر إليها على أنها مصدر لعوائد أفضل، خصوصاً بعدما تلقى الصندوق ضربة كبيرة في مشاريعه الضخمة المتعلقة بالبنية التحتية والعقارات.

وتشمل الأمثلة مشروع نيوم، وهي مدينة مستقبلية بقيمة 500 مليار دولار مخطط لها في الصحراء، وتروجينا وجهة السياحة الجبلية التي ستستضيف دورة الألعاب الآسيوية الشتوية لعام 2029.

ولم يستجب صندوق الاستثمارات العامة ولا نيوم بعد لطلبات للتعليق.

وظفت السعودية بكثافة عاملين في المشاريع العملاقة وعينها على الكفاءات الأجنبية التي تملك مهارات تفتقر إليها القوى العاملة المحلية.

وقال حسن بابات الرئيس التنفيذي لشركة توسكان الشرق الأوسط للاستشارات التوظيفية ومقرها دبي: إنه يمكن، على سبيل المثال، لمديري المشاريع في الحصول على عروض عمل برواتب تصل إلى حوالي 100 ألف دولار في السعودية لوظائف راتبها 60 ألف دولار في الإمارات.

ويواجه مشروع نيوم وغيره من المشاريع المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة تأخيرات حالياً في وقت تسعى فيه المملكة إلى ترشيد الإنفاق. وظل نشاط المشاريع السعودية بطيئاً في عام 2025 إذ انخفضت قيمة العقود الممنوحة إلى النصف تقريباً في الأشهر التسعة الأولى من العام، وفقاً لشركة كامكو إنفست.

وأثر انخفاض أسعار النفط على المالية العامة ما زاد من عجز الموازنة. ويشير صندوق النقد الدولي إلى أن المملكة بحاجة إلى أن تقترب أسعار النفط من 100 دولار للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها.

وقال بابات: «تباطأت وتيرة التنمية ما أدى إلى تباطؤ في التوظيف. والآن، يتفاوض أصحاب الشركات على الرواتب أكثر من ذي قبل عندما كان هناك نقص، وتطبق الشركات تدابير لترشيد الإنفاق».

وذكر تقرير الأجور الصادر عن توسكان في أكتوبر أن الشركات السعودية قد توجه ميزانيات محدودة نحو «أكثر الوظائف المطلوبة» في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي أو التحول الرقمي.

وأصبحت الإمارات، مركز الأعمال والسياحة البالغ عدد سكانها المغتربين 90 بالمئة، خياراً أكثر جاذبية للكثير من أصحاب الكفاءات والمهارات العالية الذين تجتذبهم ليس فقط الأجور المرتفعة المعفاة من الضرائب بل وأيضاً شبكة معترف بها على نحو أكبر من المدارس الدولية وخدمات الرعاية الصحية.

كما نفذت إصلاحات اجتماعية لإتاحة أسلوب حياة أكثر ليبرالية.

وقال تريفور مورفي الرئيس التنفيذي لشركة كوبر فيتش ومقرها دبي: إن الفارق الآن ضئيل بين متوسط الرواتب في السعودية والإمارات، مع زيادة تتراوح بين خمسة إلى ثمانية بالمئة فقط في المتوسط.

وقال الزين من شركة بويدن: «إقناع الأشخاص بالانتقال من الإمارات يشكل تحدياً، فهم يتوقعون مزايا عالية».

منافسة على الوظائف

لكن تظل السعودية، التي من المتوقع أن تحقق نمواً بنسبة 4.4 بالمئة هذا العام، جذابة لمن هم خارج المنطقة، حيث سوق العمل أكثر صرامة والنمو أبطأ.

وتعمل الحكومة السعودية أيضاً على تسريع وتيرة إصلاحات سوق العمل والمبادرات الرامية إلى تعزيز نسبة مواطنيها في القطاع الخاص، ما يعزز المنافسة ويزيد عدد المتقدمين للوظائف.

وانخفض معدل البطالة بين السعوديين إلى أدنى مستوياته على الإطلاق، ونما عددهم في القطاع الخاص 31 بالمئة بين عام 2016 والربع الثاني من 2025.

وقالت لويز كنوتسون الرئيسة التنفيذية لشركة «ماتشز تالنت» في دبي: «أصبحت عروض العمل الآن محسوبة أكثر من ذي قبل وترتبط بالبيانات والأداء ومعايير السوق الفعلية. بالنسبة للبعض، يبدو هذا بمثابة انكماش. أما بالنسبة لي، فهو مؤشر على النضج».

وأضافت كنوتسون: إنه من أجل جذب أفضل المواهب إلى المملكة، يتعين على الشركات تقديم عروض عمل يمكن توقعها تعكس تكاليف المعيشة وأسلوب حياة متوازناً للأسر وهدفاً واضحاً مرتبطاً بحجم ما يتم بناؤه.

أخبار متعلقة :