ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأربعاء 3 ديسمبر 2025 05:59 مساءً -
يشهد الاقتصاد الأمريكي تحولاً لافتاً مدفوعاً بموجة متسارعة من الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، فبينما ضغطت الرسوم الجمركية على إنفاق المستهلكين، أسهمت الاستثمارات في التكنولوجيا المتقدمة في دعم النمو، لتصبح عنصراً محورياً في المشهد الاقتصادي، بحسب ما أكدته مؤسسات مالية عالمية.
وتشير تقديرات بنك «باركليز» إلى أن الذكاء الاصطناعي وحده أضاف نحو 0.8% إلى معدل النمو الاقتصادي خلال النصف الأول من 2025، وهو ما يعني أن الاقتصاد كان سيحقق نمواً هزيلاً دون هذه الاستثمارات.
فيما قال «جيه بي مورجان» في تقرير صدر خلال سبتمبر الماضي، إن النفقات الرأسمالية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي ساهمت بنحو 1.1% في نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال النصف الأول، متجاوزة بذلك مساهمة الإنفاق الاستهلاكي للمرة الأولى.
وأصبحت مراكز البيانات أحد أعمدة الاستثمارات الجديدة، حيث قال الخبير الاقتصادي والباحث لدى معهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا، بول كيدروسكي، إن الإنفاق على هذه المراكز يقترب من 2% من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي منذ عام 2022.
ويقدر بن كابلان، المدير الإداري لقسم التكنولوجيا في شركة «ترنر كونستراكشن»، أن بناء مركز بيانات يتطلب ما بين 100 إلى 5000 شخص، كما أن هذا القطاع يمثل الآن حوالي 35% من أعمال الإنشاءات المتراكمة في الولايات المتحدة، مقارنة بنسبة 13% قبل خمس سنوات فقط.
ورغم ضخامة استثمارات الشركات في القطاع، فإن العائد التشغيلي لا يزال ضعيفاً، كما أن مراكز البيانات لا تولد فرص عمل كبيرة بعد تشغيلها، فيما تسببت موجات الطلب الكبيرة في اختناقات توريد المولدات الكهربائية ووحدات التوزيع والرقائق.
وقال جوناثان ميلار، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في «باركليز»، إن تزايد اعتماد الاقتصاد على الذكاء الاصطناعي قد يلقي بظلال قاتمة على النشاط خاصة في ظل مخاوف انفجار فقاعة أسهم شركات التكنولوجيا.
ويقدر بنك «باركليز» أنه في حال انفجرت فقاعة الذكاء الاصطناعي وانخفض سوق الأسهم بنسبة تتراوح بين 20% و30%، قد يؤدي ذلك إلى تقليل وتيرة النمو الاقتصادي بمقدار 1% إلى 1.5% على مدار عام تقريباً، وإذا توقف الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، فقد يقلل ذلك من النمو بمقدار نصف نقطة مئوية أخرى.
ورغم زخم الذكاء الاصطناعي، يشير المحللون إلى اقتصاد يسير بسرعتين: قطاعات التكنولوجيا تنمو بقوة، بينما تعاني القطاعات التقليدية من التراجع، فالاستثمار الخاص – باستثناء مشاريع الذكاء الاصطناعي – شبه مستقر منذ 2019، في ظل ضعف الإنفاق الاستهلاكي بسبب ارتفاع الأسعار، بحسب «دويتشه بنك».
وقال بيتر بيريزين، كبير الاقتصاديين العالميين لدى شركة الأبحاث «بي سي إيه ريسيرش» إن الاقتصاد الأمريكي دخل في حالة ركود بالفعل لولا ازدهار الإنفاق على الذكاء الاصطناعي.
وعلى المدى الطويل ومع اتساع انتشار الذكاء الاصطناعي وتطوره، من المرجح أن يتزايد إنفاق الشركات الأمريكية على مراكز البيانات والرقائق المرتبطة بهذا القطاع، لكن الاعتماد المفرط على قطاع واحد لتعزيز نمو الاقتصاد يفتح الباب لمخاطر واسعة، خاصة مع هشاشة سوق العمل وضعف إنفاق المستهلكين.
أخبار متعلقة :