ابوظبي - ياسر ابراهيم - الجمعة 5 ديسمبر 2025 05:21 مساءً - في عمق صحراء نيفادا الجافة والهادئة، حدث ما لم يتوقعه أحد، فبعيدا عن الينابيع الساخنة والبخار المتصاعد والمظاهر السطحية التي اعتاد الجيولوجيون البحث عنها، اكتُشف مصدر طاقة ضخم كان مختبئا في أعماق الأرض، وهو مصدر قادر على قلب قواعد السوق ودفع الولايات المتحدة نحو مرحلة جديدة من الطاقة النظيفة.
وأعلنت شركة زانسكار للطاقة الحرارية الأرضية، ومقرها سولت ليك سيتي، عن اكتشاف أول نظام حراري أرضي "أعمى" يتم تأكيده صناعيا في البلاد منذ أكثر من ثلاثة عقود. وأطلق على الموقع اسم "العمياء الكبيرة" (Big Blind) لأنه ببساطة لا شيء على السطح يدل على أن تحته طاقة كامنة هائلة.
لا ينابيع.. لا بخار
الموقع يخلو تماما من أي علامات جيولوجية تقليدية، حيث لا مياه حارة، لا تشققات، لا نشاط حراري ظاهر، ورغم ذلك، اكتشفت الحفريات بئرين يحتويان على خزان طبيعي حرارته 250 درجة فهرنهايت على عمق 2700 قدم فقط ، وهي درجة حرارة نادرا ما تُلتقط دون الحفر إلى أعماق أكبر بكثير. هذا الاكتشاف يقلب مفاهيم الطاقة الحرارية الأرضية رأسا على عقب، ويبرهن أن موارد هائلة قد تكون مختبئة تحت مناطق لطالما تم تجاهلها.
سُمي الموقع باسم "العمياء الكبيرة" لأنه يفتقر تماما إلى أي دلائل سطحية تشير إلى وجود طاقة تحته. لا ينابيع ساخنة، ولا بخار متصاعد، ولا أي نشاط حراري مرئي، ما يجعل اكتشافه يبدو كما لو أن الأرض "عمياء" أمام أعين الجيولوجيين لعقود. الاسم يعكس الطبيعة المخفية للموقع والتحدي الفريد الذي واجهه فريق الاستكشاف، مما يجعله أول نظام حراري أرضي أعمى يتم تأكيده تجاريًا في الولايات المتحدة منذ أكثر من 30 عاما.
تحت هذه سطح الصحراء الجافة، تخبئ الأرض خزانا حراريا طبيعيا هائلا يعرف باسم "العمياء الكبيرة"، وهو مصدر طاقة مستمر وثابت يمكن الاعتماد عليه لتوليد الكهرباء على مدار الساعة. تصل حرارة الخزان إلى حوالي 250 درجة فهرنهايت على عمق 2700 قدم فقط، ما يجعله مثاليا لتوفير طاقة أساسية (Baseload) مستقرة، دون الاعتماد على تقلبات الرياح أو ضوء الشمس. يتميز الموقع بكونه مخفيا تماما تحت الأرض، فلا ينابيع ساخنة أو بخار أو أي مؤشر سطحّي يوحي بوجوده، ما يجعله أول نظام حراري أرضي "أعمى" يتم تأكيده تجاريا في الولايات المتحدة منذ أكثر من 30 عامًا. ومع توفر التكنولوجيا المناسبة، يمكن لمصادر مماثلة توليد مئات الميغاواط من الطاقة النظيفة، ما يفتح الباب أمام استغلال موارد حرارية أرضية كانت تعتبر نادرة أو صعبة الاكتشاف، ويعد خطوة هائلة نحو مستقبل مستدام للطاقة في أمريكا.
الذكاء الاصطناعي يفتح نافذة إلى أعماق الأرض
لم تَعتمد الشركة على الأساليب الجيولوجية التقليدية، بل على منصة استكشاف متقدمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تقوم بدمج بيانات علوم الأرض مع نماذج تعلم الآلة لكشف أي تغيرات حرارية موجودة في التكوينات الجيولوجية. هذه التكنولوجيا قادت الفريق مباشرة إلى موقع "العمياء الكبيرة"، في اكتشاف يُعتبر الثالث للشركة هذا العام، لكنه الأول من نوعه تماما لأنه مخفي بالكامل تحت سطح الأرض، وفقا لموقع "dailygalaxy".
طاقة دائمة
وتسعى الولايات المتحدة اليوم إلى تأمين مصادر طاقة دائمة ومستقرة ونظيفة، قادرة على سد الفجوة المتزايدة الناتجة عن الاعتماد على الغاز والفحم، مع الحفاظ على موثوقية الشبكة الكهربائية. لطالما اعتُبرت الطاقة الحرارية الأرضية من أفضل مصادر الطاقة الأساسية (Baseload)، لكنها كانت مقصورة على مناطق محدودة ومعروفة فقط، ما حدّ من استغلالها على نطاق واسع. لكن الاكتشاف الأخير لموقع "العمياء الكبيرة" يغير هذه المعادلة تماما، إذ يشير إلى أن موارد الطاقة الحرارية الأرضية قد تكون أكثر انتشارا بكثير مما كان يُعتقد سابقا، مما يفتح آفاقا جديدة لتوسيع استخدام الطاقة النظيفة والاستثمار في قطاع لم تُستغل إمكاناته بالكامل حتى الآن.
قلب قواعد اللعبة في مجال الطاقة الحرارية الأرضية
لأكثر من 50 عاما، انحصر تطوير الطاقة الحرارية الأرضية في مواقع قليلة مثل "ذا جايزرز" في كاليفورنيا. والسبب هو الاعتماد على الدلائل السطحية فقط، لكن "العمياء الكبيرة" تعطي دليلاً عمليا أن موارد الطاقة قد تكون كامنة في أعماق مناطق صامتة جيولوجيًا، وأن التكنولوجيا الحديثة خصوصا الذكاء الاصطناعي قادرة على كشفها بدقة أكبر بكثير من الطرق التقليدية.
تعتزم زانسكار حفر بئر إنتاج كامل الحجم وإجراء اختبارات تدفق طويلة الأمد لتحديد القدرة الحقيقية للخزان، وفي حال نجاح ذلك، فإن الموقع قد يُصبح نموذجا جديدا لتطوير مشاريع الطاقة الحرارية الأرضية في الغرب الأمريكي، كما تعمل الشركة على رصد مواقع إضافية ذات خصائص مشابهة، اعتمادا على البيانات الجيولوجية العميقة والتحليل الذكي.
علامة فارقة في مستقبل الطاقة النظيفة
يمثل اكتشاف "العمياء الكبيرة" لحظة محورية في تاريخ الطاقة الأمريكية. فهو يؤكد أن الموارد الحرارية المختبئة ليست نادرة، بل تحتاج أدوات أكثر ذكاءً لكشفها، كما أنه يدعم التحول نحو شبكة كهرباء نظيفة وثابتة ويفتح الباب أمام نهضة جديدة للطاقة الحرارية الأرضية قد تغير موازين الطاقة خلال العقد القادم.
أخبار متعلقة :