«طاقة الرياح».. مشروع وطني إماراتي يمهد لمستقبل بلا انبعاثات

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 15 ديسمبر 2025 12:36 مساءً - تفتح فصلاً جديداً في مسيرتها نحو الطاقة النظيفة، مع دخول طاقة الرياح بقوة إلى مزيجها الوطني بفضل بيانات علمية متقدمة وتقنيات حديثة تقودها شركة «مصدر». وفي وقتٍ تشتهر فيه الدولة بريادتها في الطاقة الشمسية، تكشف دراسات حديثة عن مورد خفي ظلّ لسنوات غير مستغل: الرياح البرية ذات السرعات العالية في المناطق الغربية والجنوبية من الدولة.

Advertisements

هذه الخلاصة جاءت في تحليل للطاقة قدّمه الدكتور عمر شرف، أستاذ هندسة الطاقة في جامعة هيريوت-وات دبي، الذي أكد أن الإمارات تتجه بثبات نحو توسيع نطاق مصادر الطاقة النظيفة بما يتجاوز الشمس وحدها، انسجاماً مع هدفها الوطني لإنتاج 44% من الكهرباء من مصادر نظيفة بحلول 2050.

ووفقاً للدكتور شرف، فإن التحديات المرتبطة بالحرارة العالية والغبار تجعل تنويع مصادر التوليد خياراً استراتيجياً، في وقتٍ تعمل فيه الدولة على بناء واحدة من أكثر محافظ الطاقة تنوعاً في المنطقة. وتشمل هذه المحفظة الطاقة النووية، والطاقة الشمسية المركزة، والتحويل إلى طاقة، والهيدروجين، واحتجاز الكربون، وأخيراً، طاقة الرياح.

وبحسب دراسات متخصصة، فقد كشفت عمليات رسم خرائط أكثر دقة عن مفاجأة غير متوقعة: نحو 20% من أراضي الدولة تسجّل سرعات رياح تصل إلى 7.5 أمتار في الثانية على ارتفاع 150 متراً، في حين تقترب بعض المواقع من 9 أمتار في الثانية، وهو مستوى يضاهي أفضل مواقع طاقة الرياح في العالم. والأهم أن هذه الرياح تبلغ ذروتها ليلاً، وهو ما يصنع تكاملاً مثالياً مع الطاقة الشمسية التي تبلغ ذروتها نهاراً.

هذا الاكتشاف دفع «مصدر» إلى إطلاق برنامج الإمارات لطاقة الرياح عام 2023، بقدرة 103.5 ميجاوات عبر 23 توربيناً موزّعة على أربعة مواقع: صير بني ياس، دلما، السلع، والحلة. ويعدّ المشروع أول محطة رياح على مستوى المرافق ترتبط بشكل مباشر بشبكة الكهرباء الوطنية، ما يؤكد دخول الإمارات مرحلة جديدة تجمع بين الابتكار والموارد الطبيعية المحلية.

ويرى الدكتور شرف أن الإمكانات المستقبلية لطاقة الرياح في الدولة «مذهلة»، إذ تشير التقديرات إلى أن تطوير 60% فقط من المناطق المناسبة قد يتيح إنتاجاً يتجاوز الاستهلاك الوطني الحالي من الكهرباء. ومع انخفاض تكاليف التوربينات وتسهيل اللوائح واتفاقيات الشراء، تبدو الحجة الاقتصادية لمصلحة الرياح أقوى من أي وقت مضى.

ويبرز في التقرير أن طاقة الرياح ليست بديلاً للطاقة الشمسية، بل شريك مثالي لها، إذ يسهم اختلاف ذروة الإنتاج بينهما في تعزيز استقرار الشبكة وتقليل الحاجة إلى التخزين الليلي، كما يدعم هذا التآزر التوسع في الهيدروجين الأخضر عبر تحسين كفاءة تشغيل محطات التحليل الكهربائي.

ويؤكد الدكتور شرف أن الإمارات، ومن خلال «مصدر»، تستفيد اليوم من موردٍ كان يُعتقد سابقاً أنه غير قابل للاستغلال، لتثبت من جديد قدرتها على تحويل التحديات إلى فرص استراتيجية. ومع تسارع الطلب المحلي المتوقع أن يتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2050، تواصل الدولة تثبيت موقعها العالمي في مسار الوصول إلى الحياد المناخي.

أخبار متعلقة :