ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 21 ديسمبر 2025 04:21 مساءً - تعتمد الطفرة الكبرى في الذكاء الاصطناعي التي تغذي النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة حالياً بشكل كبير على أسواق الائتمان لتمويل الاستثمارات، وتعد شركات المرافق من بين المقترضين الرئيسيين.
وفي هذه العملية، قد تحول تلك الشركات أحد أكثر قطاعات سوق سندات الشركات أماناً إلى قطاع أكثر مخاطرة قليلاً. فالشركات ستقترض المزيد، ما يؤدي إلى زيادة المعروض من السندات ويحتمل أن يضغط على التقييمات. وفي الوقت نفسه قد تتعرض أرباح القطاع لضغوط مع محاولة الجهات التنظيمية كبح جماح الزيادات في أسعار الفائدة.
وارتفعت مبيعات السندات من قبل شركات المرافق الأمريكية بنسبة 19% هذا العام لتسجل رقماً قياسياً بلغ 158 مليار دولار، لتمويل النمو الهائل في الطلب على الكهرباء الذي تقوده طفرة الذكاء الاصطناعي. والمزيد قادم: فمن المتوقع أن تنفق شركات الكهرباء أكثر من 1.1 تريليون دولار على محطات الطاقة والمحطات الفرعية وغيرها من البنية التحتية للشبكات خلال السنوات الخمس المقبلة، وفقاً لمعهد إديسون للكهرباء، وهو ما يمثل زيادة بنحو 44% عن الفترة السابقة. وسيسهم الدين في تمويل ذلك.
ولا يتوقع المستثمرون أن تواجه شركات المرافق صعوبات مالية، لسبب بسيط: توليد الكهرباء وتوزيعها في الولايات المتحدة قطاع يخضع للتنظيم إلى حد كبير، وهو ما يحدد مقدار ما تستطيع الشركات تقاضيه من عملائها. وعادة لا تبدأ الشركات الكهربائية في بناء المشاريع قبل الحصول على موافقة تنظيمية تضمن لها استرداد التكاليف من العملاء إلى جانب معدل عائد مجزٍ.
لكن القطاع قد يصبح أكثر مخاطرة قليلاً بالنسبة للمستثمرين لأن المزيد من الديون قادم. فقد توقعت «جيه بي مورغان تشيس آند كو» أخيراً ارتفاعاً بنسبة 8% في إصدارات سندات شركات المرافق العام المقبل، مشيرة إلى مراكز البيانات الجديدة وكذلك الاستثمارات الهادفة إلى جعل شبكات الكهرباء أكثر متانة. والنتيجة المحتملة لمزيد من الإصدارات ستكون تقييمات أقل عبر اتساع فوارق العائد.
كما تصاعدت مخاوف المستثمرين من فقاعة محتملة في الذكاء الاصطناعي خلال الأشهر الماضية، ما أثار قلقاً بأن استثمارات قطاع الطاقة قد لا تكون آمنة كما كانت في السابق. ورغم أن شركات المرافق تتمتع بحماية جزئية من أي تراجع تقني عبر عقود كهرباء تفرض حداً أدنى للمدفوعات ورسوم إنهاء، فإن تباطؤاً ملموساً أو انكماشاً في إنفاق الذكاء الاصطناعي سيقوض قصة النمو التي تروج لها هذه الشركات للمستثمرين.
وهناك أيضاً مخاطر سياسية تواجه المستثمرين: فقد ارتفعت أسعار الكهرباء على مستوى البلاد بنسبة 5.1% خلال 12 شهراً حتى سبتمبر، لتظل قرب مستويات قياسية، وفق بيانات حكومية.
وخاض سياسيون في انتخابات عدة جرت في نوفمبر حملاتهم على وعود بخفض فواتير الكهرباء. وتتعرض الهيئات التنظيمية لضغوط للحفاظ على الزيادات السعرية ضمن مستويات منخفضة نسبياً، وهو ما قد يقتطع من عوائد المستثمرين بدلاً من ذلك، بحسب تيم وينتر، مدير محافظ الأسهم في «غابيلي فندز».
قال وينتر: «من السهل جداً أن تبني حملة انتخابية على شعار «دعونا نضغط على شركات الكهرباء لأنها تجعل حياتكم أصعب». كلما ازداد قلق الجمهور وارتفع مستوى تذمر العملاء، زادت احتمالات أن يكون المناخ التنظيمي أكثر صرامة، وبالتالي لا تحصل على العائد الذي تريده على استثماراتك».
وبالنسبة لحملة السندات، قد يكون الرهان الأفضل لحماية أنفسهم من هذا النوع من الضغوط هو التركيز على شراء السندات الصادرة عن شركات المرافق الخاضعة للتنظيم مباشرة، وليس الشركات القابضة الأبعد عن أصول توليد الدخل. وقال آندي ديفريز، المحلل في شركة «كريديت سايتس» للأبحاث الائتمانية: إن الديون الصادرة عن شركات التشغيل تكون مدعومة بأصول فعلية مثل محطات الكهرباء وخطوط النقل، إضافة إلى امتياز خدمة العملاء في منطقة محددة.
وأضاف: «مع شركات التشغيل، لم يخسر أي حامل سندات المبلغ الأصلي للاستثمار خلال 50 عاماً. أما مع الشركات القابضة، فقد خسر بعض المستثمرين بالفعل».
وقد تقدمت شركة «بي جي آند إي كورب»، الشركة القابضة لشركة «باسيفيك غاز آند إلكتريك»، بطلب إفلاس مرتين خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية.
«قطاع المرافق يستثمر أموالاً تفوق بكثير التدفقات النقدية التي يولدها حالياً. المستثمرون سعداء بالمخاطر التي يشترونها، وهم يدركون أن شركات المرافق تنمو» بحسب برايان سافوي، المدير المالي لشركة «ديوك إنرجي».
شهدت مبيعات سندات المرافق الكبرى هذا العام طلباً قوياً. فقد جرى الاكتتاب في بيع سندات بقيمة 1.15 مليار دولار تستحق عام 2066 من قبل شركة «فلوريدا باور آند لايت»، التابعة لشركة «نكست إيرا إنرجي»، بمعدل تغطية بلغ خمسة أضعاف، وفق بيانات «بلومبرغ».
كما شهدت شركتا «ديوك» و«إيفرجي» طلباً تجاوز المعروض على بعض السندات التي باعوها في نوفمبر بأكثر من ست مرات. ويقارن ذلك بمتوسط تغطية بلغ 3.9 مرات لسندات الشركات عالية التصنيف المقومة بالدولار والمصدرة في عام 2025، وفق البيانات.
أخبار متعلقة :