ابوظبي - ياسر ابراهيم - الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 11:51 صباحاً - شهد استهلاك القهوة في منطقة الشرق الأوسط نمواً متسارعاً يعزز مكانتها أحد أكثر أسواق القهوة المتخصصة حيوية وتطوراً عالمياً، وذلك في وقت يستعد فيه معرض عالم القهوة دبي لإطلاق نسخته الخامسة في مركز دبي التجاري العالمي خلال الفترة من 18 إلى 20 يناير 2026. ويعكس هذا الزخم تحولاً إقليمياً أوسع يعيد تشكيل أنماط استهلاك القهوة وسلاسل توريدها وآليات تداولها التجاري.
تنظم المعرض دي إكس بي لايف، بالشراكة مع جمعية القهوة المختصة (SCA)، وقد توسعت مساحة الحدث من 5.000 متر مربع في 2022 إلى أكثر من 20.000 متر مربع في 2026، في مؤشر واضح على تصاعد الطلب على القهوة المختصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مدفوعاً بازدهار ثقافة المقاهي، والاهتمام بمصدر القهوة، وتنامي الاستهلاك الفاخر.
وتواصل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية قيادة هذا التحول؛ إذ تتجاوز قيمة سوق القهوة في دولة الإمارات 12 مليار درهم (نحو 3.2 مليارات دولار)، فيما تواصل دبي ترسيخ مكانتها إحدى أكثر مدن العالم كثافة وتنوعاً في عدد المقاهي. ويواكب ذلك ارتفاع ملحوظ في معدلات استهلاك القهوة خارج المنزل، ولا سيما في المقاهي والمطاعم، حيث يشكل هذا النمط نحو 93% من إجمالي الإنفاق على القهوة، وهو من أعلى المعدلات عالمياً.
وفي المملكة العربية السعودية، يضم السوق أكثر من 5.100 مقهى يحمل علامات تجارية، أي ما يقارب نصف إجمالي المقاهي ذات العلامات التجارية في المنطقة، فيما يستهلك المواطنون والمقيمون أكثر من 36 مليون كوب من القهوة يومياً. كما ارتفع عدد المقاهي المسجلة إلى أكثر من 61.000 مقهى، تتنوع بين المقاهي المتخصصة ومجالس القهوة التقليدية.
وتشهد أسواق شمال أفريقيا وبلاد الشام، ولا سيما مصر والمغرب، نمواً ملحوظاً؛ إذ تضاعف استهلاك القهوة في مصر خلال السنوات الخمس الماضية، فيما سجل المغرب زيادة بنسبة 23% في واردات القهوة عام 2024. وعلى مستوى المنطقة، نما قطاع المقاهي ذات العلامات التجارية بأكثر من 11%، مدفوعاً بجيل شاب يشكل من هم دون 35 عاماً أكثر من 60% من السكان، وهم يتعاملون مع القهوة كأسلوب حياة وتجربة ثقافية وهوية معاصرة.
ويجسد توسع معرض عالم القهوة دبي مرحلة نضوج حقيقية للنظام الإيكولوجي الإقليمي لقطاع القهوة، الذي بات يعمل اليوم على نطاق أوسع ووفق منظومة أكثر تكاملاً. فمن موزعي الجملة، إلى الشركات الناشئة ذات الطابع التقني، وصولاً إلى المحامص المتكاملة، يشهد قطاع القهوة في الشرق الأوسط تطوراً متسارعاً نحو بناء شبكة مستدامة ومترابطة تجمع المنتجين والمشترين ورواد الابتكار ضمن منظومة واحدة متنامية.
وقال خالد الملا رئيس مجلس إدارة جمعية القهوة المختصة في الإمارات: «إن وتيرة النمو التي تشهدها المنطقة لا تنعكس فقط في انتشار المقاهي أو بيانات الاستهلاك، بل تمتد لتشمل البنية التحتية التي يجري تطويرها على امتداد سلسلة القيمة. ويجسد معرض عالم القهوة دبي المسار المتسارع الذي تتقدم فيه حركة القهوة في الشرق الأوسط؛ بصورة أكثر عمقاً واتصالاً بالعالم من أي وقت مضى».
من جهتها قالت شوق بن رضا مديرة معرض عالم القهوة: «نحن نشهد بروز جيل جديد من رواد الأعمال والمنتجين والمستوردين الذين يدفعون عجلة الابتكار والاستدامة والنمو طويل الأجل في هذا القطاع. ويعد معرض عالم القهوة نقطة التقاء رئيسية لهذا النظام الإيكولوجي، فيما يعكس حجم توسعه المتسارع المكانة المتنامية للمنطقة في تجارة القهوة العالمية».
وبينما تحظى ثقافة المقاهي بالاهتمام الأكبر، تتطور البنية التحتية الداعمة للقطاع بوتيرة متسارعة، حيث ارتفعت واردات القهوة الخضراء عبر دول مجلس التعاون، وأصبحت دبي مركزاً إقليمياً لإعادة التصدير، إذ تجاوزت قيمة إعادة التصدير 3.5 مليارات درهم عام 2024، مدعومة باستثمارات في مستودعات التخزين ومختبرات التذوق ومراكز مراقبة الجودة ومنصات التجارة المتخصصة.
وبالتوازي، تتسارع موجة القهوة الثالثة في المنطقة مع تنامي المحامص المحلية والمستوردين المتخصصين، والمقاهي المستقلة، والمفاهيم التي تديرها سيدات، بدعم من مسابقات فنون اللاتيه، ومهرجانات القهوة، وأكاديميات تدريب الباريستا، ما أسهم في ترسيخ حضور قوي للعلامات المستقلة وبناء قواعد جماهيرية وفية.
يشكل معرض عالم القهوة دبي 2026 عنصراً محورياً في هذا النمو، إذ تستقطب دورته المقبلة أبرز شركات القهوة والعلامات التجارية من جميع أنحاء العالم، كما يقام ضمن فعالياته ثلاثة مزادات للقهوة، وبطولات محلية وعالمية، وورش عمل وبرامج تعليمية معتمدة، وسوف يعرض المشاركون أحدث الحلول والتقنيات المتقدمة التي تغطي مختلف مراحل سلسلة القيمة.
أخبار متعلقة :