ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأربعاء 24 ديسمبر 2025 04:36 مساءً - يُعرف عن متنبئي أسواق الأسهم في «وول ستريت» ميلهم إلى التفاؤل، غير أن درجة تفاؤلهم الراهنة حيال عام 2026 باتت مصدر قلق لبعض مراقبي السوق. وبحسب بيانات جمعتها «بلومبرج»، فإن استراتيجيي «جانب البيع» في كبرى المؤسسات أصدروا توقعات نهاية العام لمؤشر «إس آند بي 500»، وقد جاءت متقاربة على نحو غير مسبوق منذ نحو عقد. إذ يبلغ أعلى تقدير 8100 نقطة من شركة «أوبنهايمر»، مقابل أدنى تقدير عند 7000 نقطة من شركة «ستيفل نيكولاوس»، ما يقلّص الفارق بين الرؤى للعام إلى نحو 16%.
وتشكل مثل هذه الرؤى المتطابقة، في العادة، إشارة معاكسة في الأسواق، إذ إن انحياز الجميع في الاتجاه نفسه غالباً ما يفضي إلى تصحيح لاختلال التوازن هذا. ويأتي هذا الإجماع في وقت تظهر فيه المخاطر السوقية بوضوح.
فالتضخم لا يزال أعلى من مستهدف الاحتياطي الفيدرالي، ما يجعل الرهانات على تيسير السياسة النقدية عرضة لخيبة أمل. وفي الوقت نفسه، سجل معدل البطالة ارتفاعاً تدريجياً خلال الأشهر الأخيرة، في حين لم تُترجم الاستثمارات المكثفة في الذكاء الاصطناعي بعد إلى عوائد ملموسة. ورغم ذلك، يقدر الاستراتيجيون في المتوسط مكاسب بنحو 11% للأسهم الأمريكية في عام 2026، حتى بعد ثلاث سنوات متتالية من تحقيق عوائد برقم من خانتين.
وقال ستيف سوسنيك، كبير الاستراتيجيين في شركة «إنترأكتيف بروكرز»، إن حالة الإجماع الشديد وتقارب التوقعات تثير القلق. وأضاف: عندما يتوقع الجميع السيناريو نفسه، يكون ذلك تلقائياً، مسعَّراً مسبقاً في السوق، ولا سيما حين تستند مبررات هذا الإجماع غالباً إلى الركائز نفسها، مثل خفض أسعار الفائدة والتخفيضات الضريبية واستمرار هيمنة الذكاء الاصطناعي.
وتتوقع شركتا «أوبنهايمر» و«دويتشه بنك» أن يتجاوز مؤشر «إس آند بي 500» حاجز 8000 نقطة بحلول نهاية ديسمبر المقبل. وحتى أكثر السيناريوهات تحفظاً البالغة 7000 و7100 نقطة، بحسب تقديرات «ستيفل» و«بنك أوف أمريكا»، لا تزال تشير إلى مكاسب محدودة مقارنة بإغلاق يوم الجمعة.
ويستند هذا التفاؤل إلى افتراض نمو اقتصادي قوي يدفع أرباح الشركات إلى الارتفاع. ويرى المتفائلون أن خفض الضرائب وتخفيف القيود التنظيمية سيعززان النشاط الاقتصادي، إلى جانب توقعات بخفضين لأسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة لكل منهما من جانب الاحتياطي الفيدرالي. في المقابل، يرى المتشائمون في هذه الرؤية قدراً من الاطمئنان المفرط.
وقال ديف مازا، الرئيس التنفيذي لشركة «راوندهيل فاينانشال»، إن التقارب الشديد في أهداف مؤشر «إس آند بي 500» يشير إلى أن التوقعات مسعّرة إلى حدّ بعيد، ما يجعلها أكثر هشاشة. وأضاف: في مثل هذا الوضع، تصبح السوق أكثر حساسية لأي خيبة أمل ولو محدودة. وعندما يكون الجميع في القارب نفسه، لا يتطلب الأمر ركوداً لإطلاق موجة تقلبات، بل يكفي إخفاق في الأرباح، أو مفاجآت على صعيد السياسات، أو تمركزات استثمارية تفتقد لهامش الخطأ.
ويعد إصدار توقعات لمؤشر «إس آند بي» تقليداً راسخاً في «وول ستريت»، إذ يعرض محللون من أكبر البنوك إلى شركات الاستثمار المتخصصة أرقامهم مع اقتراب نهاية كل عام. غير أن هذه التوقعات لطالما عُرفت بإخفاقها المتكرر.
وبحسب بيانات شركة «بايبر ساندلر»، تميل أهداف مؤشر «إس آند بي 500» إلى التأخر بنحو شهرين عن الأداء الحقيقي للمؤشر. وينطبق هذا النمط ذاته أيضاً على التقديرات الخاصة بالأسهم الفردية. وقال مايكل كانتروفيتز، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة «بايبر ساندلر»، إن اتجاه السوق يعد مؤشراً استباقياً أدق على تغير التوقعات الإجماعية، أكثر من كون تلك التوقعات مؤشراً استباقياً إلى حركة السوق نفسها. وأضاف أعتقد بأن الاستراتيجيين يضعون الأهداف بوصفها صيغة مختصرة للتعبير عمّا إذا كانوا متفائلين أو متشائمين.
ورغم المخاوف بعيدة المدى المرتبطة بالتركيز على شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، فإن التفاؤل بقوة الاقتصاد، المدعوم بخفض أسعار الفائدة في الآونة الأخيرة ومشروع قانون الضرائب الصادر عن البيت الأبيض، يواصل تعزيز معنويات المستثمرين.
وقال جريج بوتل، رئيس استراتيجيات الأسهم والمشتقات الأمريكية في بنك «بي إن بي باريبا»، إن المخاطرة تكمن في أن التفاؤل أصبح شبه شامل مع استمرار السوق في الصعود بوتيرة منتظمة. وأضاف: قد يكون السيناريو الأكثر ترجيحاً هو مزيد من الارتفاع، لكن هذا بحدّ ذاته يعني أن أي صدمة خارجية محتملة قد تُحدث أثراً أكبر في الأسواق.
أخبار متعلقة :