ابوظبي - ياسر ابراهيم - الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 03:21 مساءً - في تحول تاريخي يذكر بنهضة مدن «الهانزا» في العصور الوسطى وصعود جنيف في القرن السابع عشر، تفرض مدينة دبي نفسها اليوم كـ «قبلة مالية» ناشئة، متجاوزة مراكز تقليدية عريقة لتصبح الوجهة الأولى عالمياً لتدفقات رؤوس الأموال والأفراد ذوي الملاءة المالية العالية خلال عام 2025، بحسب صحيفة «يوراسيا» الرقمية الأمريكية.
وقالت الصحيفة إن أحدث البيانات الصادرة عن شركة «هينلي آند بارتنرز» الدولية تكشف أن دولة الإمارات تصدرت قائمة الوجهات الجاذبة للأثرياء في عام 2025، متفوقة على الولايات المتحدة وسويسرا. وتشير التوقعات إلى وصول نحو 9800 فرد من أصحاب الملايين، يحملون معهم أصولا تقدر بـ 63 مليار دولار، ما يضع دبي في مرتبة متقدمة على مراكز مالية كبرى مثل سنغافورة وهونج كونج.
وتابعت الصحيفة أن هذا الزخم لم يكن وليد الصدفة؛ ففي غضون أقل من نصف قرن، نجحت دبي في التحول من ميناء تجاري إقليمي إلى المركز المالي الأول في الشرق الأوسط. ويرجع هذا النجاح بشكل أساسي إلى «مركز دبي المالي العالمي» (DIFC) الذي تأسس عام 2004، موفراً بيئة تشريعية مستقلة، ما منحه ثقة المؤسسات الدولية.
وقال محللون للصحيفة إن سر جاذبية دبي يكمن في «الخلطة السحرية» التي تجمع بين الاستقرار السياسي، والأمن الداخلي المرتفع، والنظام الضريبي التنافسي. فمع غياب ضريبة الدخل الشخصي، وضريبة شركات لا تتجاوز 9% (مع إعفاءات كاملة داخل المناطق الحرة)، أصبحت المدينة ملاذا للعائلات الثرية من الهند، باكستان، أفريقيا، روسيا، وصولا إلى أوروبا.
وتشير الأرقام إلى أن دبي باتت تحتضن حالياً أكثر من 81 ألف مليونير و28 مليارديراً، بزيادة قدرها 98% مقارنة بالعقد الماضي. ومن المتوقع أن تتجاوز دبي العاصمة الفرنسية باريس في عدد الأثرياء المقيمين، بفضل مرونة الإجراءات وسهولة الاستقرار، وتوفر نمط حياة فاخر يجمع بين أفضل أنظمة الرعاية الصحية، ومراكز التسوق العالمية، وشبكة طيران تربطها بكافة عواصم العالم عبر «طيران الإمارات».
ولا تكتفي دبي بجذب السيولة التقليدية، بل تخوض غمار المنافسة لتصبح العاصمة العالمية للتمويل الإسلامي، منافسة بذلك كوالالمبور. كما قطعت شوطاً كبيراً في قطاع التكنولوجيا المالية «فنتك» وسوق الأصول المشفرة، ما دفع العديد من الشركات العالمية لمغادرة لندن وهونج كونج باتجاه دبي.
ويستضيف مركز دبي المالي العالمي اليوم أكثر من 8000 مؤسسة مالية، توظف قرابة 48 ألف مختص. وتمتلك 27 من بين أهم 29 بنكاً في العالم، مقاراً في دبي، بما في ذلك عمالقة مثل «جي بي مورجان»، و«جولدمان ساكس»، و«بلاك روك»، إضافة إلى أكبر البنوك الصينية.
ومع هذا الصعود الصاروخي، أشار الخبراء إلى الحجم الهائل للأصول المصرفية الذي تضاعف بنسبة 200% ليصل إلى 240 مليار دولار.
واختتمت الصحيفة بأن دبي تحتل اليوم المرتبة الحادية عشرة عالمياً بين المدن المالية، متفوقة على باريس. وهي لا تسعى لمنافسة نيويورك أو لندن بشكل مباشر، بل تكرس نفسها كحلقة وصل لا غنى عنها في الجغرافيا المالية للقرن الحادي والعشرين، مستندة إلى استراتيجية تجمع بين الابتكار القانوني والانفتاح العالمي الشامل.
أخبار متعلقة :