الارشيف / حال قطر

الخيمة الخضراء: تطوير قدرات النشء العربي ضرورة لمواجهة التحديات

الدوحة - سيف الحموري - د. سيف الحجري: مطلوب رفع معدلات التعليم والإبداع وتشجيع الثقافة التكنولوجية

خالد مفتاح: التقنيات الحديثة لا تجعل الشخص مصدراً لسعادة نفسه أو الآخرين

د. أحمد الكندي: الإسلام قدم طرحاً متكاملاً في مختلف جوانب التربية بطريقة متكاملة

د. طارق العيسوي: الإفراط في التقنيات الحديثة يساعد على الإصابة بالاكتئاب والقلق والتوتر

إدريس القراري: يجب التربية على قيم المواطنة منذ المراحل الأولى في حياة الإنسان

ناقشت الجلسة التاسعة من ملتقى الخيمة الخضراء، الذي ينظمه برنامج لكل ربيع زهرة، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، تحديات تربية النشء في العالم العربي، متناولة تأثير التقنيات المعاصرة في مجال المعلومات على شخصية النشء العربي.
كما تناولت الجلسة دور الأسرة والمدرسة والمؤسسات الاجتماعية في مواجهة المخاطر المحدقة بالنشء العربي، وتأثير الانفتاح على العالم في ظل انهيار منظومة القيم، وأزمة تراجع اللغة العربية في المؤسسات التعليمية.
وقال الدكتور سيف بن علي الحجري – رئيس البرنامج: قضية تربية النشء في العالم العربي تزيد عمقاً وتحدياً كلما تقدمنا في الزمن، إضافة إلى انفتاح العالم والتقاطع مع العولمة ومع قضايا أخرى كثيرة، إضافة إلى التقنية المعاصرة التي دخلت كمؤثر سلبي على النشء ومستقبلهم وقيمهم وعاداتهم وتقاليدهم.
وأضاف: التربية هي عملية لتنشئة الأفراد في المجتمع، في جوانب التعليم والقيم والأخلاق والصحة النفسية والجسدية، بهدف تحقيق التغير الإيجابي في سلوكيات ومفاهيم الأفراد، وكما يقول علماء التربية لا تعليم بدون تغير في السلوك، وضمان أن تكون مبنية على قيم العدل والمساواة والتحضر والتسامح والتعايش السلمي، مما يسهم في تنمية شخصيات النشء وتعليمهم المهارات وإكسابهم القيم اللازمة للحياة والتعايش الإيجابي في المجتمع.
وتابع: من المهم محاولة العمل على تغيير التوجهات وتطوير قدرات النشء في العالم العربي، ورفع معدلات التعليم والتدريب المهني وتوسيع العمل الإبداعي والابتكار، وتشجيع الثقافة العلمية والتكنولوجية.
ونوه إلى أن الكثير من التحديات تواجه التربية في العالم العربي، وأن من أبرزها تحديات التعليم، وأن تراجع جودة المناهج التعليمية أو تأثر مكانة المعلم والبيئة المدرسية يؤثر سلباً على النشء وعلى مستقبل إدماجهم في سوق العمل في المستقبل، وينبغي تشجيع النشء على الاستمرار في التعلم وتنمية مهاراتهم ومهارة التفكير النقدي وقدرتهم المعرفية.
وأكد على التحديات التقنية التي تواجه النشء، والتي تشمل عدم الاستفادة الكاملة من الثورة الرقمية، إما لقلة أو لانعدام المعدات الرقمية، أو عدم توفر تدريب أو تعليم على استخدامها في الحياة اليومية بما يؤثر في فرص ادماج النشء في المجالات المهنية المعاصرة، مع التأكيد على استخدام التكنولوجيا بشكل آمن ونافع.

الاستخدام المفرط للتقنية
من جانبه تطرق خالد مفتاح الباحث الأكاديمي إلى مخاطر الاستخدام المفرط للتقنية على النشء، لافتاً إلى أن الانغماس في استخدام التقنيات قد يؤدي إلى الانتحار، كما يؤدي إلى فقدان البرمجة البصرية للنشء، والبعد السمعي والحسي، وهو الأمر الذي يزعج المعلمين داخل قاعات الدرس.
وأشار إلى أن التربية هي الأثر الذي يبقى بعد أن ننسى ما تعلمناه، وأنها في مقصدها تُعنى بكيف تحول الشخص إلى أداة لسعادة نفسه ولسعادة الآخرين، محذراً من أن التقنيات الحديثة لا تُعطي هذا الحل أو تساهم في عملية التربية بشكل جيد، بل تزاحم أولياء الأمور في التربية.
ونوه بأن استراتيجية 2018 – 2022 لوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، ركزت في محورها الرابع على المواطنة والقيم، وأن الوزارة لديها خطة متكاملة في هذا الجانب، وأن هناك جهودا تبذل في هذا المسار.

اعتماد المنظومة الإيمانية
وقال الدكتور أحمد بن يحيى بن أحمد الكندي (من سلطنة عمان): ديننا غذى كل جوانب حاجة النشء، لذا فعلينا اعتماد المنظومة الإيمانية الإسلامية في تربية النشء، فالإسلام قدم طرحاً متكاملاً في تربية النشء، سواء كان عناية بالتربية الإيمانية أو التعبدية أو العقلية أو النفسية والعاطفية أو الأخلاقية.
وأشار إلى أن النشء في حاجة إلى تكامل التربية من كافة الجوانب التي ركز عليها الإسلام، وأن الشريعة دعت إلى العناية بتربية النشء منذ نعومة أظفارهم، وركزت على كافة جوانب التربية، الأمر الذي ينتج عنه شخص مفيد لمجتمعه ودولته وأمته.

مشكلات سلوكية
من جانبه أكد الدكتور طارق العيسوي، المستشار النفسي على تأثير التقنيات المعاصرة في مجال المعلومات على شخصية النشء العربي، وقال العيسوي: لا نستطيع إنكار أن التقنيات والأدوات، والأجهزة الذكية، هي ركيزة اساسية في حياتنا اليومية، والإنسان لم يتوقف عن تطوير ما يخترعه ليزيد من مقدار الاستفادة منه ويوفر الوقت والجهد والمال.
ونوه إلى أن الافراط في استخدام التقنيات الحديثة له العديد من الأضرار، فتشير الدراسات النفسية الى أن هذا السلوك قد يساعد على الإصابة بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق والتوتر، إضافة إلى إصابة النشء بالمشكلات السلوكية ومنها العدوان والكسل واللامبالاة والاعتمادية، كما يزيد من الشعور بالوحدة، والشعور بالضعف، والابتعاد على الأنشطة والفعاليات الاجتماعية والترفيهية مما يزيد من المشكلات النفسية.
وأشار إلى دور الأسرة والمدرسة والمؤسسات الاجتماعية في مواجهة المخاطر المحدقة بالنشء العربي، مشدداً على أهمية غرس عمل الأسرة على غرس الأخلاق، والقيم، والوعي اللازم لاستخدامات الإنترنت، بما يحمي النشء، والتعريف بأصول التنشئة الصحيحة في مواجهة مخاطر شبكة الإنترنت وغير ذلك من تقنيات، وضرورة تنمية مهارات الآباء في استخدام التقنية، مع توعية الأبناء بالمخاطر بين الحين والآخر.
ولفت إلى أن الأسرة عليها تنظيم استخدام أفرادها للإنترنت لساعة أو اثنتين على الأكثر يوميًا، إضافة إلى تشجيع الأبناء على التحدث عن أي شيء يشاهدونه أو يطلعون عليه بشبكة الإنترنت، ووضع الكمبيوتر في مكان مرئي بالمنزل، والتنبيه على الأبناء بعدم إعطاء أي معلومات شخصية كالعنوان أو رقم الهاتف أو اسم المدرسة وعنوانها أو اسم أحد الوالدين لأصدقائهم على شبكة الإنترنت، وأن يكون استخدام شبكة الإنترنت لتحقيق غرض إيجابي محدد.

التصدي للمخاطر المعاصرة
وأوضح الشيخ إدريس بن بابا باحامد القراري (من سلطنة عمان) عدة آليات يمكن أن تسهم في التصدي للمخاطر المعاصرة، من بينها إعداد برامج علمية هدفها إعداد وتأهيل القائمين على الفعل التربوي، مما يساهم في إعادة الدور الأول والأهم للمربي في التربية قبل التعليم.
وأكد على أهمية التربية على قيم المواطنة منذ بداية تكوين المتعلم في مراحله الأولى، وأن أزمة القيم أصبحت منتشرة بوضوح في عصرنا مما أدى إلى تفشي العديد من المشاكل الاجتماعية، مشيراً إلى أهمية خلق تربية صحية من خلال إضافة مقررات دراسية تقوم بالأساس على تعليم وتوعية المتعلمين بطرق وأساليب يستطيع من خلالها حماية ووقاية ذاته وغيره، فربما درس أو حصة أو حصتان غير كافيتين لغرس هذه القيم في نفوس المتعلم.
ونوه إلى أن التربية وسيلة فعّالة لمواجهة المخاطر لأنها الوحيد القادرة على تنظيم السلوكيات العامة للبشر، والقادرة على ترويض وتوجيه غرائزهم، ولكونها العنصر الرئيسي والأساسي القادر على تغيير المجتمع بجميع فئاته والدفع به نحو التقدم والازدهار، وهذا الأمر يستدعي تضافر جهود الجميع، وحشد الطاقات والإمكانات هدفها الأساسي خلق فرد مؤهل للتصدي من أجل الدفاع عن نفسه من المخاطر التي تهدد صحته وسلامة مجتمعه.

Advertisements

قد تقرأ أيضا