الدوحة - سيف الحموري - افتتحت جامعة جورجتاون في قطر، أمس، موسم مؤتمرات «حوارات»، بمؤتمر «رؤية السودان: السياسة عبر الفن»، الذي يُعقد خلال الفترة من 18 إلى 20 سبتمبر الحالي في فندق فور سيزونز.
حضر المؤتمر سعادة السيدة لولوة بنت راشد بن محمد الخاطر وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي، وسعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، وسعادة الشيخ الدكتور عبد الله بن على آل ثاني، رئيس مجلس إدارة المدينة الإعلامية، وجمع نخبة من الشخصيات السودانية والدولية البارزة.
يهدف المؤتمر في توقيته الحاسم إلى تسليط الضوء على الأزمة الإنسانية المستمرة في السودان، وإبراز صمود وإبداع شعبه من خلال الفن والموسيقى والأدب والفكر.
وخلال حفل الترحيب، سلطت الدكتورة رقية أبو شرف الأستاذة السودانية في جامعة جورجتاون في قطر، الضوء على مساهمة الفنانين في الوعي السياسي للسودان، قائلة: «يمثل مؤتمر «رؤية السودانْ: السياسة عبر الفن» جهودنا لمناقشة روح الأمة.. لقد خاض الشعب السوداني معارك يومية من أجل البقاء منذ عقود، وأي احتمالات حتى لمظهر من مظاهر الحياة الطبيعية قد تم تدميرها بشكل منهجي».
وقال الدكتور صفوان المصري – عميد كلية جورجتاون في قطر: «في جامعة رائدة عالميا في الشؤون الدولية، يستعيد الفن بحق مكانته كإحدى لغات الدبلوماسية، ولهذا السبب يجد هذا المؤتمر موطنه الطبيعي ليس فقط في جامعتنا ولكن أيضا في الدوحة، وهي مدينة عالمية لطالما تميزت بالثراء الثقافي المتنوع من أرجاء العالم».
وتحدث المبدعون السودانيون البارزون الذين يتحدى عملهم سوء تجسيد المأساة في الجلسة الرئيسية التي أدارها عميد الجامعة د. صفوان المصري. فحددت مذيعة بي بي سي الشهيرة ورئيسة كلية الدراسات الشرقية والافريقية في جامعة لندن زينب بدوي نبرة تناول الحدث، داعية جمهور الحضور إلى التذكير بأن «السودان اليوم ليس كما كان دائما، وقد كان ذات يوم قوة إقليمية كبرى».
ووصفت التاريخ الطويل للحضارة المستنيرة في السودان باعتباره ضوءًا إرشاديا قائلة: «لا يمكننا أن نسمح لطغيان القوى التي تحاول قمع هؤلاء الرواد بأن تنتصر».
انضم خالد البيه - رسام الكاريكاتير السياسي والفنان المقيم في جامعة جورجتاون في قطر، والدكتور راشد دياب - الفنان متعدد التخصصات والمؤرخ الفني، والصحفية والكاتبة نسرين مالك إلى زينب بدوي لمناقشة حول ما يعنيه رؤية السودان بصدق في عصر الإلهاء والإنكار؟، وقد كشفت شهاداتهم النقاب عن الفجوة بين الإدراك والواقع، وكشفت أيضا كيف أن الكارثة المستمرة لا تدمر الأرواح فحسب، بل تشوه أيضا روايات الهوية والتاريخ والأمل.
اختتمت الأمسية بأداء مؤثر للمطربة السودانية السارة والموسيقية الفلسطينية هدى عصفور، اللتين قدمتا معا إعادة تخيل الموسيقى من تاريخ السودان الثوري تذكيرا بأن الفنون يمكن أن تولد التضامن والترابط عندما تفشل السياسة.
ويؤكد مؤتمر «رؤية السودان: السياسة عبر الفن» أن قصص الشعب السوداني ومعاناته لن يتم إسكاتها. يستمر المؤتمر على مدى اليومين المقبلين، ويحشد طاقات العلماء والفنانين والجمهور لمواجهة ليس فقط وحشية الحاضر ولكن أيضا مسؤولية تخيل مستقبل اكثر عدلا.
ويتضمن المؤتمر في ثاني أيامه حلقات نقاش حول الإنتاج الفني والفكري العالمي، مما يؤدي إلى افتتاح معرض: «إعادة سرد حكايات السودان» في معرض «جاليري الحوش» على شاطئ منطقة اللؤلؤة، والذي يفتح أبوابه للجمهور يوميا حتى 28 سبتمبر. أما يوم السبت، ثالث أيام المؤتمر، فيجمع بين الصحفيين وعلماء الأنثروبولوجيا والمصممين المبدعين والموسيقيين وصانعي الأفلام، وتختتم بحلقة نقاشية تطلعية حول «إعادة تصور السودان».
وهبي عبد الفتاح: مشروع رقمنة لصون تراثنا الثقافي
أكد وهبي عبد الفتاح عبد الرحمن – مدير مركز التوثيق والدراسات الإثنوغرافية بجامعة وادي النيل ومنسق مشروع ذاكرة السودان بولاية نهر النيل، إن مشاركته في «حوارات» تركز على الاهتمام بالتحدث عن مشروع ذاكرة السودان، في عدد من المحاور، أبرزها المشروع ككل، ومساهمات جامعة وادي النيل به وبحماية التراث بصورة عامة، إضافة إلى تناول تأثير وصدى هذا المشروع.
وأوضح أن «ذاكرة السودان» هو مشروع رقمنة لصون وحفظ التراث الثقافي السوداني، ويقوم على شراكات داخلية وخارجية، وأن عددا من المساهمين على امتداد السودان ككل يشاركون في الرقمنة وحفظ التراث الثقافي السوداني.
وقال وهبي عبد الفتاح: شاركت في أبريل الماضي بالتحضير للمؤتمر الذي نشهد افتتاحه اليوم، وهو يمثل مشاركة فاعلة من جامعة جورجتاون في قطر، في الوقت الذي يدير أغلب العالم ظهره للسودان، لنجد أن الجامعة تأخذ زمام المبادرة وتبدأ الاهتمام بالسودان، خاصةً في الجانب الثقافي.
وأضاف: السودان في حاجة إلى أن يُظهر في المحافل الثقافية الدولية وبمحيطه العربي والأفريقي، فالسودان يقع بين العربي الكامل والافريقي الكامل، وثقافته متأثرة بالجانبين، وثقافة بهذا الزخم والغنى تحتاج إلى الدفع بصورة كبيرة، والحاجة إلى القفز على كل الحواجز وإظهار الثقافة السودانية لكل العالم.
د.إيمان شريف: الفن السوداني يواجه الكثير من المشكلات
قالت الدكتورة إيمان حسين شريف – معالجة نفسية وتعمل على أرشيف والدها الفنان حسين شريف: علاقة وطيدة تربط الفن بالسياسة، فلا يمكن أن يكون لدينا فن بدون السياسة، فالفنان هو نبض الشارع والدولة، يتناول كل المشاكل الاجتماعية في الدولة، ويعكس صورة عن المجتمع ككل.
وأعربت عن أملها أن يكون مؤتمر «حوارات» الذي تنظمه جامعة جورجتاون في قطر بداية لنقاشات بشكل مختلف، وأن يخرج المؤتمر بتصور كيف يمكن أن يكون السودان في المستقبل.
وأضافت: الفن في السودان لا يجد المكان الذي يستحقه، لكن دورنا كشعب هو كيف ندعم الفن، ليتحدث بلسان الشعب، فهو الصوت والذاكرة، ويمكن أن يعطي الرؤية في الكثير من الأمور. وأوضحت أن مشاركتها تركز على دور السينما، والمشكلات التي تواجه السينمائيين.ونوهت د.إيمان بأن الفن السوداني يواجه الكثير من المشكلات، ولكنه في الوقت نفسه يناقش الكثير من القضايا التي تواجه المجتمع.
هدى عصفور: قضايا بلادي والسودان .. كثير من الترابط
قالت هدى عصفور (موسيقية فلسطينية): أشارك اليوم مع فنانة سودانية في تقديم برنامج موسيقي خاص بالمؤتمر، نقدم فيه مجموعة من الأغاني، من بينها أغاني للفنان السوداني مصطفى سيد أحمد، وهو مطرب سوداني شهير.
وأضافت: السياسة تفرق والفن يجمع، وأعتقد أن الفن هو أداة للحفاظ على الموروث، فمنه ما هو مهدد بالضياع، إضافة إلى التفكير في الكثير من القضايا القديمة التي مر عليها عقود، أما بالنسبة لي فالفن وسيلة للتوعية وتغيير الوعي والإدراك، والقدرة على خلق ترابط بين الناس.
وتابعت: بالنسبة لي كفنانة فلسطينية، فقضايا فلسطين والسودان بها الكثير من الترابط أكثر مما قد يظهر للكثيرين، فالقضية الفلسطينية وما يحدث في السودان اليوم تضم الكثير من المحاور والمساحات التي تجمع هذه القضايا، من بينها إعادة تعريف الهيمنة والاستعمار بالمنطقة، ففلسطين والسودان اليوم هي رموز لتذكيرنا بأن أرضيتنا موحدة وقضيتنا هي للعمل على تغيير الواقع الذي نعيشه منذ عشرات السنين.