الدوحة - سيف الحموري - عقد مركز محمد بن حمد آل ثاني لإسهامات المسلمين في الحضارة التابع لكلية الدراسات الإسلامية، بجامعة حمد بن خليفة مؤتمر السيرة النبوية لهذا العام، تحت شعار «الهدي النبوي في السلم والحرب».
ويسلط المؤتمر، الذي يختتم اليوم الخميس، الضوء على ثراء التوجيهات النبوية في شؤون الحرب والسلم، بما في ذلك إحلال السلام ونشره، ومنع الحروب والنزاعات وتسويتها في حال حدوثها، ووضع القواعد والتشريعات للتعامل مع آثار السلم والحرب على حد سواء.
وتحظى محاور المؤتمر بأهمية كبرى في العصر الحديث، حيث أدت العلاقات الدولية المتضاربة إلى انتشار الظلم والاستغلال والحروب.
يأتي المؤتمر في لحظة حاسمة لتذكير القادة والعالم بأسره بأساسيات وقيم العلاقات الإنسانية، حيث يؤكد على كيفية استخدام تعاليم الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) كنماذج مثالية في السعي الحثيث لتحقيق العدالة والحفاظ عليها في العلاقات الدولية، فضلًا عن وضع تشريعات حاسمة لمنع النزاعات وتعزيز السلام.
وقالت الدكتورة عائشة المناعي، رئيس مؤتمر السيرة النبوية، ومدير مركز محمد بن حمد آل ثاني لإسهامات المسلمين في الحضارة: «ناقش مؤتمر هذا العام كيفية تعامل واستجابة الشريعة الإسلامية مع القضايا العالمية المعاصرة، حيث يقدم لنا رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) نموذجًا ملهمًا للقيادة الرشيدة التي تستمد مبادئها من العدل والرحمة والحكمة. ليس ذلك فحسب، بل إن النهج النبوي في التعامل مع النزاعات، سواء من خلال المعاهدات أو الدبلوماسية أو الحرب عند الضرورة، يُجسد إطارًا متماسكًا وأخلاقيًا يستند إلى التوجيهات الربانية. ومن خلال إمعان النظر في هذا الإرث الحضاري العظيم، يمكننا استكشاف ودراسة مسارات قابلة للتطبيق نحو تحقيق السلام والإنصاف والمصالحة في عالم اليوم».
وأضافت أن المؤتمر الحالي يُعد النسخة الثالثة من سلسلة المؤتمرات التي ينظمها المركز في هذا الإطار، حيث تناولت النسخ السابقة موضوعات حول أهمية السيرة النبوية ودلائل النبوة، لافتة إلى أن مؤتمر هذا العام يركز على قضية «الحرب والسلام في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم»، لما تحمله من أهمية بالغة في ظل ما يشهده العالم من نزاعات وصراعات.
وأكدت المناعي أن الرسول صلى الله عليه وسلم وضع قواعد وآليات واضحة لما يمكن تسميته بـ «أخلاقيات الحرب»، إذ كان يوحى إليه وتجلت في سيرته المباركة نماذج رفيعة في التعامل مع الحروب والمعاهدات، من بينها وصاياه بعدم قتل الشيوخ أو الأطفال أو النساء، وعدم قطع الأشجار أو هدم أماكن العبادة، مشيرة إلى أن هذه التوجيهات تمثل منظومة أخلاقية وإنسانية سبقت القوانين الدولية الحديثة.
وأضافت أن المؤتمر يهدف إلى تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام من خلال إبراز قيم التسامح والرحمة التي حملتها رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وإظهار أن الإسلام دين سلام في جوهره، وأن الحروب التي خاضها المسلمون كانت دفاعية ومشروعة.
ومن جانبه، أشار الدكتور رجب شانتورك، عميد كلية الدراسات الإسلامية، إلى أهمية عقد المؤتمر في هذا التوقيت تحديدًا في ظل التحديات الأخلاقية والإنسانية التي يواجهها العالم.
وأكد الدكتور رجب شانتورك أن كلية الدراسات الإسلامية تحرص في كل عام على تنظيم مؤتمر علمي يتناول جانبًا من جوانب السيرة النبوية الشريفة، ليس باعتبارها مجرد تاريخ مضى، وإنما باعتبارها منهجًا حيًا تستقى منه الدروس والعبر وتستلهم منه القيم والأخلاق والسلوك في الحياة اليومية.
وقال الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل أستاذ الإسلام والشؤون الدولية وزير الخارجية السوداني الأسبق إنه سوف يترأس إحدى جلسات المؤتمر في يومه الثاني، وتتناول سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ونموذجه في معالجة الحروب والعنف مقارنةً بما يجري في عالم اليوم.
وأكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم نجح في بناء مجتمع متسامح في المدينة المنورة وفي مكة، بفضل السياسة والنموذج الذي اتبعه صلى الله عليه وسلم، وأن فتح مكة كان نموذجا للتسامح، عندما أعلن لأهل مكة؛ الذين طاردوه وعذبوه وعذبوا أصحابه؛ بأنهم طلقاء، ليعطي رسالة بأن العفو أفضل، وهو العفو عند المقدرة، في الوقت الذي كان بإمكانه أن يفتك بهم.
