الارشيف / حال قطر

نوهوا بتعزيز بيئة الاستثمار.. خبراء لـ «العرب»: قانون الإفلاس يحمي حقوق الدائنين والمستثمرين

  • نوهوا بتعزيز بيئة الاستثمار.. خبراء لـ «العرب»: قانون الإفلاس يحمي حقوق الدائنين والمستثمرين 1/2
  • نوهوا بتعزيز بيئة الاستثمار.. خبراء لـ «العرب»: قانون الإفلاس يحمي حقوق الدائنين والمستثمرين 2/2

الدوحة - سيف الحموري - أكد خبراء مختصون، أهمية قانون الإفلاس المتوقع إصداره خلال الفترة المقبلة، في حماية حقوق الدائنين والمستثمرين، من حيث دور القانون في إنقاذ الأعمال التجارية من الانهيار عندما تواجه عثرات مالية. ونوهوا لـ «العرب» بحرص الجهات الرسمية على مراجعة التشريعات الرامية إلى جعل الدولة أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب. ودعوا إلى وضع آلية تحمي المشاريع الصغيرة والمتوسطة فضلا عن حماية العاملين وأسرهم من آثار الانهيار المفاجئ، مبينين ضرورة أن يربط قانون الإفلاس بين العدالة الاقتصادية والتنمية المستدامة.

د. أحمد محمد غيث الكواري: نحتاج قانونا يربط العدالة الاقتصادية بالتنمية المستدامة

قال المستشار القانوني، د. أحمد محمد غيث الكواري: إن أكبر خطأ تقع فيه القوانين التقليدية للإفلاس هو أنها تعالج الإفلاس كحالة فردية تخص التاجر أو الشركة، بينما الحقيقة أن الإفلاس ظاهرة اقتصادية – اجتماعية – مالية تؤثر على: الموظفين وأسرهم كما يؤثر على سلسلة التوريد (الموردين والمتعاملين) وكذلك السوق بأكمله.
وأوضح أن قانون الإفلاس الجديد في قطر يجب أن يُصاغ كقانون منظومي لا كقانون إجرائي فقط، مبيناً أن قطر تبني اقتصادًا متنوعًا قائمًا على الشفافية والحوكمة ( رؤية 2030 )، لافتاً إلى أن التشريعات التجارية الحالية بما فيها قانون الشركات، الاستثمار، غسل الأموال تعتبر متقدمة لكن ينقص المنظومة قانون إفلاس يربط بين العدالة الاقتصادية والتنمية المستدامة.
أضاف: إذن المطلوب ليس مجرد “استنساخ” لتجربة دولية بل إبداع وطني محلي تشريعي قانوني قطري يعكس خصوصية الاقتصاد الوطني، ونحن لو نظرنا لتشريعات الولايات المتحدة الامريكية فإننا نلاحظ انها ركّزت على بقاء الشركات الكبرى مثل ( جنرال موتورز، دلتا) لإنقاذ الصناعات الوطنية، كما ان المانيا ركّزت على إعادة الهيكلة المبكرة لحماية الوظائف والطبقة المتوسطة، أما الدولة النشطة اقتصادياً سنغافورة فقد جعلت الإفلاس جزءًا من تسويقها كمركز مالي عالمي لتعزيز الجاذبية الاستثمارية.
وأضاف أن قطر يمكن أن تذهب أبعد من ذلك، من حيث تبني قانون إفلاس كأداة لتعزيز النزاهة والشفافية ومرتكزًا للتنمية الاجتماعية لا الاقتصادية فقط، لذلك يجب أن يتضمن القانون الجديد مبدأ مبتكرًا.. عنوانه التشريعي هو: أن إجراءات الإفلاس لا تُمنح إلا إذا أثبت المدين حسن النية في إدارة أمواله والتزم المدين والشركة بتقديم تقرير شفافية اجتماعية يوضح أثر الإفلاس على العمالة والتزاماتها تجاه الموردين الصغار، وأيضاً، إذا قُدمت خطة إعادة هيكلة تنموية تُراعي حماية أكبر عدد ممكن من الوظائف لا مجرد إرضاء الدائنين الكبار.
وأشار إلى أن الهدف في النهاية يجب ان يرتبط برؤية قطر 2030 ومكافحة الفساد والتنمية الاقتصادية وتوجه الدولة، لضمان أن يصبح القانون آلية لحماية المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تشكّل ركيزة التنويع الاقتصادي، فضلا عن تعزيز التنمية الاجتماعية لحماية العاملين وأسرهم من آثار الانهيار المفاجئ، مبينا أن الحوكمة والشفافية وهي الإفصاح المالي الإلزامي والمراجعة المستقلة تمنع أي تحايل أو إخفاء أصول وهو ما يربط القانون بمكافحة الفساد.
وأكد د. الكواري ان مشروع قانون الإفلاس الجديد في قطر يمكن أن يتحول من مجرد تشريع اقتصادي إلى قانون حضاري شامل، إذا ما اعتمد مبدأ “الإفلاس المسؤول التنموي» وبذلك يختلف عن تجارب الدول الأخرى في كونه يحمي الدائنين والمدينين، بإضافة بُعد اجتماعي واستراتيجي يعزز رؤية 2030، ويجعل قطر نموذجًا عالميًا في صياغة تشريع يوازن بين العدالة الاقتصادية والتنمية المستدامة والنزاهة.

د. خالد عبدالله المهندي: إنشاء إدارة متخصصة بالإفلاس في المحاكم

قال المحامي بالتمييز الدكتور خالد عبدالله المهندي، الخبير بقضايا الاستثمار والتجارة والتطوير العقاري: في ظل التطور التشريعي المتسارع الذي تشهده دولة قطر، والنهضة التشريعية الاقتصادية، تنعقد الورش لمناقشة مشروع قانون الإفلاس الجديد لاسيما من حيث أهميته كقانون معني بإعادة تنظيم الإفلاس من خلال إجراءات قانونية هدفها تعزيز مزايا البيئة الاستثمارية، من خلال اجراءات واضحة وسريعة وسلسة تتسم بالشفافية والفاعلية، وفق مقاربة جديدة تضمن حقوق التجار والدائنين وتدعم المنظومة القانونية الحديثة للمجال الاستثماري، لاسيما قانون رقم 21 لسنة 2021 بشأن إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة، التي تعنى بالفصل بسرعة تحقق العدالة الناجزة بالفصل في الدعاوى التجارية.
ونوه د. المهندي بتطوير المنظومة القانونية الاستثمارية للدولة، حيث يجري الحديث والنقاش على ترقب صدور قانون الإفلاس الجديد، الذي مما لا شك فيه أنه يأتي في سياق تطور وتوسع المجال الاقتصادي للدولة، والنمو المتسارع في أعداد الشركات لا سيما المتوسطة والصغيرة، وليقف على التحديات التي تواجه تلك الشركات فيما يتعلق بالإفلاس، ومعالجة القصور والثغرات في القانون الحالي بما يضمن حقوق التاجر والدائنين، ويساعد الشركات على تخطي عثراتها، ووفق مقاربة للقوانين الدولية الصادرة حديثاً وعلى غرار ما تشهده من تنظيم لعملية الإفلاس، فقد تناولت كثير من القوانين العالمية الحديثة المعنية بالإفلاس، تنظيم إجراءات إعادة الهيكلة المالية والإدارية للمشروعات سواء المتعثرة أو المتوقفة عن الدفع وإدخالها سوق العمل مرة أخرى أو خروجها منه.
وأكد د. المهندي أهمية تشجيع صغار المستثمرين على الاستمرار في السوق دون مخاوف من تعرضهم للحبس حال إعلان الإفلاس فضلاً عن ضرورة مساعدة الشركات والمشاريع المتعثرة أو المتوقفة عن الدفع عن طريق إعادة هيكلتها من خلال الخبراء المعتمدين بجدول الخبراء، ودعم العدالة الناجزة من خلال نظام يهدف إلى الحد من تفادي تكدس القضايا داخل المحاكم، وذلك عن طريق استحداث نظام الوساطة لتسوية المنازعات التجارية بتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، وأخيراً إنشاء إدارة متخصصة بالإفلاس في المحاكم الاقتصادية تعنى بتنظيم عملية الإفلاس وشهر الإفلاس، وبالتالي إنشاء دوائر متخصصة في المحاكم بقضايا الإفلاس.
وأشار إلى أن القوانين الحديثة المتخصصة بتنظيم الإفلاس، هدفها المحافظة على مصالح الدائنين وحماية حقوقهم عند تعثر التاجر وتوقفه عن دفع ديونه التجارية، حيث يتم الحجز على ما تبقى من أمواله ووضعها تحت يد القضاء على أن يتم اختيار ممثل عن الدائنين لإدارة تلك الأموال بدلا من فقدانها بالكامل في حالة ملاحقة المدين قانونيا.
ونوه بضرورة الحد من آثار الحكم بإشهار الإفلاس وتخفيفها عن طريق منح قاضي التفليسة سلطة ندب لجنة لإعادة الهيكلة للنظر في شأن مدى جدوى تشغيل متجر المفلس بالسوق بما يحقق فائدة للاقتصاد القومى ولأطراف التفليسة تماشيا مع النهج الدولي، ولأهمية الآثار المترتبة على الاقتصاد والمجتمع، أفراد وشركات وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني ومدى ارتباطه وتداخله بالاقتصاد العالمي، تبرز أهمية صدور قانون جديد مستقل متخصص بالإفلاس، يتناول الاستراتيجيات القانونية لإدارة الإفلاس، لضمان حماية حقوق الدائنين والمدينين على حد سواء، وتوفير مناخ آمن وحماية للمجال الاستثماري.

المحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي: تنظيم أوضاع الشركات المتعثرة

أكد الكاتب والمحلل الاقتصادي الأستاذ سعيد خليل العبسي أن قطر خلال السنوات الماضية قامت بإجراء العديد من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية لتشجيع الاستثمار وتحسين البيئة الاستثمارية، ومن أبرز هذه الجهود: قانون الاستثمار الأجنبي الذي سمح بالملكية الأجنبية الكاملة في معظم القطاعات الاقتصادية، مع توفير حوافز وإعفاءات، وتحرير سوق العقارات، الذي منح الأجانب حق التملك والانتفاع في مناطق محددة وإنشاء مناطق اقتصادية خاصة مع تسهيلات وضمانات قضائية وضريبية وغيرها مما عزز جاذبية قطر الاستثمارية.
وأضاف العبسي: بكل تأكيد تسعى قطر من خلال هذه الإصلاحات وخاصة مشروع قانون الإفلاس إلى تعزيز ثقة المستثمرين لجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتحقيق التنوع الاقتصادي بما يتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030. ويُعتبر مشروع قانون الإفلاس خطوة مهمة ضمن هذه الجهود، إذ يعزز الثقة في البيئة الاستثمارية وبالتالي فإن قانون الإفلاس هو الذي سينظم أوضاع الأفراد أو الشركات عند عجزهم عن سداد الديون ويضع آليات إما لإعادة هيكلة النشاط وتسوية الديون مع الدائنين، أو لتصفية الأصول بطريقة عادلة ومنظمة.
ويرى العبسي أن القانون سيحمي المدين من الانهيار والملاحقات العشوائية كما أنه سيضمن حقوق الدائنين بشكل أكثر عدالة ويعزز ثقة المستثمرين وسيشجع على تمويل المشاريع المختلفة مما يزيد من استقرار النظام المالي ويشجع البنوك على الإقراض بثقة أكبر ويعيد تدوير الأصول المجمدة في مشاريع جديدة بما من شأنه أن يعزز المنافسة بخروج الشركات غير الفعّالة كما أنه على الصعيد الاجتماعي فإنه سيحقق العدالة الاجتماعية ويساهم في تعزيز الثقة بالنظام القضائي.
وأشار إلى أن القانون سيدعم بكل تأكيد رؤية قطر 2030 بتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط والغاز من خلال التشجيع على جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية عبر توفير بيئة أعمال آمنة و يرفع ثقة مؤسسات التصنيف العالمية بقطر ويحسن صورتها كوجهة استثمارية منافسة.

Advertisements