الدوحة - سيف الحموري - بعد عامين كاملين من حرب الإبادة والتجويع والتهجير والقصف الجوي والبري والبحري، ترنو غزة إلى السلام بعد أن حولتها الحرب إلى مدينة أشباح، مدمرة بنيتها التحتية، مشلولة في اقتصادها المنكوب، فارغة من سكانها، ومهددة في تجارتها وصناعتها وبيئتها وصحتها العامة، ما يعني أن قطاع غزة المحاصر، لم يعد موجودا كما كان قبل السابع من أكتوبر عام 2023، وهو تاريخ بدء العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، والذي يدخل اليوم الأربعاء عامه الثالث، وشهدت هذه الفترة أشكال متوعة من الوساطة القطرية ما بين الجهود والاتصالات السياسية والدبلوماسية والإنسانية.
وعلى الرغم من الوحشية والدمار فقد فشلت قوات الاحتلال في تحقيق النصر الحاسم الذي بشر به قادتها، وظلت غزة وشعبها صامدين وصابرين داخل حدود مغلقة برا وجوا وبحرا، ونجح القطاع في إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام الدولي، وأثبتت غزة والقضية الفلسطينية أنها ليست مجرد جغرافيا صغيرة، بل عقدة في قلب الشرق الأوسط لا يمكن تجاوزها.
وانطلاقا من التزامها بالواجب القومي والديني والإنساني، ظلت دولة قطر منذ اندلاع حرب الإبادة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر عام 2023، من أكثر الأطراف نشاطا وفاعلية في جهود الوساطة المختلفة الرامية لتحقيق وقف شامل لإطلاق النار ورفع الحصار وإنهاء المعاناة الإنسانية في قطاع غزة.
وإيمانا منها بأهمية الوساطة والدبلوماسية في معالجة الأزمات، واصلت دولة قطر مساعيها وجهودها المشتركة مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة لإنهاء الحرب ورفع الحصار وفتح المعابر وإدخال الإمدادات الغذائية والطبية والإغاثية لأبناء القطاع، وتنوعت أشكال الوساطة القطرية ما بين الجهود والاتصالات السياسية والدبلوماسية والإنسانية، ونقل المساعدات الطبية، ونجحت الجهود القطرية بالمشاركة مع الجهود المصرية والأمريكية في التوصل إلى هدنتين لوقف إطلاق النار في غزة، جرى خلالهما إطلاق سراح المئات من الأسرى والرهائن المحتجزين من الجانبين، بالإضافة إلى إدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وعلى الرغم من العدوان الإسرائيلي الغادر الذي تعرضت له أراضيها ظلت دولة قطر متمسكة برسالتها الإنسانية كصانعة للسلام وعاصمة للحوار، وواصلت دون كلل مساعيها الرامية لوقف الحرب على قطاع غزة.
ومع انطلاق مفاوضات تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي في شرم الشيخ، تتصاعد آمال أبناء القطاع، بأن تبدأ المدينة المنكوبة رحلتها نحو السلام والأمان والإعمار، في وقت قريب.
وفي ظل هذه الأجواء تقف غزة، تلك الأرض الصغيرة المحاصرة وشعبها على مفترق طرق حاسم، لتكون نموذجا للصمود والسلام، وهي على قناعة بأن درب السلام طويل وشاق ومليء بالعراقيل والتعقيدات، لكنه ليس مستحيلا.