الدوحة - سيف الحموري - اختتم المعهد العالمي للدراسات الاستراتيجية (جِسر) بجامعة حمد بن خليفة اجتماع مائدة مستديرة رفيع المستوى لبحث تداعيات الحرب في أوكرانيا على منطقة الخليج.
وعُقدت المائدة المستديرة التي حملت عنوان "حرب أوكرانيا من منظور خليجي" في مبنى ذو المنارتين بالمدينة التعليمية، وحضرها خبراء وأكاديميين ومراقبين دوليين لتحليل التداخل القوي بين آليات الصراع الدولي والمصالح الخليجية، لا سيما في مجالات الأمن الغذائي وأسواق الطاقة والدبلوماسية الإنسانية. كما حضر الاجتماع سفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية في الدوحة.
وقد أحدثت الحرب في أوكرانيا اضطرابات عالمية غير مسبوقة لها صدى عميق في منطقة الخليج، التي تقف على مفترق طرق بين نقاط الضعف في سلاسل التوريد العالمية والتحولات الجيوسياسية المتغيرة. وباعتبارها من كبار مصدري الطاقة ومستوردي الأغذية، تواجه دول الخليج فرصًا ومخاطر على حد سواء نتيجة لهذه المتغيرات.
كما أن جهود الوساطة الناجحة التي تبذلها دولة قطر في مختلف الأزمات الدولية تضعها في موقع فريد لقيادة عملية تسوية النزاعات، لا سيما في معالجة الأبعاد الإنسانية لانفصال الأسر وحماية المدنيين.
بعد الكلمة الافتتاحية التي ألقاها السفير الدكتور محمد علي الشيحي، المدير التنفيذي للمعهد العالمي للدراسات الاستراتيجية "جِسر"، انتقلت الجلسة إلى مائدة مستديرة بعنوان "دراسة المصالح المشتركة: أوكرانيا والدول العربية". سلطت الجلسة الضوء على الأسس التاريخية والعلاقات الحالية بين أوكرانيا وقطر، مع التركيز على دور قطر كوسيط. كما حللت الجلسة الجهود الدبلوماسية الأخيرة للرئيس فولوديمير زيلينسكي بشأن فلسطين وسوريا والسودان كجسر استراتيجي للتواصل مع الدول العربية ودول الخليج، ورسم خارطة لمجالات التعاون المستقبلي بين أوكرانيا والدول العربية. وتلا ذلك اجتماع مائدة مستديرة آخر حول "الدروس المستفادة من أوكرانيا: الأمن الإقليمي والدولي".
وتعليقًا على وقائع المائدة المستديرة، قال السفير الدكتور محمد علي الشيحي: "يحظى هذا الاجتماع بأهمية خاصة لأنه يعكس دور قطر كلاعب دبلوماسي رئيسي، ملتزم بتعزيز الحوار والحلول السلمية لبعض الأزمات الأكثر تعقيدًا في العالم. وفي سياق الصراع بين روسيا وأوكرانيا، يعزز هذا الاجتماع أيضًا مكانة جامعة حمد بن خليفة كمنصة رائدة للحوار حول السياسات العامة، وداعمة للتحليل المستقل، ومشاركة صانعي السياسات، وتعزيز تنوع الأفكار لمواجهة التحديات العالمية المهمة من منظور عربي ورؤية مستقبلية".
وناقشت مائدة مستديرة أخرى بعنوان "نقاط الضعف الإقليمية: أمن الطاقة في ظل الحرب" التقلبات في أسواق الطاقة العالمية وتداعياتها على منتجي الخليج. كما قامت بتقييم الجغرافيا السياسية للبنية التحتية للطاقة، وبحثت الآثار قصيرة وطويلة الأجل للعقوبات الأساسية والثانوية على النفط والغاز الروسي. كما عُقدت جلسة لاحقة بعنوان "نقاط الضعف الإقليمية: الأمن الغذائي في ظل الحرب"، تم خلالها تقييم تأثير الحرب على أسواق الحبوب العالمية واستراتيجيات استيراد الغذاء في دول الخليج، واستكشاف آليات التعاون الإقليمي للاستجابة للأزمات.
وقد استعرضت المائدة المستديرة فجوة مهمة في الخطاب الإقليمي، حيث ناقشت الصراع الروسي والأوكراني من منظور عربي وخليجي، متجاوزة بذلك التحليلات التي تركز على الغرب. ويعد هذا الاجتماع حول السياسات جزءًا من مهمة المعهد العالمي للدراسات الاستراتيجية الأوسع نطاقًا والمتمثلة في بناء فهم أفضل للعوامل الثقافية والتاريخية والسياسية وغيرها من العوامل الأخرى المحركة للتحديات العالمية، وتعزيز النقاش المتعمق والبحوث الاستراتيجية التي توجه عملية صنع السياسات في دولة قطر والمنطقة والعالم.
