الارشيف / حال قطر

«صيام العصفورة».. تحفيز يتطلب الرقابة

  • 1/2
  • 2/2

الدوحة - سيف الحموري -  ما هو السن المناسب لتعويد الأطفال على الصيام؟ وكيف نوازن بين ترقية نفوسهم وسلامة أجسامهم؟ وما نوع الخطورة التي قد تصيبهم؟
في حين تلجأ بعض الأسر في شهر رمضان المبارك إلى «ترغيب» أطفالها على فضيلة الصيام، بتعويدهم على ما يعرف بـ «صيام العصفورة».. حيث التوقف عن تناول الطعام والشراب من الفجر وحتى آذان الظهر طيلة أيام الشهر الفضيل، يبادر بعض الأطفال أنفسهم للمبادرة وبدء الصيام مدفوعين بالرغبة في تقليد الكبار في محيطهم الأسري والاجتماعي، أو رغبة في الحصول على «مكافأة» الأهل الذين يغرونهم بها من أجل الصيام أحياناً دون اعتبار لصحة الطفل الذي قد يواجه صراعاً بين «الإحساس بالمسؤولية» و»الإحساس بالجوع والعطش».

جانب روحاني 

الأم (أم خالد) تحرص على تعزيز الجانب الديني والروحاني لدى طفلها البالغ 7 سنوات، بتعويده على تجربة الصيام، لكي يعرف معاني الشهر الفضيل. تقول أم خالد ان الصيام يعمل على إضفاء البهجة في نفوس الاطفال الصغار، ووسيلة لشرح حكمة الصيام ومعانيه الايمانية والسلوكية وفوائده الصحية، على ألا يتم إجبارهم على الصيام من باب التباهي امام الاخرين، لافتة الى ضرورة مراعاة قدرة الطفل على تحمل ساعات الصيام.
ووافقتها الرأي في هذا الإطار «أم ناصر»، مبينة ضرورة تهيئة الأطفال للصيام في سن مبكرة، ليصبح الصيام قيمة مترسخة لديهم ولزرع بذرة محبة هذا الشهر الكريم في نفوسهم، وأكدت انها تحرص على تعويد أطفالها على الصيام ومعرفة أركان دينهم لكي يتدرّجوا ويتعوّدوا على أداء التكاليف الدينية في سن مبكرة، وصولاً إلى الصيام الكامل، حتى لا يشعر الطفل بالتعب والإرهاق حين سن البلوغ.

دعوة للصيام

ويرى المستشار التربوي والأسري الشيخ الدكتور أحمد الفرجابي، ان تربية الابناء على القيام بواجباتهم في العبادات، مسؤولية امام الله، كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم- في قوله: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته»، لهذا يجب أن يتم تشجيع الاطفال على الصيام وتعويدهم عليه كما درج عليه الصحابة الكرام، كما قال الربيع، رضى الله عنه، في صيام عاشوراء: «فكنا نصومه ونصوم صبياننا فإذا بكى الطفل من الجوع اعطى اللعبة من العهن يتلهى بها ويتشاغل»، ومن هنا فنحن ندعو الآباء والامهات إلى تعويد أبنائهم على الصيام.

سن الإطاقة

وأضاف د. الفرجابي: أصبح الناس في صيام الاطفال بين الإفراط والتفريط، فهناك من يكلف الصغار بصيام يوم كامل وقد لا يحتمله، وهناك من يمنع من بلغوا من الصيام بحجة أنهم صغار والعمر الذي يجب أن يبدأ الوالدان بتعليم أولادهما الصيام فيه هو سن الإطاقة للصيام، وهو يختلف باختلاف بُنية الولد، وحدَّده بعض العلماء بسن الـ (10) سنوات، فلو أن الأم أعدت لأطفالها طعاما وشرابا عند العاشرة صباحاً ثم تطالبهم بأن يتموا اليوم ويشاركوا في مراسيم الإفطار وهكذا كل طفل بحسب قدرته على الصيام وطاقته له، أما إذا بلغ فيجب عليه الصيام.
وأشار إلى أن كثيرا من الآباء والأمهات يتساءلون عن الوسائل التي يمكن من خلالها تعويد أبنائهم على الصيام، ولعل من أهمها تحديثهم بفضائل الصيام، وأنَّه سبب مهم من أسباب دخول الجنة، وأنَّ في الجنة باباً يُسمَّى «الريَّان» يدخل منه الصائمون، إلى جانب صيام بعض النهار، على أن تُزاد المدة شيئاً فشيئا، والتدريب على الصيام مطلوب لأنه عبادة كالصلاة ومن هنا فنحن ندعو الجميع إلى تدريب أبنائهم على العبادات والطاعات لأن ذلك مما يسهل عليهم أداءها عندما يكلفون بها شرعاً.

إجهاد الطفل

من جانبهم، يرى الأطباء عدم السماح للطفل الذي يقل عمره عن عشرة أعوام تقريباً بصيام شهر رمضان كاملاً، فالهدف من السماح للأطفال بالصيام هو التدرج معهم ليعتادوا على أداء الفروض والقيام بالعبادات وليس إسقاط الفريضة، خصوصاً عند الحديث عن أطفال السادسة والسابعة.
فالأطفال في مثل العمر قد لا يجدون في أنفسهم القدرة على القيام بصيام شهر رمضان كاملا، إلا أنهم يصرون على استكمال الصيام حتى لا يكونوا من المفطرين، لذا لا بد من توجيههم بشكل سليم والسماح لهم بصيام بعض أيام الشهر.. مؤكدين ضرورة عدم السماح للطفل بصيام الأيام التي لم يتناول فيها السحور؛ لأن ذلك سيزيد من طول الفترة الزمنية التي يمتنع الطفل خلالها عن الطعام والشراب لتصل في بعض الحالات إلى نحو عشرين ساعة، مما يتسبب بإجهاد الطفل وتأثر صحته بسبب تعريضه للجفاف أو نقص حاد في مستوى السكر.

التدرج والمكافأة

ويؤكد الدكتور زهير العربي أخصائي التغذية العلاجية، أهمية أن يقوم الأهل بتدريب الطفل منذ سن السابعة على الصوم لساعات قليلة في النهار، تزداد كل عام، حسب عمره، مشيرا الى ان التدرج طريقة عملية جيدة خاصة إذا كانت متزامنة مع عادات غذائية صحية.
وأشار إلى أن الصيام ليس له أي مخاطر صحية على الأطفال في سن العاشرة من العمر، لكن بعض الأطفال قد يعانون نقصاً مفاجئاً في سكر الدم، وهو ما يستدعي إفطارهم فوراً، مؤكداً ضرورة أن يتم مراعاة جميع أنواع المكونات الغذائية في الهرم الغذائي التي يحتاج إليها الطفل.
وقال إن هناك عدة نصائح غذائية للأطفال في رمضان كفيلة بضمان صحة الطفل في هذا الشهر وعدم تأثره بالصيام لساعات قد يفقد فيها حيويته، بالإضافة إلى إمداد جسمه بالطاقة وبجميع المواد الغذائية اللازمة لنموّه، مشدداً على ضرورة عدم قيام الأطفال أثناء صيامهم بأي مجهود عضلي كي لا يشعروا بالتعب المفاجئ.
وأوضح أنه يفضل أن يبدأ الطفل الإفطار بتناول السوائل، مثل عصير الفواكه الطبيعية أو تناول الشوربة الساخنة ما يهيئ معدة الطفل لتناول الطعام، كما يجب أن تراعي الأم أن يحتوي إفطار طفلها على جميع أنواع المكونات الغذائية، بحيث يفضل أن يحتوي إفطار الطفل على طبق من السلطة الخضراء مع أحد أنواع الخضراوات إضافة إلى أحد أنواع النشويات، مثل المعكرونة أو الأرز.

الحكمة والتشويق

من الناحية الشرعية، يقول فضيلة الشيخ الدكتور محيي الدين القره داغي، انه يجب على الآباء والأمهات أن يحثوا أبناءهم الصغار على إقامة الصلاة واداء الصيام، ولكن بالنسبة للصيام، فإن علماءنا قالوا إن كان يتأذى به الطفل فلا يجوز إجبارهم عليه.. وإنما إخبارهم بأن الصيام ليس واجباً عليهم وإنما عليهم احترام فريضة الصيام والتحلي بالاداب الأساسية بعدم تناول الطعام والشراب أمام الكبار.. 
وأضاف الشيخ د. القره داغي في تصريحات خاصة: ان بعض الآباء يقيسون الصيام على الصلاة، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي الشريف: «مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ».
ولا قياس في العبادات، وهنالك فرق بين الصيام والصلاة لأن الصلاة عبادة بدنية دائمة تبدأ منذ سن السابعة أما الصيام ففيها مشقة بترك الطعام والشراب حتى ان المكلف يعفى من ادائها اذا وجد مشقة المرض او مشقة السفر.. وما بالك بالطفل الصغير.. ولكن من الأفضل قيام ولي أمرهم بحثهم وتشجيعهم على الصيام وتدربيهم عليه ولكن برفق ولين وحكمة وتشويق ودون إدخالهم في حرج ومشقة ونفرة.

Advertisements

قد تقرأ أيضا