الدوحة - سيف الحموري - تبقى ذكريات الدراسة من بين اللحظات المحفورة بتفاصيلها في ذاكرتنا، ذكريات وقصص أبطالها معلمون تركوا أثراً إيجابياً أو بصمة في حياتنا.. أو غرسوا قيمة أو فتحوا أفقاً للإبداع.
وفيما يتجاوز تأثير المعلم حدود الصفوف الدراسية وجدران المدرسة إلى المجتمع بأسره، نستذكر في اليوم العالمي للمعلمين الذي يوافق الخامس من أكتوبر سنوياً، كلمة سعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي وزير التربية والتعليم والتعليم العالي السابق، في معرض حديثها عن أثر المعلم وتأثيره على طلابه: «لدى كل منا قصص لمواقف إنسانية محفورة بداخله، بطلها معلم لا ينسى، فتجربة التعلم حين تروى لا تكتمل إلا بقصص لمعلمين، ألهمونا ومنحونا الرعاية والاهتمام بكل محبة، وغرسوا بداخلنا دون أن نشعر، شغف التعلم مدى الحياة، فاحتفالنا اليوم بمعلمين أفنوا أعمارهم في خدمة التعليم».
وفي هذا السياق يستذكر ضيوفنا معلميهم المفضلين وأحداثاً عايشوها في مراحل مختلفة من مسيرتهم الدراسية مرّت وطويت صفحاتها، لكنها بقيت محفورة في ذاكرتهم بما فيها من بطولات ومفارقات تختلط ما بين الطفولة البريئة والمراهقة الجادة، أوقات جد واجتهاد، فرح ومرح، وربما غضب ومشاكسات، ولكنها تبعث على البهجة بتفاصيلها التي استعصت على النسيان، مؤكدين أن ذكريات المدرسة من أجمل وأمتع اللحظات التي تمرّ على الإنسان والتي «تعيش طويلاً» بما فيها ذكرى المعلمين الذين تركوا أثراً في حياتهم.
عبدالرحمن الخليفي: عبارة عفوية صنعت هيبة المعلم وصنعت أجيال الزمن الجميل
يستذكر سعادة السيد عبدالرحمن بن يوسف الخليفي، عضو مجلس الشورى، أيام المرحلة الدراسية عندما كان والده في المرحلة الابتدائية يخاطب معلم المدرسة، بعبارة عفوية صنعت هيبة المعلم: لكم اللحمُ ولنا العظم. كان يرددها وكأنه يقدم ابنه عربون شراكة في التربية أو عربون صداقة بينه وبين معلمه المربي الفاضل الاستاذ «العباسي» من فلسطين، والذي كان يتولى تدريس مادة الرياضيات في مدرسة عمر بن الخطاب. ويؤكد الخليفي أن «العباسي» كان يتولى تعليمهم قواعد الرياضيات داخل المدرسة وخارجها ايضا، وذلك على سبيل التقوية وتعزيز التحصيل الدراسي من دون مقابل، وكانت العبارة الآنفة تعني أن يتقاسم الوالد والمعلم، كل على طريقته، تربية وتعليم الابن «عبدالرحمن»، والذي لا يجد حينها مفراً من الإقبال على التحصيل والمثابرة، واكتساب السلوك التربوي السوي، وهو يعلم يقيناً أن والده الحريص على مصلحته، قد وضع «لحمه وشحمه» في عهدة المدرسة وتحت تصرف المعلمين الأمناء، لإنزال العقاب المناسب، إذا لزم الأمر.
ويؤكد الخليفي أن هذه الكلمات كان آباؤنا يرددونها على أساتذتنا وهي من صنعت هيبة للمعلم داخل الفصل وخارجه، وصنعت أجيال الزمن الجميل.
د. محمد خليفة الكبيسي: لا أنسى فضل معلميّ محمد المالكي ومحمد العمادي
قال الدكتور محمد خليفة الكبيسي، مدرب ومستشار في التنمية البشرية والادارية وداعم ومؤسس للعديد من المبادرات المجتمعية، إنه لا ينسى فضل معلمه الأستاذ محمد المالكي، مدرس مادة العلوم في الصف الرابع الابتدائي في مدرسة مصعب بن عمير الابتدائية للبنين. «كان معلما مربيا وأبا حنونا عطوفا». وأضف إليه الاستاذ القدير محمد علي مندني العمادي، استاذ الاجتماعيات في صف أول إعدادي في مدرسة الأحنف بن قيس الاعدادية، لن أنسى فضله في تعليمي وغرس حب التعلم في نفسي وفي دعمي يوم أسست جماعة الانشطة المدرسية التي اشرفت على ونفذت كثيرا من انشطة المدرسة آنذاك.
الإعلامي خليفة الرميحي: أتذكر صرامة معلم الرياضيات.. وقسوته كانت «في مصلحتنا»
يستذكر الإعلامي خليفة الرميحي، أحد أساتذته الذين تركوا أثراً إيجابياً في مسيرته التعليمية، في مدرسة خليفة الابتدائية للبنين، وهو الأستاذ «خليفة بن متعب الرميحي» معلم مادة الرياضيات والذي شغل فيما بعد عضوية مجلس الشورى وتوفي – رحمه الله – في عام 2014، عن عمر ناهز 67 عاماً، وكان أحد المعلمين الذين ينتهجون «الصرامة» والقسوة أحياناً في تعليم الطلاب، لكنها القسوة التي تصب في مصلحة الطلاب جميعا من خلال غرس الالتزام في نفوسهم وإكسابهم العلم وإعداد جيل لديه ثقافة، وأكد الرميحي أن المعلم في ذلك الوقت كان ذا هيبة، يدخل فينقطع الكلام، ويقف له الجميع باحترام.
وأضاف الرميحي: «لكم اللحم ولنا العظم»، هكذا كان آباؤنا يخاطبون أساتذتنا في المدرسة، بغية الحفاظ على مستوى أكاديمي مشرف للطلاب، حيث يضعون هيبة للمعلم واحترامه وتوقيره في رأس سلم العملية التعليمية، داخل الفصل وخارجه.
وختم بالقول: ربما كانت هذه العبارة التحفيزية التي يرددها العديد من الآباء، في كل زيارة للمدرسة، هي ما صنعت الأبناء، من وجهة نظر الإعلامي خليفة الرميحي، والتي أوجدت الدور الحقيقي للمدرسة والبيت في تكامل كبير، لا يرتب له ولا يحدد له مجلس للآباء أو الأمهات.
عبدالرحمن اليافعي: كل معلم أنار لي شعلة أنارت طريقي في الحياة
قال السيد عبدالرحمن اليافعي: أتذكر بكل محبة وتقدير كثيراً من المعلمين الذين تشرفت أن تتلمذت على يدهم منذ المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية العامة، وكل واحد منهم أنار لي شعلة أنارت طريقي في الحياة، ولهم فضل عظيم بعد الله عز وجل فيما وصلت إليه الآن. أتذكر منهم:
- أستاذ غسان مشتهى مدرس اللغة الإنجليزية.
- أستاذ أيوب مدرس الأحياء.
- أستاذ محمد أبو حرب مدرس الفيزياء.
- أستاذ عبد المعتمد مدرس التربية الإسلامية.
- أستاذ محمد سمير مدرس الرياضيات.
- أستاذ صبري مدرس الكيمياء.
- أستاذ محمد عبده مدرس الاجتماعيات.
- أستاذ جمال مدرس العلوم.
- أستاذ علي غسان مدرس اللغة الإنجليزية. رحم الله من رحل منهم، وأطال في عمر الحي وبارك فيه.
المهندس خليفة إبراهيم: أستذكر معلم الفيزياء في «عمر بن الخطاب»
يستذكر المهندس خليفة إبراهيم تيمور مرحلة الدراسة الثانوية التي أتمها في مدرسة عمر بن الخطاب العلمية، الكائنة في منطقة بن عمران، قبل 15 عاماً، مستذكراً بشكل خاص سيرة معلم مادة الفيزياء، الأستاذ الراحل جمال حماد، مستعيداً بعض الأحداث والمواقف التي لا تنسى في مدرسة عمر بن الخطاب والتي حينما يستذكرها المرء يبتسم، وكأنه يعاود الرجوع إلى كل ما في تلك المرحلة التأسيسية الهامة، من براءة وطفولة جميلة، تبعث على البهجة بتفاصيلها.
وأوضح أن الأستاذ جمال حماد – رحمه الله - كان أحد المشرفين على رحلة مدرسية خارجية لاكتساب اللغة (رحلة لغة) إلى المملكة المتحدة حيث استطاع أن يكسب محبة طلابه بقربه منهم ومساعدتهم وتوجيهه لهم سواء كان ذلك أثناء الرحلات المدرسية أو أثناء أيام الدراسة العادية.
وأكد المهندس تيمور أن دور المعلّم لا يقتصر على تربية الأجيال وصناعة العقول من الناحية التعليمية فقط، وإنما يتميز دوره بتربيتهم على حب المادة التي يدرسها وحب المشاركة واحترام الآخرين وغرس القيم الأخلاقية في نفوسهم، مشيرا إلى أن للأساتذة والمعلمين دورا محوريا في بناء شخصية الطلاب وتوجهاتهم، وأكد أنه يستذكر إلى جانب معلم الفيزياء، الأستاذ عماد أبو يوسف، والذي يتذكر على وجه الخصوص تميز أسلوبه التدريسي وقدرته على تبسيط المادة لطلابه، مؤكدا أنه كان يتمتع بصفات شخصية مميزة يستطيع بواسطتها تفهم مشاعر طلابه وإحداث تغييرات إيجابية في سلوكهم وطرق تفكيرهم.