أكاديميون وخبراء لـ «العرب»: التعليم قيمة إنسانية ورسالة أخلاقية.. والأعباء جزء من المهنة

الدوحة - سيف الحموري - أكد عدد من الأكاديميين والخبراء المختصين أن احتفال دولة قطر باليوم العالمي للمعلمين هو احتفاء بمهنة التعليم والمعلم تقديرا لدوره في تنشئة وتعليم الأجيال لما يبذله من جهد وعمل مضنٍ وشاق، وحرصا على أن يتبوأ المعلم مكانته التي تليق به في المجتمع. 
وأوضحوا لـ «العرب» أن العلم هو الذي يغرس كل يوم قيمة تربوية أو مبدأ أخلاقيا في نفوس الأبناء، مما يجعلهم بمنزلة الآباء، كونهم مؤتمنين عليهم تعليمياً وتربوياً إلى جانب رصدهم لتقدم الطلاب من الناحية الأكاديمية والأخلاقية والسلوكية وتعزيز التواصل مع أسرهم، بما يضمن غرس القيم الأصيلة في نفوسهم.
وأشاروا إلى أن طبيعة هذه المهنة تحمل أعباء كبيرة وأن من يقبل عليها يدرك طبيعة هذه الأعباء، منوهين بدور وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في دعم البيئة التعليمية وتخفيف الأعباء الإدارية عن المعلمين – قدر الإمكان – سواء من خلال تقليل عدد اللجان المدرسية خلال العام الأكاديمي 2025-2026، ما يسمح للمعلمين بالتركيز بشكل أكبر على العملية التعليمية، أو من خلال التحضير الجماعي بين المعلمين لتوفير الوقت والجهد وتوحيد الرؤى في وضع الخطط التعليمية، إلى جانب توظيف وسائل التواصل الإلكتروني في إنجاز مهام اللجان وإرسال القرارات والتوصيات، مما يسهم في تسريع الإجراءات وضمان فعالية العمل.

Advertisements

د. لطيفة النعيمي: المعلم.. حارس القيم في المجتمع

أكدت الدكتورة لطيفة النعيمي الأستاذة الجامعية، أن المعلم هو حارس المجتمع في توجيه الطلاب وغرس القيم المجتمعية في نفوسهم، مبينة أنه العنصر الأساسي في منظومة التعليم، مما يحتم على المعلمين أن يكونوا بمنزلة الآباء للطلاب، كونهم مؤتمنين عليهم تعليمياً وتربوياً، إلى جانب رصدهم لتقدم الطلاب من الناحية الأكاديمية والأخلاقية والسلوكية وتعزيز التواصل مع أسرهم، بما يضمن غرس القيم الأاصيلة في نفوسهم.
وأشارت إلى أهمية رؤية «قطر 2030» في بناء نظام تعليمي يواكب المعايير العالمية العصرية، ويوازي أفضل النظم التعليمية في العالم، وتحقيق هذه الرؤية في اعتقادي يتطلب جيلاً من المعلمين قادراً على الإسهام بفعالية، في التطوير النوعي لأدوات التحصيل المعرفي لدى الطلاب في جميع المراحل. 
ونوهت بضرورة الارتقاء بالبيئة المدرسية، حتى تصبح مكاناً محفزاً لكل من المعلم والطالب، فهذا المحور غاية في الأهمية، وربما يتطلب جهوداً فكرية وعقلية وتعليمية بصورة تتماشى مع العصر التكنولوجي. خصوصاً أن طلابنا اليوم أصبحوا أكثر انفتاحاً على العالم الخارجي في كيفية الحصول على معلوماتهم ونمط ثقافتهم، كونهم يمتلكون العديد من الطاقات والمهارات المتعددة، التي تتطلب إدارة وفناً، وتوجيه المعلمين في مسار العملية التربوية وخلق البيئة العلمية التي تنشط الجوانب الإبداعية لديهم. 
وإلى جانب التأكيد على ما تحمله مهنة التعليم من مسؤوليات وأعباء مهنية كبيرة، نوهت الدكتورة النعيمي بضرورة إلمام المعلمين والمعلمات باستراتيجيات التدريس وطرائقه الحديثة، حتى تلبي مخرجاتنا التعليمية متطلبات التنمية المستدامة في عالم تتجدد فيه المعارف، وتتغير فيه المهارات بمعدلات متسارعة، تتسابق فيما بينها بصورة مدهشة للغاية. 
وأوضحت أن التقدم في التعليم يتوقف إلى حد كبير على مؤهلات القائمين بالتدريس، وعلى قدراتهم ومهاراتهم، وعلى الصفات الإنسانية والقيادية والتربوية والمهنية لكل فرد منهم، مما يحتم على المعلمين مواكبة هذه المتغيرات لتلبية متطلبات العصر المهنية سريعة التغير، رغم أن التعليم عملية متعددة الأبعاد، تشمل الطالب والمحتوى التعليمي والقيادة المدرسية، جنباً إلى جنب مع فاعلية طرائق التقييم وأدواته.

خالد اليافعي خبير التنمية البشرية: رسالة أكثر منه وظيفة

أكد الأستاذ خالد صالح اليافعي، خبير التنمية البشرية، أن التعليم رسالة أكثر منه وظيفة.. منوهاً بحرص الدولة على تعزيز مكانة المعلمين في المجتمع لدورهم في مسيرة التنمية المستدامة وصناعة الأجيال.
وأشار اليافعي إلى أن قرار السماح للموظفات الأمهات بالانصراف قبل موعد انتهاء الدوام الرسمي بساعتين خلال إجازة منتصف العام الأكاديمي، واختبارات منتصف الفصلين الدراسيين الأول والثاني، واختبارات منتصف العام ونهاية العام الأكاديمي، يساهم في تحسين التوازن بين العمل والحياة العائلية من خلال تخفيف ساعات العمل للموظفات الأمهات القطريات، منوهاً بتحديد الوظائف المناسبة التي تتلاءم مع نظام الدوام الجزئي بما يضمن إنجاز المهام بكفاءة وسهولة والحفاظ على مستوى الإنتاجية الذي يترافق مع جودة الأداء.
وأشار إلى أن تدريب وتأهيل المعلمين يساهم في تحسين مخرجات العملية التعليمية أثره على العملية التعليمية.

يوسف سلطان: من يلتحق بالمهنة يدرك المسؤوليات والمهام 

قال السيد يوسف سلطان، خبير تربوي، إن التعليم كمهنة تحمل في طياتها العديد من الأعباء والكثير من المسؤوليات، مبيناً أن من يقبل على هذه المهمة يدرك حجم المسؤولية والأعباء المهنية الملقاة على عاتق المعلمين، سواء في قطر أو خارجها، منوها بضرورة ألا تؤثر هذه المهام الملقاة على عاتق المعلمين بشكل مباشر أو غير مباشر على أداء مهمتهم الرئيسية وهي التدريس، لا سيما مع طول العام الدراسي، الذي يبدأ من بداية شهر سبتمبر ويمتد إلى آخر شهر يونيو من السنة التالية بالإضافة إلى قصر الإجازة السنوية للمعلمين إذا ما قورنت بإجازات غيرهم من موظفي الدولة، مؤكدا أن تلك التحديات ربما تؤثر على حياة المعلمين العائلية وتربية الأبناء والاهتمام بالأسرة، لكن التعليم هو رسالة قبل أن يكون هواية.
وأشار إلى ضرورة إبراز أهمية دور المعلم في المجتمع من خلال وسائل الإعلام المختلفة وتكريمه بشكل مستمر في نهاية كل عام.
ونوه بقرار تخفيف ساعات العمل للموظفات الأمهات القطريات وأمهات الأبناء القطريين في الجهات الحكومية، بما فيها المدارس، بما يساهم في تعزيز التوازن بين العمل والحياة الأسرية.
وأشار إلى ضرورة تدريب وتأهيل المعلمين بما ينعكس أثره على العملية التعليمية وعلى الطلبة، وأهمية تعزيز الهوية الوطنية وغرس القيم الإسلامية في نفوسهم، وعدم السماح للمناهج الخارجية بالتأثير على النشء، مطالباً بضرورة توسيع الدور الرقابي للوزارة في هذا الجانب وعدم الاكتفاء بالإشراف. 
وأكد أن استقطاب العناصر الوطنية في التعليم يساهم في غرس الهوية الوطنية في نفوس الأطفال وتربيتهم على القيم التي تتصل بالعادات والتقاليد والتي ترتبط بالبنية التربوية، مؤكداً أن هذه المهمة ربما يكون العنصر المواطن هو الأقدر على القيام بها، وأكد أن اهتمام وزارة التربية والتعليم بهذه التحديات التي تواجه المعلم القطري من شأنه أن يرفع نسبة المواطنين في هذه القطاع ويساهم في نجاح استراتيجية الدولة في تعزيز التقطير في مختلف القطاعات، خاصة في ظل العدد الكبير من الخريجين سنوياً من الجامعات الباحثين عن فرص عمل وفي ظل العديد من الوظائف التي توفرها المدارس الحكومية.
وثمن دور مركز التدريب والتطوير التربوي -التابع لوزارة التربية والتعليم- على تنفيذ خطة التدريب التي تركز على إكساب المعلمين والإداريين الجدد مجموعة من المعلومات والمهارات اللازمة لهم، وتوعيتهم بالمواضيع التي تخص عملهم قبل الانضمام رسميا والبدء في ممارسة مهامهم لتسهيل عملية اندماجهم في البيئة المدرسية بالدولة.

تعزيز مكانة المعلم.. رؤية وطنية 

أولى مجلس الشورى اهتمامًا بالغًا بجميع القضايا المتعلقة بالتعليم، بما فيها تعزيز مكانة المعلم نظرًا لارتباطها المباشر ببناء الأجيال ومستقبل الوطن، حيث طرح العديد من التوصيات لدعم دور المعلم في غرس الهوية الوطنية ودعم المنظومة التعليمية بما يعزز من هويتها ويصون خصوصيتها الثقافية، تضمنت استحداث وظائف متخصصة بشؤون الهوية الوطنية والثقافة المجتمعية، تتولى مراقبة مدى التزام المدارس الخاصة بالمناهج التعليمية المعتمدة، ومتابعة السلوكيات المخالفة للقيم الوطنية الصادرة عن المعلمين أو الإدارات المدرسية. 
كما تضمّنت استحداث برنامج تثقيفي إلزامي مخصص للمعلمين المستقطبين في جميع التخصصات، يتناول القيم والهوية الوطنية القطرية، ويعد اجتيازه شرطًا أساسيًا للعمل في المدارس الخاصة
وشملت التوصيات كذلك تعديل العقود المبرمة في المدارس الخاصة، بما يضمن التزام المعلمين غير القطريين بالقيم الوطنية، إلى جانب توفير آليات رقابية فعالة تتابع مدى الالتزام بتلك البنود. كما دعا الاقتراح إلى ضرورة التركيز، عند إجراء مقابلات التوظيف في المدارس الخاصة، على المعايير الثقافية والقيمية للمعلمين المستقطبين، بحيث لا تقتصر الإجراءات على التحقق من الوثائق الرسمية فقط، بل تمتد إلى التأكد من توافق المعلمين مع المعايير السلوكية والمهنية المرتبطة بمهنة التعليم في الدولة.
كما نوه المجلس بضرورة إبراز أهمية دور المُعلم في المُجتمع من خلال وسائل الإعلام المُختلفة وتكريمه بشكل مُستمر في الاحتفالات والمُناسبات التربوية. بجانب ذلك، فقد تطرقَ اقتراح آخر إلى تعديل الوصف الوظيفي للمُعلم، عبر تحديد مسار وتدرج مهني، وإشراك إدارة التوجيه التربوي مع إدارة المدرسة في عملية التقييم بنسبة معينة لكل منهما، وعدم ربط تقييم الأداء للمُعلم بالرخصة المهنية، ونظرًا لاختلاف العمل في القطاعات العامة الأخرى عن العمل في المدارس، حيث يمكن للموظف الحكومي استخدام رصيد إجازته في أي وقت، فقد تضمن الاقتراح برغبة ضرورة تعديل إجازات المُعلم بما يُحقق له مرونة أكبر.
كما ناقش المجلس في العديد من الجلسات الجهود التي بذلتها الدولة فيما يتعلق بالاهتمام بالمُعلم سواء من خلال الكادر الوظيفي أو الامتيازات المالية التي تم منحها له.