الدوحة - سيف الحموري - احتفت دولة قطر، ممثلة بوزارة الثقافة، باليوم العالمي للتراث الثقافي غير المادي لعام 2025، وذلك بالتعاون مع اللجنة الوطنية القطرية للثقافة والعلوم، ومكتب اليونسكو الإقليمي في الدوحة، بإقامة مجموعة من الفعاليات، وذلك بحضور سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني، وزير الثقافة، وسعادة السيدة لولوة بنت راشد بن محمد الخاطر، وزير التربية والتعليم والتعليم العالي.
وتعكس الفعاليات التي أقيمت بالدوحة التزام الدولة الراسخ بصون وحماية تراثها غير المادي، وسط إقبال من المهتمين والباحثين والأكاديميين والطلاب.
وقام وزيرا الثقافة والتربية والتعليم بافتتاح معرض صور التراث، الذي جسد بعمق وجمالية عناصر التراث الثقافي غير المادي في قطر عبر مجموعة مختارة من الصور الفوتوغرافية التي وثقت الحرف التقليدية وفنون الأداء والمناسبات الاجتماعية.
كما تمت إقامة معرض فني خاص لطلاب المدارس، نظم بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، ضم أعمالا فنية مستوحاة من التراث القطري غير المادي، أبرزت وعي الجيل الجديد بأهمية تراثهم وإبداعهم في التعبير عنه بأساليب عصرية.
وجاء المعرض بمشاركة أكاديمية إعداد القادة عضو مؤسسة قطر، ومدارس عدة مثل، مدرسة قطر الابتدائية بنات، ومدرسة قطر الثانوية، ومدرسة أم هانئ الابتدائية للبنات التي شاركت بفقرة "بنت قطر"، ومدرسة فولتير القطرية الفرنسية.
وسلطت سعادة الشيخة نجلة بنت فيصل آل ثاني، مدير إدارة التراث والهوية بوزارة الثقافة، في كلمتها الضوء على الأهمية البالغة للتراث الثقافي غير المادي كونه الهوية الحية للأمم وذاكرة الأجيال.
وأكدت أن احتفال هذا العام يمثل فرصة لتجديد الالتزام الوطني والدولي بحماية هذا الإرث الثمين وضمان انتقاله للأجيال القادمة، مشيرة إلى أن التراث غير المادي هو عامل أساسي في تعزيز التنوع الثقافي والتفاهم المتبادل.
وأوضحت أن دولة قطر أولت اهتماما كبيرا لصون تراثها الثقافي غير المادي باعتباره ركيزة للهوية الوطنية ومرآة لروح المجتمع القطري، منوهة إلى أن الوزارة نفذت مشروعات لحصر وتوثيق عناصر التراث القطري، بالتعاون مع المؤسسات الوطنية والمجتمع المحلي، بما يشمل الفنون الشعبية، والحرف التقليدية، والأدب.
كما أكدت حرص الوزارة على دعم الحرفيين والفنانين الشعبيين عبر المهرجانات والورش التدريبية التي تسهم في نقل المهارات بين الأجيال وتطويرها بما يخدم الاقتصاد الثقافي الوطني.
وعلى الصعيد الدولي، أشارت الشيخة نجلة إلى أن دولة قطر شاركت بفعالية في جهود منظمة اليونسكو وسجلت عددا من عناصر تراثها مثل: الصقارة، والمجالس، والقهوة العربية، والنخلة، والحناء، بالشراكة مع الدول الخليجية والعربية، تأكيدا على وحدة التراث وتشابك جذوره في المنطقة.
وشددت على أن صون التراث الثقافي غير المادي مسؤولية مشتركة تسهم في ترسيخ الهوية الوطنية وتقدير مكانة الدولة على الساحة الثقافية العالمية.
واختتمت مدير إدارة التراث والهوية كلمتها بتأكيد التزام الوزارة الدائم بحماية التراث القطري بكل مكوناته، ونقله للأجيال القادمة بصورة متجددة تواكب العصر وتحافظ على الأصالة.
من جانبه، قال الدكتور خالد راشد البلوشي، الخبير الثقافي الأول في اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية "قنا": يأتي الاحتفاء بهذا اليوم لدى منظمة اليونسكو، ترسيخا لاتفاقية 2003 المعنية بالتراث الثقافي غير المادي، والتي وقعت في المؤتمر العام لليونسكو، ودخلت حيز التنفيذ في عام 2006، وصادقت عليها دولة قطر في عام 2008، حيث إن هذه الاتفاقية مهمة جدا في الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي ونقله عبر الأجيال وصونه.
ولفت البلوشي إلى وجود قائمتين الأولى للتراث غير المادي للإنسانية، والثانية للتراث الثقافي الذي يحتاج إلى صون عاجل في بعض الدول، مؤكدا استمرار الجهود المبذولة بموجب اتفاقية 2003 للحفاظ على هذا التراث وحمايته.
وأكد البلوشي أن اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم، تعد حلقة الوصل بين المنظمات الدولية والإقليمية والجهات ذات الصلة بالدولة، لاسيما في الجانب الثقافي، حيث إن اللجنة تعنى بتوحيد الجهود الوطنية في هذا الجانب.
وأشار إلى الشراكة الوثيقة مع وزارة الثقافة في تسجيل العديد من مفردات التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو، ومن أبرزها ملف الصقارة والقهوة العربية والحناء.
ونوه في هذا الصدد إلى أن دولة قطر تتولى حاليا قيادة ملفات عربية هامة مثل ملف البشت والسمبوك (المراكب الشراعية)، مع استمرار الجهود لإعداد ملفات إضافية للتسجيل.
من جهته، قال السيد صلاح الدين زكي خالد ممثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" لدول الخليج العربية واليمن ومدير مكتب اليونسكو في الدوحة في كلمة له: إن الاحتفال بهذا اليوم هو تكريم مستحق للتقاليد، التعبيرات، والممارسات الحية التي تشكل هويتنا المجتمعية وتربط أجيالنا ببعضها، مشيرا إلى أن هذه العناصر الثقافية القيمة تواجه تحديات متزايدة اليوم بسبب التوسع الحضري المتسارع وضعف انتقال التراث بين الأجيال.
وأكد أن دولة قطر تشارك بقوة في هذا الاحتفال، ممثلة بوزارة الثقافة واللجنة الوطنية القطرية للثقافة والعلوم، من خلال سلسلة من الفعاليات في مبنى الأمم المتحدة بالدوحة، بالتعاون مع شركاء مهمين كـ"مجموعة الفن والأزياء والدبلوماسية الثقافية" وكلية التربية بجامعة قطر.
وأوضح أن مبنى الأمم المتحدة يستضيف، حتى 23 أكتوبر الجاري، النسخة الرابعة من معرض الفن والأزياء والدبلوماسية الثقافية، الذي يضم 22 مشاركا يعرضون أكثر من 120 عملا فنيا، بالإضافة إلى صور مختارة من وزارة الثقافة وركن خاص لمنتجات إبداعية أنتجها طلاب قسم التربية الفنية بجامعة قطر، حيث يعيدون صياغة وتشكيل التراث القطري بأشكال معاصرة.
وتابع بالقول إن مسؤوليتنا المشتركة تكمن في حماية التراث الثقافي الحي، وتعزيزه، ونقله للأجيال القادمة، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة، معتبرا هذا الجهد مساهمة حاسمة في بناء عالم أكثر تسامحا وتنوعا ثقافيا.
وأعرب عن أمله في أن يستمر هذا العمل البناء في دولة قطر التي رسخت مكانتها كفاعل دولي رئيسي في ترسيخ ثقافة السلام والحوار العالمي، منوها بجهود قطر ودعوة الجميع لمواصلة هذا التعاون لتحقيق هذا الهدف النبيل، مشددا على أن التراث غير المادي ليس مجرد ذكرى من الماضي، بل هو بوصلة للمستقبل تعلم المرونة والإبداع والعيش المشترك.
أخبار متعلقة :