من الاقتصاد إلى الدبلوماسية.. الدوحة وأنقرة توطدان الشراكة

الدوحة - سيف الحموري - تتميز العلاقات بين دولة قطر والجمهورية التركية بتاريخ طويل من التعاون الوثيق والشراكة الاستراتيجية، التي تزداد متانة مع الوقت، مدعومة بروابط أخوية عميقة وتفاهم مشترك حول القضايا الإقليمية والدولية.
وفي إطار تعزيز هذه العلاقات، بدأ فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان زيارة رسمية إلى الدوحة أمس، وسيستقبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، أخاه فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان في الديوان الأميري، لبحث العلاقات بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية، بالإضافة إلى استعراض أبرز القضايا الإقليمية والدولية الراهنة ذات الاهتمام المشترك.
تعميق الشراكة 
وتتزامن الزيارة مع انعقاد الدورة الحادية عشرة للجنة الاستراتيجية العليا القطرية-التركية، التي تُعد الآلية الرئيسية لتعزيز العلاقات الثنائية منذ تأسيسها عام 2014. وقد أسفرت الدورات السابقة عن توقيع أكثر من 100 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات الدفاع، التجارة، الاستثمار، والتعاون الأكاديمي. 
ومن المتوقع أن تشهد هذه الدورة توقيع اتفاقيات جديدة في الطاقة، الاستدامة البيئية، الرعاية الصحية، والمبادرات الثقافية والتعليمية، مع مراجعة الاتفاقيات السابقة ومناقشة أي قضايا عالقة، مما يعزز الشراكة ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون.
تُبرز الزيارة التزام البلدين بتعميق الشراكة الاستراتيجية، حيث أكدت الدورة العاشرة للجنة، التي عقدت في أنقرة نوفمبر 2024 برئاسة سمو الأمير وفخامة الرئيس أردوغان، على الروابط التاريخية والتفاهم المشترك. 
وأعرب الجانبان عن ارتياحهما لمستوى التعاون، مع التأكيد على هدف رفع حجم التبادل التجاري إلى 5 مليارات دولار أمريكي في المستقبل القريب. 
كما اتفقا على تفعيل اتفاقية الشراكة التجارية والاقتصادية لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية، وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتبادل الخبرات بين المؤسسات ومجتمعات الأعمال، بما يتماشى مع مذكرة التفاهم بين وزارتي المالية في البلدين.
وتطورت العلاقات القطرية-التركية منذ تأسيسها عام 1973 إلى شراكة استراتيجية شاملة، خاصة بعد الاحتفال بالذكرى الخمسين للعلاقات عام 2023. 
وتتجاوز هذه العلاقات الجوانب الاقتصادية لتشمل توافقاً سياسياً، لا سيما في دعم القضية الفلسطينية ومواجهة التحديات الإقليمية. 
وقد أظهر البلدان تضامناً قوياً في الأزمات، مدعوماً بالزيارات المتبادلة بين القادة والمسؤولين، والمنتديات والمعارض المشتركة. 
ويعكس هذا التضامن العلاقات الأخوية بين قيادتي وشعبي البلدين، مما جعلها نموذجاً يحتذى به في العلاقات الدولية.
اقتصادياً، تعد قطر من أكبر المستثمرين الأجانب في تركيا، حيث تدير استثمارات ضخمة عبر جهاز قطر للاستثمار، مثل حصة 49.9% في شركة BMC لصناعة المحركات والدبابات، ومشاريع مثل قناة إسطنبول. 
كما تشارك شركات تركية في السوق القطري في قطاعات العقارات، المقاولات، السياحة، التصنيع، الإعلام، التمويل، والتكنولوجيا. 
ويعزز وجود خطوط ملاحية مباشرة واتفاقيات تجارية نمو حجم التبادل التجاري بين البلدين.

Advertisements

تعاون ثقافي 
في المجال الثقافي، يبرز التعاون من خلال افتتاح المركز الثقافي «يونس إمره» في الدوحة عام 2015، واتفاقيات ثقافية وعلمية بين مكتبة قطر الوطنية ومكتبة الأمة التركية، إلى جانب افتتاح أول مدرسة تركية في قطر عام 2016. كما يشمل التعاون الأكاديمي منحاً دراسية وتسجيل 10 جامعات تركية في قائمة وزارة التعليم القطرية.
وتستضيف غرفة قطر وفوداً تجارية تركية بانتظام، مما يعزز التواصل بين القطاع الخاص في البلدين ويفتح المجال لاستكشاف فرص استثمارية جديدة.
وفي فبراير 2024، عقدت في إسطنبول الدورة الأولى للجنة التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، برئاسة وزيري المالية القطري والتركي، حيث تم استعراض مقترحات لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات الاقتصادية. وأكدت اللجنة على أهمية الإصلاحات الاقتصادية لتنويع اقتصادي البلدين، مما يعكس التزامهما المشترك بتحقيق التنمية المستدامة.
تؤكد هذه الزيارة والاجتماعات المصاحبة على متانة العلاقات القطرية-التركية، التي تمثل نموذجاً للشراكة الاستراتيجية القائمة على الأخوة والتضامن، وتعزز دور البلدين في دعم الاستقرار والتنمية على المستويين الإقليمي والدولي.

أخبار متعلقة :