الدوحة - سيف الحموري - نظمت متاحف قطر، اليوم، منتدى الشباب العربي الأول، تحت عنوان "تمكين الشباب العربي من أجل تراث مستدام"، اليوم، وذلك بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو"، وبمشاركة مسؤولين وخبراء ومختصين في مجال الآثار، بالإضافة إلى مجموعة من الشباب، يمثلون 22 دولة عربية.
ويهدف المنتدى، الذي يستمر ثلاثة أيام، إلى تمكين الشباب وطلبة الجامعات في العالم العربي من مجالات التراث وصون التراث الثقافي، وتعزيز مشاركتهم في صياغة رؤى مستقبلية تسهم في حماية التراث العربي واستدامته.
وسيُختتم المنتدى بإطلاق "إعلان الدوحة للشباب 2025"، بما يجسد رؤى وتطلعات الجيل الجديد من الباحثين العرب نحو مستقبل أكثر استدامة للتراث الثقافي، حيث سيمثل الإعلان دعوة مفتوحة لتوحيد الجهود بين المؤسسات الثقافية والأكاديمية في الوطن العربي، تأكيداً على دور الشباب في قيادة العمل الثقافي المستقبلي بروح الابتكار والمسؤولية.
وتأتي استضافة متاحف قطر لهذا الحدث، في إطار التزامها بدعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تعزيز الوعي بأهمية التراث الثقافي العربي، وحماية الموروث الإنساني المشترك، وبناء القدرات الوطنية في مجالات البحث الأثري والمحافظة على التراث.
وفي كلمة له خلال افتتاح أعمال المنتدى، أكد السيد محمد سعد الرميحي الرئيس التنفيذي لمتاحف قطر، أن المنتدى يعد خطوة استراتيجية نحو بناء وعي شامل بأهمية الاستدامة في حماية التراث الثقافي، لافتاً إلى أنه من خلال ورش العمل والجلسات النقاشية، سيتاح للشباب فرصة تبادل الأفكار والتجارب، مما يعزز قدرتهم على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
وأشار إلى أن استضافة متاحف قطر لهذا المنتدى، تتزامن مع احتفالها بمرور عشرين عاماً على تأسيسها، وأنه من خلال إطلاقها لحملة "أمة التطور"، على مدى ثمانية عشر شهراً، فإنها تكرم المسيرة الثقافية الحيوية، مع تجديد الالتزام بتشكيل مشهد ثقافي نابض بالحياة، بما ينسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030.
وقال الرئيس التنفيذي لمتاحف قطر إن المنتدى يسعى إلى تحفيز روح الابتكار والإبداع لدى الشباب، ليكونوا سفراء لثقافاتهم، ويعملوا على تطوير استراتيجيات فعالة للحفاظ على التراث الثقافي، الذي يُعَدُّ جزءًا لا يتجزأ من هويتنا العربية.
ومن جانبه، أوضح سعادة الدكتور محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" أن تنظيم المنتدى في دولة قطر، سيسهم في ترسيخ تقليد علمي شبابي يعزز دعم بيئة معرفية وثقافية حاضنة للباحثين الشباب ومحفّزة لهم على الإبداع والابتكار، انطلاقاً مما يوفره التراث العربي من فرص استثمارية واعدة.
وأكد أهمية المنتدى في تشكيل تجربة ثقافية ملهمة ورحلة فكرية متميزة، ومنطلقاً حقيقياً لإشراك الشباب في نقاشات استدامة التراث الثقافي وآفاقها، وما تتيحه من فرص وإمكانات، وما يتهدد طرائقها أيضاً من أخطار وتحديات.
وشدد على أهمية مواجهة ما يتعرض له التراث الثقافي من مخاطر، سواء كانت متصلة بالعوامل والكوارث الطبيعية المختلفة، أم ناتجة عن تدخل بشري بأشكاله العديدةِ والمتنوعة، أو بسبب الإهمال، ما يتطلب طرح مقاربات مختلفة من الباحثين والخبراء والمختصين، دون إغفال أدوار الشباب الجديدة في صياغته والمحافظة عليه.
ولفت إلى أن الاهتمام بالتراثِ الثقافي بصورة عامة، وفي علاقته بالشباب بصورة خاصة، ليس بالأمر الجديد على منظمة "الألكسو"، إذ سبق لها أن نظمت في العام الماضي، الملتقى الأول للباحثين الشباب في التراث الثقافي في الوطن العربي، بمشاركة 17 دولة عربية، وبحضور نخبة من خبراء التراث في الوطن العربي، للإشراف على تأطير الباحثين الشباب.
وبدوره، أكد الدكتور راشد علي الملهية رئيس قسم العلاقات الدولية في إدارة التعاون الدولي والشؤون الحكومية بمتاحف قطر، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن تنظيم منتدى الشباب العربي الأول، جاء بمبادرة من متاحف قطر، بالتعاون مع منظمة "الألكسو" من أجل تصميم منصة تُعنى بالشباب، لتكون صوتهم، ومعبرة عنهم، وذلك عبر تنظيم ورش للعمل، وجلسات نقاشية، تتناول كافة ما يتعلق بالحفاظ على التراث الثقافي، لإطلاع الشباب على آخر التجارب في هذا الشأن، ولقائهم بالمختصين.
وقال إن المنتدى يعد فرصة أيضاً للاستماع إلى مشاريع ومبادرات وأبحاث الشباب فيما يتعلق بالتراث الثقافي، بهدف إثراء التجربة بشكل متكامل، ما يعكس نجاح متاحف قطر في تحقيق أحد أهداف هذا المنتدى، بإشراك الشباب العربي من 22 دولة عربية، خلال هذا المنتدى، لأول مرة.
وأضاف أن هناك حرص على استمرارية هذه المبادرة، حتى لا تصبح آنية، ليتم تنظيم المنتدى على مدى دورات متتالية، لافتاً إلى أن أهم مخرجات المنتدى الحالي، إشراك الشباب في صياغة إعلان "شباب الدوحة 2025"، والذي سيحدد لهم خريطة طريق، تعمل على تفعيل دورهم الحيوي في إدارة التراث، وجعله ركيزة أساسية من ركائز التنمية، والاستراتيجيات الوطنية.
وأوضح أن الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الآثار والتراث الحضاري في الوطن العربي، والمقرر تنظيمها يوم الثلاثاء المقبل، ستخصص جلسة للاستماع إلى مبادرات وتجارب الشباب، فيما يتعلق بالحفاظ على التراث الثقافي، وتحقق الاستدامة في هذا الشأن.
وشهد منتدى الشباب العربي الأول، في يومه الأول جلستين، الأولى حملت عنوان "حماية وإدارة التراث الثقافي في الوطن العربي"، وتناولت أهمية التراث الثقافي وحمايته للبلدان العربية، بالإضافة إلى بحث العمل الأثري من الخمسين إلى الألفية، بجانب استعراض أهمية إدراج المواقع القطرية على سجل التراث المعماري والعمراني بالبلدان العربية، فضلاً عن تناول دور منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في حماية التراث الثقافي والطبيعي.
أما الجلسة الثانية، فجاءت تحت عنوان "تطوير وصياغة إعلان منتدى الشباب- الدوحة 2025"، وأدارتها الدكتورة فاطمة السليطي، مدير إدارة التعاون الدولي والشؤون الحكومية في متاحف قطر.
وتناول المتحدثون خلال الجلسة "التراث في قبضة الحرب"، في إشارة لما تعرضت له الآثار من محاولات لفقد ذاكرتها الحية في سوريا، إبان حكم النظام السابق، إلى جانب تناول التضليل البيئي في تسويق التراث، وبحث العلاقة التجارية بين خورفكان ومملكة هرمز في عهد السلطان سيف الدين نصرت 1272 - 1290م، بالإضافة إلى استعراض عمارة الحصن الكبير بمنطقة الريدة الشرقية في اليمن.
وينعقد منتدى "تمكين الشباب العربي من أجل تراث مستدام" على هامش الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الآثار والتراث الحضاري في الوطن العربي، تحت شعار "استدامة التراث الثقافي: التحديات والاستراتيجيات المستقبلية"، والتي سوف تستضيفها متاحف قطر بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو"، يوم الثلاثاء المقبل، على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة شركاء إقليميين ودوليين.
ويأتي تنظيم هذا المؤتمر في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز التعاون العربي في مجال حماية التراث الثقافي وصونه، وإيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه هذا القطاع الحيوي، بما يعكس التزام دولة قطر العميق بالحفاظ على التراث الإنساني بوصفه ركيزة أساسية للهوية الوطنية والعربية.
ويهدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على أهمية استدامة التراث الثقافي في ظل التغيُّرات البيئية والتكنولوجية والاجتماعية التي يشهدها العالم، مع العمل على تطوير استراتيجيات مستقبلية قائمة على الأساليب العلمية والممارسات المبتكرة، كما يسعى إلى تعزيز مكانة التراث كمصدر إلهام ومعرفة، ومحرك أساسي للتنمية المُستدامة.
ويركز المؤتمر على عدد من الأهداف المحورية، من أبرزها: معالجة التحديات البيئية والمُناخية والبشرية التي تؤثر على المواقع الأثرية والتراثية في العالم العربي، والإسهام في وضع رؤى واستراتيجيات طويلة المدى تضمن استدامة التراث الثقافي، ودعم التعاون العربي في مجال صون التراث وتبادل الخبرات بين المؤسسات الثقافية، وضمان بقاء التراث الثقافي علامة على الهوية والتاريخ، ومصدرًا للإلهام والإبداع للأجيال الحالية والمستقبلية.
أخبار متعلقة :