الدوحة - سيف الحموري - أكدت السيدة هالة جاد، الوزير المفوض ومدير إدارة المعلومات والوثائق في جامعة الدول العربية، أن الجامعة تعمل بشكل حثيث على حماية الذاكرة العربية واستعادة الأرشيفات المنهوبة، وفي مقدمتها الأرشيف الفلسطيني الذي تعرّض لعمليات تدمير ونهب ممنهجة، خاصة بعد العدوان الأخير على غزة.
وقالت جاد في تصريحات خاصة لـ «العرب» على هامش مشاركتها في احتفالية يوم الوثيقة العربية التي نظمتها مؤخرا دار الوثائق القطرية، إن القضية الفلسطينية كانت من أوائل الملفات التي شملتها الإستراتيجية العربية لاستعادة الأرشيفات المنهوبة، موضحة أن الهدف لا يقتصر على استرجاع الوثائق فحسب، بل تصحيح التاريخ الذي جرى تحريفه بعد أن استُغلت الوثائق الفلسطينية لتزييف الحقائق وتضليل الروايات التاريخية.
وأضافت أن اللجنة المعنية داخل الجامعة ليست لجنة استعادة فقط، بل هي لجنة تصحيح وإعادة نسب الإرث إلى أصحابه الحقيقيين، مشيرة إلى أن الجامعة تعمل حالياً على توثيق الخسائر التي لحقت بالمكتبات والمؤسسات الثقافية الفلسطينية ضمن قاعدة بيانات شاملة لحماية الذاكرة الفلسطينية والعربية.
وأوضحت السيدة هالة جاد أن جامعة الدول العربية شرعت في إعداد دليل عربي موحد يضم قوائم الأرشيفات والوثائق التي نُهبت أو سُلبت من مختلف الدول العربية، مثل فلسطين والجزائر والعراق، بالتعاون مع المجلس الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو).
وقالت إن الجامعة العربية تواجه تحديات قانونية وتشريعية معقدة في مساعيها لاستعادة الأرشيفات، إذ ما زالت بعض القوانين الأجنبية تمنع إعادة الوثائق الأصلية، لافتة إلى أن الجزائر لا تزال تسعى لاستعادة أرشيفها من فرنسا، والجامعة تساندها في الحصول على نسخ مصوّرة كحد أدنى.
وأكدت أن الإرادة السياسية والتعاون العربي هما السبيل الحقيقي لاستعادة الذاكرة العربية المنهوبة، مشيدة بتجارب تونس والمغرب والجزائر كنماذج ناجحة في هذا المجال.
وأشارت جاد إلى أن يوم الوثيقة العربية، الذي أقرّته الألكسو عام 2002، ويوافق السابع عشر من أكتوبر كل عام يُعد مناسبة سنوية لتسليط الضوء على أهمية الوثيقة في حفظ الهوية والذاكرة العربية، لاسيما في ظل ما تعرّض له التراث العربي من نهب خلال فترات الاستعمار.
وفي ختام تصريحاتها، نوّهت هالة جاد بوجودها في الدوحة لتعزيز التعاون مع دار الوثائق القطرية ضمن الإستراتيجية العربية الموحدة التي أطلقت مطلع هذا العام، مؤكدة أن «ذاكرة قطر جزء لا يتجزأ من الذاكرة العربية المشتركة»، وأن العمل جارٍ على إنشاء قاعدة جماعية للتنسيق بين دور الوثائق الوطنية في الدول العربية لخدمة التراث الوثائقي المشترك.
كما تعمل جامعة الدول العربية بشكل وثيق مع الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف ومع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) لتنفيذ آليات هذه الإستراتيجية، بما في ذلك إعداد دليل عربي موحد يتضمن حصرًا دقيقًا للوثائق والمحفوظات العربية الموجودة في الأرشيفات الأجنبية.
إن تضافر الجهود العربية المشتركة هو السبيل الوحيد نحو استعادة هذا الإرث التاريخي الثمين، وتعزيز الهوية الوطنية والقومية للأمة العربية من خلال حماية ذاكرتها وحفظ تراثها الوثائقي للأجيال القادمة.
أخبار متعلقة :