الدوحة - سيف الحموري - أصدرت إدارة البحوث والدراسات الإسلامية، في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، طبعة ثانية من كتاب: «الظاهرة الغربية في الوعي الحضاري.. أنموذج مالك بن نبي» للدكتور بدران بن مسعود بن لحسن.
وتتميز هذه الطبعة، التي تحمل الرقم (211) في سلسلة «كتاب الأمة»، بأنها منقحة، ومصححة، ومراجعة، وقد زيد عليها بعض الإضافات والأفكار، في ضوء ما طرأ من تغيرات في الساحة الثقافية الإسلامية والعالمية، منذ صدور طبعته الأولى، رقم (73)، قبل أكثر من ربع قرن من الزمان، في ديسمبر 1999م.
وأوضح الشيخ الدكتور أحمد بن محمد بن غانم آل ثاني، مدير إدارة البحوث والدراسات الإسلامية أن هذه الطبعة، تأتي تقديراً من الإدارة لأهمية الكتاب الثقافية، وقيمته الفكرية، وتزايد الطلب عليه والحاجة إليه، بعد أن نفدت طبعته الأولى، كما تأتي لتقدم قراءة فكرية معمّقة في العلاقة مع الغرب، عبر منظور حضاري إسلامي يوازن بين النقد والاستفادة، بعيدًا عن الانبهار أو الرفض المطلق؛ ليشكل بذلك إضافةً قيّمة للباحثين والمهتمين بقضايا الفكر الإسلامي والحضارة الإنسانية.
وأضاف: إن استدعاء تجربة المفكر الكبير مالك بن نبي- رحمه الله- وما قدّمه من تحليل دقيق لبنية الحضارة الغربية، يساهم في إحياء وإشاعة وعي حضاري متجدد، يعين الأمة على فهم موقعها في العالم، ويتيح لها إعادة بناء مشروعها النهضوي على أسس راسخة.
ويهتم الكتاب، الذي جاء في مقدمة وخاتمة وأربعة فصول (المنظور الفكري لمالك بن نبي- رحمه الله- المنظور الحضاري، أهم خصائص الظاهرة الحضارية الغربية، وخصائص المنهج) بدراسة الظاهرة الحضارية عمومًا، والظاهرة الغربية بوجه خاص، ومدى صلتها بالوعي الإسلامي والمشكلة الحضارية في العالم الإسلامي، من خلال العطاء الفكري لمالك بن نبي- رحمه الله-.
والمنظور الحضاري، إطارٌ كلي وتفسيري، يبحث في القانون العام الذي يحكم الظاهرة، دون الإخلال بالقضايا الجزئية، بل يجعلها تحت المنظور الكلي، الذي تُدرس وتحلل في إطاره.. ولكنه عند مالك بن نبي، ينهض على أساس الرؤية الإسلامية للكون والتكوين، والحقيقة الموضوعية، التي بث الله سننها في الآفاق، والأنفس، والتاريخ، والفعالية الاجتماعية التي تحقق الأفكار في واقع التاريخ، والعلم باعتباره تراكمًا للخبرة البشرية وتفاعلاً مع الوحي، ثم الذوق الجمالي، الذي هو الإطار الذي يحدد وجه الحضارة، وعنوان اتساقها مع سنة الإحسان، وبذلك فهو يقوم على خمسة أبعاد رئيسة، هي: مرجعية الوحي، والسننية، والفعالية، والجمال، والعلم.
ومن ثمّ، يهدف الكتاب إلى تعميق الوعي، وتأسيسه على قواعد بيّنة، وإعطائه مداه الواسع، حتى يتمكن المسلم من تحديد موقع الظاهرة الحضارية الغربية في مشروعه التجديدي، في سبيل تحقيق العودة إلى التاريخ وبناء الحضارة الإسلامية من جديد؛ لتمارس الأمة المسلمة دورها في القيادة والشهادة.
وفي ضوء ذلك، قدّم الباحث تعريفاً بالمنظور الفكري لابن نبي، وموقع الحضارة الغربية في فكـره، وكيـفية تحليله ودراسته لهذه الظـاهرة، وما قام به من تقديم لبعض المفاتيح التي تفتح الطريق لدراسة الظاهرة في عمقها، والتجاوز بعلاقتنا معها حدود المشاهدة والتقليد إلى آفاق التدبر والفحص والاستفادة والنقد والتجاوز أيضًا، فخلص إلى أن من أهم هذه المفاتيح، التي هي أهم خصائص الروح الحضارية الغربية المعاصرة: العالمية المركزية، والمادية، والفعالية، والنزوع الجمالي.
كما خلص إلى أن المادية تمثل محورًا مهمًا للحضارة الغربية، وخاصية أصيلة ومركزية لا يمكن تجاهلها لدارس الحضارة الغربية، فهي تنظم الميدان العلمي، وتشكل الرؤية التصورية للحياة والعالم والتاريخ.. فهي مذهب فلسفي يقدم تفسيرًا للكون والتكوين.
أخبار متعلقة :