بيئة متكاملة تعكس ثراء الطبيعة القطرية.. محمية الريم نموذج وطني لحماية البيئة وتحقيق الاستدامة

الدوحة - سيف الحموري - تنوعها بيولوجي وقيمة ثقافية وتاريخية غنية
مساحتها 1154 كيلومترا مربعا تعادل 10 % من إجمالي مساحة اليابسة في البلاد
تحتوي على أكثر من 85 نوعاً من النباتات وتضم أنواعاً مهددة بالانقراض مثل غزال الريم والمها العربي
محطة توقف رئيسية للطيور المهاجرة في مسارات الهجرة بين آسيا وأفريقيا   

Advertisements

 

تُعد محمية الريم للمحيط الحيوي التي تقع شمال غرب دولة قطر واحدة من أبرز المناطق البيئية المحمية في دولة قطر، وتتمتع بأهمية محلية ودولية نظراً لتنوعها البيولوجي الفريد وقيمتها الثقافية والتاريخية الغنية، بالإضافة إلى دورها الريادي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والحفاظ على الإرث الطبيعي والهوية البيئية لدولة قطر. وتمتد المحمية على مساحة تبلغ 1154 كيلومتراً مربعاً، ما يعادل قرابة 10% من إجمالي مساحة اليابسة في البلاد، حيث تغطي أجزاءً من ثلاث بلديات رئيسية هي الشمال والخور والذخيرة والشحانية. وأُنشئت المحمية بموجب القرار الأميري رقم (7) لسنة 2005 واعترف بها دولياً كمحمية محيط حيوي ضمن برنامج الإنسان والمحيط الحيوي التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في عام 2007 لتكون بذلك المحمية الأولى والوحيدة في دولة قطر المدرجة ضمن هذا البرنامج وواحدة من 36 محمية على مستوى العالم العربي وسبع فقط في منطقة الخليج العربي. وتبعد المحمية نحو 80 كيلومتراً من العاصمة الدوحة، ويمكن الوصول إليها عبر طريق دخان السريع، أو طريق الشمال السريع، وتضم ضمن حدودها عدداً من المناطق مثل زكريت والسويحلية وخوزان والجميلية والنعمان.

تنوع التضاريس
تتنوع تضاريس المحمية بشكل لافت، إذ تشمل السهول الحصوية، والسبخات المالحة، والمسطحات الطينية، والوديان الموسمية، والتلال والهضاب التي تميز منطقة بروق، وتصل الارتفاعات في بعض مناطق المحمية إلى نحو 48 متراً فوق مستوى سطح البحر، في حين تنتشر السبخات الساحلية ذات الطبيعة الملحية المنخفضة بالقرب من البحر، حيث تعيش فيها أنواع نادرة من النباتات الملحية، وتشكل هذه المعالم الجيومورفية نظاماً بيئياً متكاملاً يعكس غنى وتنوع البيئات القطرية الصحراوية والساحلية.
وتتسم المحمية بأهمية خاصة من حيث التنوع البيولوجي، حيث تُعد موئلاً طبيعياً لعدد كبير من الأنواع البرية والنباتية، فعلى مستوى الغطاء النباتي، تحتوي المحمية على أكثر من 85 نوعاً من النباتات، مما يجعلها من أكثر المناطق النباتية تنوعاً في منطقة الخليج العربي، خاصة بالنظر إلى حجمها، ومن أبرز النباتات الموجودة أشجار السمر، والعوسج، والعكرش، والسدر، والغاف، بالإضافة إلى أنواع ذات قيمة غذائية وطبية مثل العتر، الحوة، الذفراء، الجعدة والسنا والإذخر، كما تحتضن المحمية نبات الرقروق الذي يُعد مؤشراً بيئياً مهماً وموطناً لكمأة الصحراء.

الحياة الفطرية
أما من الناحية الحيوانية فتضم محمية الريم أنواعاً نادرة ومهددة بالانقراض مثل غزال الريم والمها العربي وكلاهما أعيد توطينه في المحمية في إطار برامج الحفاظ على الحياة الفطرية، كما تحتضن السهول الحصوية والزراعية والروض والوديان أنواعا متعددة من الثدييات الصغيرة مثل القنفذ الإثيوبي، والثعلب العربي، وعدة أنواع من القوارض، بالإضافة إلى الزواحف الصحراوية كالورل، والسحالي شوكية الذيل، وثعبان الحفاث غير السام.
وتُعد المحمية محطة توقف رئيسية للطيور المهاجرة في مسارات الهجرة بين آسيا وافريقيا، لا سيما في فصلي الربيع والخريف، حيث تضم المحمية طيوراً نادرة مثل طائر الحبارى المهدد بالانقراض، إلى جانب طيور الخرشنة، والنحام الكبير، والعقاب النساري، وبلشون الصخر، وصقر الغروب، والعديد من أنواع الطيور الجارحة والبرية، كما تؤوي السواحل القريبة من المحمية كائنات بحرية نادرة، من بينها سلاحف اللجأة صقرية المنقار، والسلحفاة الخضراء، والأطوم، والسلحفاة البحرية ضخمة الرأس، وجميعها مدرجة على قوائم الأنواع المهددة بالانقراض دولياً.

معالم المحمية
ومن أبرز معالم المحمية الطبيعية منطقة بروق الواقعة ضمن شبه جزيرة زكريت، حيث تنتشر التكوينات الصخرية الفريدة، والتلال المسطحة، والجروف الطبيعية التي شكلتها عوامل التعرية والرياح، وتُعد من أكثر المناطق الخلابة في الدولة. 
الروض في محمية الريم تمثل بيئة خصبة للنبات والحيوان خلال المواسم الممطرة، وتتحول إلى مروج خضراء تستقطب الزوار، كما تعد جزءاً لا يتجزأ من الثقافة القطرية، حيث يرتبط بنمط الحياة التقليدي للسكان المحليين الذين اعتمدوا على الروض كمصدر للمياه والرعي وموئل للحياة.
وفي عام 2016، أطلقت الجهات المعنية مشروعاً لإعادة تعريف المناطق البيئية داخل المحمية استناداً إلى مسوحات ميدانية شاملة، شارك فيها علماء وخبراء من داخل قطر وخارجها، حيث أسفر المشروع عن تحديث حدود المناطق الثلاث المعتمدة ضمن تصنيف اليونسكو لمحميات المحيط الحيوي، وهي، المنطقة المركزية وتبلغ مساحتها 256 كيلومتراً مربعاً، وتُخصص لحماية الأنظمة البيئية الأكثر حساسية، والمنطقة الآمنة وتبلغ 693 كيلومتراً مربعاً، وتُستخدم للبحوث العلمية، والتعليم، والمراقبة البيئية، بالإضافة إلى المنطقة الانتقالية وتمتد على مساحة 205 كيلومترات مربعة، وتسمح بممارسة أنشطة بشرية محدودة تخضع لمبادئ الاستدامة البيئية.

مشاركة المجتمع
وشملت عملية إعادة التصنيف أيضاً دمج بيانات مكانية حديثة تتعلق بالطبوغرافيا، والجيولوجيا، والتربة، ومواطن الحياة البرية، ومناطق التراث، وشبكات الطرق والبنية التحتية، لتحديد المناطق الحساسة بيئياً والمناطق القابلة للتنمية المستدامة، حيث أسهمت هذه الجهود في رسم خريطة حساسية استخدام الأراضي داخل المحمية، وتصنيفها إلى مناطق عالية ومنخفضة الحساسية.
وفي ظل هذه المعطيات، تواصل دولة قطر جهودها في دعم محمية الريم كنموذج بيئي متكامل، يجمع بين حماية الطبيعة، والحفاظ على التراث، وتعزيز مشاركة المجتمع المحلي، بما يعكس التزام الدولة بأهداف التنمية المستدامة، ورؤية قطر الوطنية 2030، في مجال البيئة والإرث الثقافي.

أخبار متعلقة :