الأمم المتحدة تطلق مبادرة عالمية جديدة لدعم الصحة النفسية للشباب

الدوحة - سيف الحموري - أطلقت الأمم المتحدة، على هامش مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية، المنعقد في الدوحة، مبادرة عالمية جديدة تعنى بالصحة النفسية للشباب، وتهدف إلى تعزيز الرفاهية الذهنية والنفسية للجيل الجديد، وتمكينه من مواجهة التحديات المتزايدة في عالم يتسم بعدم اليقين والتغير السريع.

Advertisements

وشهدت الفعالية عرض فيلم قصير تناول شهادات مؤثرة لشباب من مناطق مختلفة في العالم، عبروا خلالها عن تجاربهم مع القلق والخوف والعزلة وضغوط التوقعات الاجتماعية والأسرية، ودعوا إلى كسر الصمت المحيط بالصحة النفسية وجعلها أولوية في الخطط التنموية والمجتمعية.

وأكد المشاركون أن الصحة النفسية ليست رفاهية، بل ضرورة أساسية لبناء مجتمعات آمنة ومتماسكة، مشددين على أهمية إشراك الشباب في وضع الحلول وصنع القرار، وتوفير بيئة داعمة تمكنهم من التعبير عن أنفسهم وتجاوز الأزمات.

وأشار المتحدثون إلى أن المبادرة تسعى إلى تعزيز التعاون بين الحكومات والمؤسسات التعليمية ومنظمات المجتمع المدني لتوسيع نطاق الخدمات النفسية، وتدريب الكوادر المختصة، ودمج مفاهيم الصحة النفسية في المناهج التعليمية والسياسات العامة.

وفي هذا السياق، أكد السيد فيليبي باوليير الأمين العام المساعد لشؤون الشباب بالأمم المتحدة، أن إطلاق المبادرة من الدوحة يجسد إيمان المنظمة بأن الحديث عن الصحة النفسية والرفاهية هو في جوهره حديث عن التنمية الاجتماعية، وعن المجتمعات التي تعمل الأمم المتحدة على بنائها من خلال قيم الرعاية والتواصل والتعاطف.

وقال "إنه لشرف عظيم أن نكون هنا لنطلق هذه المبادرة، التي تمثل بداية لعمل كبير نأمل أن يسهم في بناء مجتمعات تدرج الرعاية في نسيجها الاجتماعي، وتعيد الثقة والأمل إلى الشباب حول العالم".

وأضاف أن الشباب في مختلف أنحاء العالم لا يطالبون فقط بتحسين خدمات الصحة النفسية، بل يدعون إلى تحويل الأنظمة ذاتها لتصبح أكثر شمولا وإنسانية، قائمة على الانتماء والأمل، مشيرا إلى أن غياب المرض لا يعني بالضرورة أن الشباب بخير، فالصحة النفسية تتجاوز العلاج لتشمل الكرامة والهدف والانتماء.

وأوضح باوليير أن المبادرة الجديدة تتبنى نهجا نظاميا وإيكولوجيا يركز على تمكين الشباب وإشراكهم في صياغة الحلول، من خلال بناء أنظمة تعليمية واجتماعية تدعم الإدماج والإبداع والرعاية في المدارس وأماكن العمل والفضاء الرقمي.

ولفت إلى أن بيانات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن واحدا من كل سبعة شباب يعاني من حالة صحية نفسية، فيما يظل الانتحار أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بينهم، مؤكدا أن هذه الأرقام تعكس الحاجة الملحة إلى تحرك جماعي يعالج جذور المشكلة.

وبين أن المبادرة تقوم على ثلاثة مبادئ أساسية؛ أولها أن الصحة النفسية حق من حقوق الإنسان وليست امتيازا، وثانيها أنه لا مستقبل بدون رفاهية، إذ تشكل الصحة النفسية أساس تحقيق السلام والتنمية المستدامة، أما ثالثها فهو أن الرعاية والتواصل والمجتمع هي الركائز الحقيقية لبناء مستقبل أكثر تماسكا .

وأشار إلى أن البرنامج يمثل تطبيقا لنهج الأمم المتحدة الموحد (One UN Approach)، بقيادة مكتب الأمم المتحدة لشؤون الشباب، وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، واليونيسف، واليونسكو، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، داعيا الحكومات ومنظمات المجتمع المدني إلى الانضمام لهذا الجهد الجماعي.

من جانبها، أكدت السيدة تاناتسوا شيكاورا، القائدة الشابة لأهداف التنمية المستدامة والناشطة في مجال الصحة النفسية، ومؤسسة مؤسسة نداينوي (Ndinewe Foundation)، أن إطلاق هذه المبادرة يمثل تحولا جوهريا من الحديث عن الصحة النفسية إلى العمل من أجلها.

وقالت في كلمتها "نحن نقول دائما إن الشباب ليسوا قادة الغد فحسب، بل هم قادة اليوم، وهذا ينطبق بالتأكيد على مجال الصحة النفسية والرفاهية للشباب، فلا يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة دون الصحة النفسية والرفاهية".

وأضافت أن الوقت قد حان لإعادة تأطير مفهوم الصحة النفسية بوصفها حقا أساسيا من حقوق الإنسان، مؤكدة ضرورة انتقال الشباب من مجرد البقاء على قيد الحياة إلى الازدهار في بيئات تضمن لهم الأمان والانتماء والتواصل.

ودعت شيكاورا إلى الاستثمار الفعلي في الصحة النفسية والرفاهية للشباب، وتوفير الموارد اللازمة لهم للازدهار، مشددة على أن الصحة النفسية مسؤولية مشتركة تتطلب مشاركة المجتمع بأكمله، من خلال إشراك الشباب في تصميم وتنفيذ السياسات والبرامج الموجهة إليهم.

وأكدت أن المبادرة الجديدة تبعث برسالة واضحة للعالم مفادها أن الوقت قد حان لتحويل الأقوال إلى أفعال، وللتعاون والاستثمار في المستقبل الذي يحتاجه ويستحقه الشباب.

واختتمت الفعالية بدعوة المجتمع الدولي إلى الاستثمار في برامج الصحة النفسية للشباب، باعتبارها ركيزة لتحقيق التنمية الاجتماعية الشاملة والمستدامة.