حال السعودية

أرامكو السعودية تُكثّف استثماراتها في الغاز الطبيعي لدعم مراكز الذكاء الاصطناعي المتعطشة للطاقة

أرامكو السعودية تُكثّف استثماراتها في الغاز الطبيعي لدعم مراكز الذكاء الاصطناعي المتعطشة للطاقة

الرياض - ياسر الجرجورة في الخميس 13 نوفمبر 2025 05:03 صباحاً - عزّزت أرامكو ، أكبر منتج للطاقة في العالم، جهودها لتوسيع استثماراتها في قطاع الغاز الطبيعي، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تلبية احتياجات المملكة المتزايدة من الطاقة، يأتي هذا التحول لدعم التوسع الهائل في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، والمناطق الصناعية، والمراكز الحضرية الجديدة، مما يمثل نقلة نوعية في تاريخ الشركة منذ تأسيسها.

مشروع الجافورة: ركيزة مستقبل الغاز في المملكة

تستعد أرامكو السعودية لإطلاق الإنتاج من حقل الجافورة العملاق، أحد أكبر حقول الغاز الصخري في العالم، والذي يُتوقع أن يُشكّل الأساس الرئيسي لخطط المملكة في تنمية قطاع الغاز، وصرّح أمين الناصر، الرئيس التنفيذي للشركة، بأن احتياطيات الحقل تبلغ نحو 230 تريليون قدم مكعب من الغاز و75 مليار برميل من النفط، بالإضافة إلى تركيزات مرتفعة من الإيثان، ما يجعله عنصرًا محوريًا في الصناعات البتروكيماوية.

استثمارات ضخمة وخطط توسع طموحة

منذ طرحها العام في عام 2019، استثمرت أرامكو السعودية ما يقرب من 100 مليار دولار في مشروعات الغاز. وتستهدف الشركة زيادة إنتاج الغاز بنسبة تتراوح بين 60% إلى 80% بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات 2021، وتشير التقديرات إلى أن هذه الخطط قد تولد تدفقات نقدية إضافية تتراوح بين 12 و15 مليار دولار سنويًا دون الحاجة إلى نفقات رأسمالية إضافية.

وأوضح الناصر أن الشركة نجحت في خفض تكاليف الإنتاج إلى ما دون أسعار الغاز المحلية في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن أرامكو تستخدم مياه البحر في عمليات التكسير الهيدروليكي حفاظًا على الموارد المائية العذبة في المملكة.

المنافسة الإقليمية على قيادة سوق الغاز

تأتي خطوة أرامكو السعودية في إطار سباق إقليمي متسارع نحو تعزيز إنتاج الغاز، إذ تتنافس المملكة مع كل من قطر والإمارات على تصدر سوق الطاقة في الشرق الأوسط، وتنتج قطر حاليًا ضعف إنتاج السعودية تقريبًا من الغاز، إلا أن الرياض تسعى بقوة لتقليص هذا الفارق عبر مشاريع ضخمة مثل الجافورة.

كما تعمل المملكة على تطوير شبكة متكاملة من محطات توليد الكهرباء العاملة بالغاز، بهدف تحقيق مزيج متوازن من الطاقة يجمع بين الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة بنسبة 50% بحلول عام 2030، ما يعزز من استدامة منظومة الطاقة الوطنية.

الغاز في خدمة التنمية الصناعية والذكاء الاصطناعي

يُعد التوسع في الغاز الطبيعي ركيزة رئيسية في خطة المملكة لجذب الصناعات الثقيلة والتكنولوجيا المتقدمة، وأوضح الناصر أن “السعودية تشهد طفرة صناعية غير مسبوقة تتطلب طاقة مستقرة ومنخفضة التكلفة”، مشيرًا إلى أن الغاز سيلعب دورًا رئيسيًا في تشغيل المصانع، ومراكز البيانات، ومشاريع البنية التحتية الرقمية التي تقودها تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وسيساهم الغاز والإيثان المستخرج من الجافورة في دعم قطاع البتروكيماويات وإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، ما يعزز مكانة أرامكو السعودية كمورد عالمي للطاقة المتكاملة.

تحديات وفرص مستقبلية

ورغم التفاؤل الواسع، حذر محللون من أن السوق المحلية قد تواجه تحديات في استيعاب الزيادة الكبيرة في إنتاج الغاز، وأشار خبير الطاقة في “ريستاد إنرجي” أديتيا ساراسوات إلى أن المملكة لم تبدأ بعد في إنشاء محطات تصدير الغاز الطبيعي المسال، وهو ما قد يتطلب تعديل الخطط الإنتاجية في بعض الحقول لاستيعاب كميات الجافورة.

نظرة مستقبلية

يمثل توجه أرامكو السعودية نحو الغاز الطبيعي أحد أكثر التحولات جرأة في تاريخها، إذ يجمع بين الرؤية الاقتصادية الطموحة والابتكار التكنولوجي المستدام، ومن المتوقع أن يسهم هذا المسار في تعزيز مكانة المملكة كقوة عالمية في مجال الطاقة، وداعم رئيسي للتحول الصناعي والرقمي خلال العقد المقبل.

Advertisements

قد تقرأ أيضا