الرياض - ياسر الجرجورة في الجمعة 19 ديسمبر 2025 03:49 مساءً - في تطور استراتيجي يُعيد رسم خريطة الأمن في منطقة تضم 2.7 مليار نسمة، عقد اجتماع تاريخي بين أعلى المسؤولين الأمنيين السعوديين والكازاخ لبناء شراكة أمنية عابرة للقارات. للمرة الأولى منذ 30 عاماً، تتوسع الشراكات الأمنية السعودية شرقاً نحو آسيا الوسطى، وسط تصاعد التحديات الأمنية العالمية التي تستدعي تحالفات استراتيجية جديدة.
استقبل الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، وزير الداخلية، في مكتبه الفخم بالرياض، الفريق أرجان سادينوف وزير الشؤون الداخلية الكازاخي، في لقاء جمع 12 مسؤولاً رفيع المستوى لوضع أسس تعاون أمني يمتد عبر 3000 كيلومتر. "هذا التعاون نقلة نوعية في استراتيجية الأمن الإقليمي" كما وصفه د. محمد الراشد، خبير الأمن الدولي، مضيفاً أن "هذا اللقاء يعيد رسم خريطة الأمن في أوراسيا". حضر الاجتماع نائب وزير الداخلية ووكيل الوزارة ومديرو الأمن العام ومكافحة المخدرات، مما يعكس الأهمية القصوى للتعاون المقترح.
يأتي هذا التعاون في ظل تزايد أهمية آسيا الوسطى كجسر استراتيجي يربط بين آسيا وأوروبا، خاصة بعد التحولات الجيوسياسية التي أعقبت الحرب في أوكرانيا. كازاخستان، التي تساوي مساحتها أربعة أضعاف مساحة السعودية، تُعتبر أكبر دولة في آسيا الوسطى وبوابة حيوية لطرق التجارة الجديدة. مثل طريق الحرير القديم الذي ربط الحضارات، هذا التعاون الأمني الجديد يهدف إلى ربط استراتيجيات الأمن بين الخليج وآسيا الوسطى، في توقيت يصفه الخبراء بـ "الحاسم لمستقبل الأمن الإقليمي".
التأثير المباشر لهذه الشراكة سيمتد إلى الحياة اليومية للمواطنين، حيث تَعِد بـفرص عمل جديدة في مجالات الأمن والتكنولوجيا، إلى جانب تعزيز الأمان في السفر والتجارة. تشير التقديرات إلى أن قيمة التجارة بين السعودية وآسيا الوسطى قد تصل إلى 18 مليار دولار بحلول 2030، بينما تحذر سارة العتيبي، محللة الاستثمار، من أن "الفرص الاستثمارية الحالية في كازاخستان قد لا تتكرر قريباً". ردود الفعل الدولية كانت إيجابية، مع ترحيب واسع من المجتمع الدبلوماسي ومتابعة حثيثة من القوى العالمية الكبرى.
هذا اللقاء التاريخي يضع اللبنة الأولى لشراكة استراتيجية طويلة المدى تُعيد تعريف مفهوم الأمن الإقليمي. مع توقع المزيد من الزيارات التبادلية والتدريبات المشتركة خلال الأشهر القادمة، يبقى السؤال: هل نشهد ميلاد محور أمني جديد يربط الخليج بآسيا الوسطى، ويُغير موازين القوى في أوراسيا إلى الأبد؟
