الرياض - ياسر الجرجورة في الاثنين 15 ديسمبر 2025 06:04 صباحاً - في قرار صادم أثار موجة من الغضب والقلق، فرضت المملكة العربية السعودية رسومًا جديدة تصل إلى 300 ريال لزيارة الأم لمدة 90 يومًا فقط، وهو ما يعادل راتب أسبوع كامل للعامل البسيط. هذا المبلغ الباهظ، الذي رفع التكلفة بنسبة 50%، وضع حاجزًا ماليًا قاسيًا بين ملايين المغتربين وأمهاتهم، في قرار مفاجئ لم تكن العائلات مستعدة له.
أحمد المصري، عامل في أحد مصانع الرياض، لا يخفي مرارته وهو يروي معاناته: "لم أرَ أمي منذ عامين، والآن أحتاج إلى دفع 400 ريال على الأقل لتأشيرة وتمديد واحد." القرار الجديد لم يرفع الرسوم فحسب، بل خفض مدة الإقامة المسموحة بنسبة 60%، مما يعني أن العامل البسيط سيدفع أكثر مقابل وقت أقل مع والدته. وفي مشهد مؤثر آخر، تحكي مريم، العاملة الفلبينية وأم لثلاثة أطفال، كيف "قضت 6 ساعات تحاول تعبئة النموذج الإلكتروني، ثم اضطرت لدفع 200 ريال إضافية لوسيط."
يأتي هذا القرار ضمن رؤية المملكة 2030 والتحول الرقمي، بهدف تنظيم سوق العمل وضبط الحركة، لكن تطبيقه المفاجئ خلق صدمة حقيقية في أوساط المغتربين. د. محمد العنزي، الخبير القانوني المتخصص في شؤون الإقامة، يؤكد أن النظام يهدف للتنظيم، لكنه يحتاج إلى مرونة أكبر في التطبيق. انخفضت معدلات الزيارات العائلية بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40%، بينما نمت السوق الخاصة بالخدمات الاستشارية بشكل كبير، مما يضيف عبئًا ماليًا إضافيًا على كاهل الأسر المكافحة.
التأثير لم يتوقف عند الحاجز المالي، بل امتد ليطال النسيج الاجتماعي للمغتربين بشكل مباشر. آلاف العائلات تواجه الآن خيارًا مؤلمًا: إما دفع رسوم تستنزف مدخراتهم، أو قبول فراق طويل عن الأمهات. فاطمة، أم أحمد في السبعين من عمرها، تنتظر رؤية ابنها منذ عامين وتعاني من ارتفاع ضغط الدم بسبب القلق والشوق. هذه المأساة الإنسانية تتكرر في آلاف المنازل، حيث تعيش الأمهات المسنات في انتظار مؤلم، بينما يعاني الأبناء من ضغوط نفسية ومالية متزايدة للحفاظ على الروابط العائلية.
وبينما يترقب ملايين المغتربين انفراجة قد تخفف هذه الأعباء الثقيلة، يقترح الخبراء ضرورة تقديم حلول أكثر إنسانية، مثل تخفيض الرسوم تدريجيًا أو منح فترات انتقالية للأسر محدودة الدخل. السؤال الذي يؤرق الجميع: هل سيصمد النسيج الاجتماعي أمام هذا الحاجز المالي القاسي الذي يفصل بين القلوب المشتاقة؟ الإجابة مرهونة بمدى استجابة صناع القرار لأصوات المتضررين ومعاناتهم الحقيقية.
أخبار متعلقة :